يفتقر التلفزيون السوري بقنواته الثلاث الى برنامج مسابقات حقيقي له جمهوره وجوائزه المحترمة أسوة بالبرامج التي تقدمها الفضائيات العربية. ويبدو ان القائمين على التلفزيون يحاولون ومنذ مدة انتاج برامج لها صفة ترفيهية مع إصباغ بعض من الفائدة التثقيفية تعويضاً ربما عن حجم الجائزة الرمزية كما هي الحال مع برنامجي "دقيقة للمشاهد" الذي تقدمه المذيعة هيام أبو سمرة و"سؤال ع الماشي" للمخضرم مهران يوسف. في البرنامج الأول لا يوجد جائزة بالمفهوم النقدي بل هناك أغنية أو مشهد مسرحي كوميدي يقدمه البرنامج ك"هدية" يختارها من يقدم جواباً صحيحاً عن سؤال تطرحه المذيعة في الشارع أو المطعم أو الجامعة. ويختص الثاني بطرح سؤال محدد في كل حلقة عن سبب تسمية حي أو منطقة أو ضيعة سورية يزورها المذيع، وللفائز جائزة رمزية تصل الى نحو 2000 ليرة سورية 40 دولاراً وقد تختصر الى نصف هذا المبلغ أو ربعه بحسب عدد الفائزين. والمصيبة إذا ربحت "الضيعة" كلها الجائزة مما يؤدي الى حجبها! النموذج الثالث وهو طارئ ومحصور بالأعياد كبرنامج "الثانية تحكي" الذي قدمته القناة الثانية في التلفزيون خلال عيد الأضحى ويبدو أكثر سخاء نسبياً، فعلى رغم تواضع مبلغ الجائزة الواحدة في مقابل أسئلة سهلة عن أغنية أو مسلسل يتم الاجابة عنها عبر الهاتف مع المقدمتين حلا العطار وسلام الفيل. القاسم الأبرز بين تلك النماذج يكمن في غياب التمويل الكافي كما يظهر في مبالغ الجوائز المقدمة وب"التقشف" والبدائية في الديكور والتأثيث على حساب البذخ والفخامة التي باتت سمة أساسية للعمل التلفزيوني وبالأخص في برامج المسابقات، إذ يتحول الاستديو الى نقطة جذب أخرى للمشاهدين تتنافس المحطات في ما بينها على إظهار الأكثر فخامة وترفاً. والعوامل السابقة على رغم أهميتها تبقى مساعدة وإضافية مقارنة بفكرة البرنامج وحيويته وشخصية الإعلامي وموهبته في الشكل الأجمل والأكثر قدرة على جذب المشاهد. وإذا كان المشاهد السوري لا يتوقع مقدماً متميزاً من بين المذيعين الموجودين في التلفزيون حالياً، إلا ان ذلك لا يمنع من البحث عن موهوبين ودفعهم نحو التخصص في هذا المجال وكل المجالات التلفزيونية الأخرى. وفي كل الأحوال ستكون التجربة أفضل من المفاجآت التي يقع بها المشاهد عندما يجد المذيع السوري قادراً على التصدي لكل البرامج بدءاً من الأخبار وحتى المنوعات وحفلات اليانصيب والندوات الفكرية! والحال هذه ربما تفسر حجم النجاح الذي حققه برنامج "أمل بعض الإفطار" إذ استعان التلفزيون السوري بالفنانة أمل عرفة التي أعطت البرنامج نكهة مختلفة مع انه، بصرف النظر عن تسميته، يعد تقليداً سنوياً درجت على تقديمه مذيعات التلفزيون. الجوانب السابقة متداخلة تداخلاً وثيقاً على رغم تباينها ظاهرياً، فالدعم المالي لأي برنامج مسابقات يوفره المعلن وهذا بدوره يهمه حجم المشاهدة. وجماهيرية البرنامج لا تأتي هكذا من برامج أعدت لمجرد تنفيذ خطة موضوعة. ان نجاح برنامج المسابقات يبدأ من المعد وحرفية المقدم التي تجذب أصحاب الفاعليات الاقتصادية، والحال هذه دفعت الشركات الراعية لبرنامج "أمل بعد الافطار الرمضاني" نحو 5 ملايين ليرة سورية 100 ألف دولار جوائز الى المشاهدين كما يؤكد محمد الصفدي رئيس دائرة الاعلان المرئي في مؤسسة الإعلان، شاكياً في الوقت ذاته من أن اكتظاظ الطلب على الاعلان ضمن المسلسلات المحلية الرمضانية خصوصاً، يلغي بعض الاعلانات. ويذكر مثلاً مسلسل "بقعة ضوء" الكوميدي. فعلى رغم أن مدة كل حلقة ثلث ساعة فإن مدة الإعلانات التي تعرض قبله وخلاله وبعده تصل الى نصف ساعة من الزمن!