ما زالت عجلة الدستور العراقي متوقفة عند العوائق ذاتها التي عرقلت قبل أيام توصل قادة الكتل السياسية الى اتفاق نهائي، ما قاد الى تعديل قانون ادارة الدولة للحصول على مهلة جديدة، تنتهي في 22 الشهر الجاري لانجاز الدستور، في وقت رشحت معلومات عن التوصل الى آلية جديدة قد تقود الى تقريب وجهات النظر خلال الساعات ال72 المقبلة. وعقد قادة الكتل السياسية الرئيسة أمس اجتماعاً وصف بالحاسم لتحديد الآلية الجديدة التي علمت"الحياة"أنها تتضمن اسلوب تقديم تنازلات"متوازنة"من الجهات الرئيسة المسؤولة عن الصياغة النهائية لمسودة الدستور، في ما يخص قضايا الفيديرالية وحق تقرير المصير وقانون الأحوال الشخصية ودور المرجعية الدينية. وقال صلاح الدين نورالدين، عضو اللجنة الكردية لمفاوضات رؤساء الكتل السياسية، إن الخلاف على مطالبة الأكراد بحق تقرير المصير، قد يجد حلاً خلال المحادثات الحالية. وأشار الى ان الجانب الأميركي المطلع على سير المفاوضات"لم يستوعب"أهمية"حق تقرير المصير بالنسبة الى الأكراد، تماماً كما فعل العرب". واشار الى محاولات لايجاد صيغة بديلة"لا تثير الحساسيات"لدى باقي الأطراف. ويكرّس زلماي خليل زاد، السفير الأميركي في بغداد، جلّ وقته في متابعة المفاوضات، ونقل آخر التطورات الى واشنطن التي حضت الزعماء العراقيين على الانتهاء من صوغ الدستور في موعده الجديد، في وقت يتابع الرئيس جورج بوش ما يجري في العراق، من مزرعته في تكساس حيث يقضي اجازته السنوية. وقالت مصادر في"الائتلاف الموحد"الشيعي ل"الحياة"إن متغيرات طرأت على موقف كتلة"الائتلاف"منذ تأجيل بت الدستور، خصوصاً في ما يتعلق بفيديرالية الجنوب، التي طالب بها رئيس الكتلة عبدالعزيز الحكيم وأيدتها شخصيات سياسية ودينية شيعية. وأكدت المصادر ان الساعات الأولى من صباح اليوم، قد تشهد انفراجاً دستورياً في هذه القضية، بعدما"وافق المفاوضون الشيعة على التخلي عن مطالبتهم بفيديرالية للوسط والجنوب، في مقابل ثلاثة تنازلات، أولها تعديل صيغة حق تقرير المصير للأكراد، بما يلغي هذا الحق أو يؤجله لعشرين سنة على الأقل، والثاني هو زيادة صلاحيات المحافظات في ظل نظام حكم لامركزي إداري، يقترب في اختصاصاته من الفيديرالية، والتنازل الثالث يتضمن تعديلات على قانون الأحوال الشخصية بما يضمن دوراً أكبر لرجال الدين، بالإضافة الى الاصرار على منح حصانة لمرجعية النجف، تضمن لها اصدار الفتاوى الالزامية رسمياً، وانشاء مجلس لصيانة الدستور، مشابه لنظيره في ايران. وكانت محافظة الديوانية جنوباً شهدت أمس تظاهرات حاشدة طالبت بعدم اثارة النعرات الطائفية في كتابة الدستور، ورفعت شعارات تندد بالفيديرالية"الطائفية"التي"تفتت الوطن"، وأطلقت الشرطة عيارات نارية في الهواء لتفريق المتظاهرين. وأكد بيان ل"التيار الوطني الديموقراطي"في المدينة أن الوضع هناك ما زال متأزماً في ظل غياب الخدمات وتفشي الفساد الحكومي ومحاولات"تكريس النعرات الطائفية دستورياً". ويحاول العرب السنّة الضغط باتجاه تكريس أساسيات يعتبرون التنازل عنها محظوراً، ومنها رفض حق تقرير المصير ودور المرجعية الدينية والفيديرالية، بالإضافة الى دعم دور السلطة المركزية. وهم يلوحون بقدرتهم على رفض الدستور عبر الاستفتاء الشعبي الذي يتيح ذلك لغالبية الثلثين من كل ثلاث محافظات، في حال نفذ الأكراد والشيعة تهديداتهم باقصاء العرب السنّة من معادلة صوغ الدستور، وعرضت مسودته النهائية على الجمعية الوطنية من دون التوافق المطلوب. وهذا ما لوح به ليث كبة الناطق باسم رئيس الوزراء في حديث الى قناة"الحرة"، داعياً الى اقرار الدستور"ضمن السقف القانوني والسياسي الأدنى"، في اشارة الى احتمال تجاوز مواقف مجموعة العرب السنّة التي اضيفت لاحقاً الى لجنة الدستور العراقي. صالح المطلك الناطق باسم المغيّبين داخل اللجنة الدستورية قال ل"الحياة"إن"اهمال المغيبين السنّة لن يكون عملياً بسبب قدرتهم على حشد الجماهير لرفض الدستور عبر الاستفتاء".