هل دخل لبنان أزمة تأليف الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس عمر كرامي؟ أم أن عقدة اسناد حقيبة وزارة الداخلية للوزير سليمان فرنجية، الذي أصر عليها مقابل اصرار رئيس الجمهورية إميل لحود على اسنادها الى صهره إلياس المر، ستجد طريقها الى حل خلال الساعات المقبلة؟ ما دفع الى هذا السؤال أن أوساطاً موالية للحكم أخذت تتوجس من جمود تأليف الحكومة التي كانت الأوساط نفسها تتوقع الانتهاء منها سريعاً، فيما راوحت الاتصالات أمس عند عقد عدة أهمها عقدة حقيبة وزارة الداخلية، التي أطرافها الثلاثة هم من أبرز حلفاء سورية: فرنجية الذي اشترط أن تسند اليه، الرئيس المكلف عمر كرامي الذي ألزم نفسه بارضاء فرنجية حين قال أن لا حكومة من دون فرنجية بعد أن لوح بالانتقال الى المعارضة اذا لم يُلبَ طلبه والرئيس إميل لحود الذي أصر على بقاء هذه الحقيبة في يد المر، على رغم أن الأخير كان أبلغ بعض الصحافيين مساء أول من أمس بأنه لن يكون مشكلة أمام تأليف الحكومة، مما أوحى باستعداده للتخلي عن هذه الحقيبة.راجع ص 8 وعلمت "الحياة" ان مسؤولين أجروا اتصالاً بالقيادة السورية لطلب المساعدة على معالجة العقدة إلا أن الجواب كان "لا تضعونا في موقف المفاضلة بين شخص وآخر والأفضل أن تتفاهموا بين بعضكم". وأمس قال وزير الإعلام السوري مهدي دخل الله في حديث الى إذاعة "صوت لبنان" أنه "لو كانت سورية مهيمنة على لبنان لعينت رئيساً للوزراء في 5 دقائق". وأوضح ان "هناك شعوراً عاماً في سورية بألا نتدخل في علاقات اللبنانيين الا اذا قادت هذه العلاقات الى توتر جديد في لبنان وهنا يكون لسورية دور مساعد للشعب اللبناني". وأكد ان "لا حاجة لسورية للتدخل بعدما بلغنا مرحلة من الاستقرار فيه". في هذا الوقت برز موقف جديد لرئيس "اللقاء النيابي الديموقراطي" المعارض النائب وليد جنبلاط الذي دعا أمام وفود زارته الى الاسراع في التحقيق في محاولة اغتيال النائب من كتلته مروان حمادة "وإلا التهمة لا تزال موجهة اليهم أي النظام الأمني اللبناني الذي وضعتُ عنده الجريمة...". وأضاف: "يريدون الاستغناء عن خدماتنا فلا مشكلة فنحن مرتاحون في المعارضة أكثر". وقال: "لا نقبل التهديد والتهويل وعليهم أن ينتبهوا الى ان هناك محاكم دولية ورأينا قادة سُحبوا الى هذه المحاكم مثل سلوبودان ميلوشيفيتش وغيره ممكن أن يُسحب ولم تعد الأمور مزحة..."، وقال: "لسنا مع التدويل لكننا لسنا مع العبث بأمن المواطن". وواكب مراوحة الاتصالات لحل عقدة الداخلية تخوف بعض الموالين من ان تؤدي الى أزمة سياسية بين لحود الذي يرفض التخلي عن حقيبة الداخلية وكرامي الذي يرغب في إسنادها الى فرنجية، نظراً الى حاجته الى تغطية مسيحية لحكومته العتيدة. وأبدى بعض الموالين القلق من أن يظهر العهد الممدد له عاجزاً عن تأليف حكومة تساعد على انطلاقة قوية للسنوات الثلاث الممددة له والتي أدت الى تأزم سياسي على الصعيدين الداخلي والخارجي، بعد أن اعتذر رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الاسبوع الماضي، عن عدم تشكيل الحكومة. وعمل كرامي أمس على تذليل عقد وعقبات أخرى، على رغم ارتباط بعضها بعقدة الداخلية التي تُبقي مصير بعض الحقائب معلقاً. فالداخلية إحدى الحقائب السيادية الأربع إضافة الى الخارجية والدفاع والمال التي تتوزع على الموارنة والسنة والشيعة والارثوذكس. فإن تبوأها المر، الارثوذكسي فرض الأمر توزيعاً لهذه الحقائب على الطوائف الأخرى، كذلك الأمر اذا اسندت الى فرنجية الماروني. وعليه، فإن عقدة الداخلية تجمد إسناد المال الى رياض سلامة الماروني أو الياس سابا الأرثوذكسي وصديق كرامي، أو الى أحد الشيعيين علي الخليل أو ياسين جابر. أما العقدة الثانية التي لم يتمكن كرامي من ايجاد حل لها فهي طلبه الى البطريرك الماروني نصرالله صفير أول من أمس تغطية تمثيل المعارضة المسيحية. ومع ان كرامي لم يطرح على صفير أسماء فإنه كان طلب الى عضوي "لقاء قرنة شهوان" النائبة نايلة معوض والنائب بطرس حرب وهما صديقان وحليفان انتخابيان له وشاركاه في "جبهة الإصلاح الوطني"، فإن صفير شكر لكرامي مبادرته لكنه أكد أن الأمر يتعلق بموقف "قرنة شهوان" وهو لا ينوب عنها. وأعلنت معوض وحرب مساء أمس انهما لا يستطيعان المشاركة في الحكومة وان هناك قضايا يجب التوافق عليها لدخول المعارضة في الحكومة، وان الاستعدادات التي طرحها كرامي لم تقترن باقتراح وفاق كامل. وأكدا على صدقية كرامي وتساءلا عما اذا "كانوا سيتركونه يعمل"... وعلمت "الحياة" أن كرامي اقترح توزير حليفه النائب السابق ألبير منصور لوزارة الإعلام خلافاً لاقتراح بقاء الوزير الحالي ميشال سماحة أو اسنادها الى ايلي الفرزلي. وقالت مصادر قريبة من كرامي أنه سيسعى الى تبديل في التمثيل الدرزي كي لا يأتي مستفزاً لجنبلاط، مقابل اصرار لحود على وزراء خصوم لزعيم "اللقاء الديموقراطي". كما ان كرامي يصر على تولي الرئيس حسين الحسيني حقيبة العدلية مقابل اقتراح توليها من قبل النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم. على صعيد آخر قالت مصادر رئيس الحكومة المستقيل رفيق الحريري أنه أبلغ كرامي موافقته على حصول حكومته على صلاحيات استثنائية على رغم ان كتلته لن تمنح الثقة للحكومة. وأبلغ الحريري لكرامي استعداده للمساعدة في أي موضوع أو مشروع مفيد للبلاد والوضع الاقتصادي لأننا لن نكون في المعارضة...