ترافق افتتاح قمة القارة الاميركية في مار ديل بلاتا شرق الارجنتين مع تظاهرات مناهضة للرئيس الاميركي جورج بوش الذي يواجه صعوبات داخلية وعزلة في اميركا اللاتينية، حيث يثير مشروعه لاقامة منطقة للتبادل الحر انقسامات عميقة بين الدول ال34 المشاركة. وأقر الرئيس الاميركي بذلك خلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الارجنتيني نيستور كريشنر أشاد خلاله بتجاوز بلاده انهيار اقتصادي تعرضت له بين عامي 2001 و2002، معلناً أنه"من غير السهل استقبالي". وكانت الارجنتين حشدت حوالى ثمانية آلاف عنصر أمن لمناسبة القمة التي اعتذر رئيسا بنما وهندوراس عن عدم المشاركة، ولم يدرج الزعيم الكوبي فيدل كاسترو على لائحة المدعوين باعتبار انه لا يرئس حكومة ديموقراطية. وتظاهر أكثر من عشرة آلاف نقابي ومدرس وأعضاء في حركات"بيكيتيروس"المهمشون اجتماعياً تحت المطر في شوارع مار ديل بلاتا مرددين"بوش الفاشي انت الارهابي". وفضل نجم كرة القدم الارجنتيني السابق دييغو مارادونا عدم السير في التظاهرة بعد حصول تدافع لدى وصوله الى محطة القطارات حيث كان ينتظره المئات من أنصاره والصحافيين. وتجمع نحو40 ألف شخص في استاد المدينة بحضور مارادونا الذي استقبل بالتصفيق الحار بعدما طلب منه الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز"قول بعض الكلمات"، فهتف بالجموع :"أحبكم. الارجنتين فخورة بكم. يجب طرد بوش". وألقى تشافيز كلمة استمرت ساعتين ونصف الساعة متهماً الولاياتالمتحدة بانها تريد اجتياح بلاده، وأضاف"في حال اجتاحت الامبريالية فنزويلا ستبدأ حرب المئة عام". ووصل تشافيز الى مار ديل بلاتا معلناً عزمه على"دفن"منطقة التبادل الحر في القارة الاميركية التي اقترحتها الولاياتالمتحدة عام 1994، علماً ان المشروع يواجه معارضة من دول تعتبر حليفة لواشنطن مثل البرازيلوالارجنتين، اذ تشير الى غياب التزامات كافية من قبل الولاياتالمتحدة في شأن فتح الاسواق الزراعية. وتؤيد الولاياتالمتحدة والمكسيك وكندا ودول اميركا الوسطى والكاريبي وتشيلي معاودة المفاوضات حول منطقة التبادل الحر بدءاً من السنة المقبلة. ووجه بوش انتقاداً مبطناً لتشافيز وقال انه"يحكم على الزعماء بناء على استعدادهم لحماية المؤسسات من أجل اقامة مجتمع ديموقراطي قابل للنمو". وأرادت الارجنتين ادراج موضوع الفقر كأحد المسائل الرئيسة على جدول أعمال القمة. وسجلت اميركا اللاتينية العام الماضي نمواً قياسياً بلغ نحو 5.5 في المئة من دون ان تتمكن من تخفيف حدة الفقر الذي يطاول 220 مليوناً من أصل عدد سكانها البالغ 512 مليوناً. وأعلن وزير خارجية كوبا فيليبي بيريز روك ان بوش حصل في مار ديل بلاتا على الاستقبال الذي"يستحقه فهو الرئيس الاقل شعبية في تاريخ الولاياتالمتحدة امام الرأي العام العالمي". وكان روك يتحدث في سانتا كلارا 300 كلم الى شرق هافانا حيث نظمت الحكومة الكوبية يوماً ضد الحصار الاقتصادي الاميركي على الجزيرة المفروض منذ 43 عاماً، وعشية التصويت بعد غد في الجمعية العامة للامم المتحدة على قرار في شأنه. واعتبر روك ان تظاهرة مار ديل بلاتا"هي التعبير عن شعور أميركي لاتيني واسع جداً برفض الرئيس بوش لانه يجسد الشعور الحربي". وشارك وفد من حوالى 300 كوبي في التظاهرة في الارجنتين من بينهم رئيس البرلمان ريكاردو الاركون ووزير الثقافة ابيل بريتو، اضافة الى فنانين مثل سيلفيو رودريغيز ومثقفين ورياضيين. واندلعت مواجهات بين مئات من المتظاهرين المتشددين والقوى الامنية، وذلك بعدما تجمع حوالى 300 متظاهر على طول الاسلاك المعدنية العالية التي وضعتها الشرطة لعزل المكان الذي يجتمع فيه زعماء القمة. ورشق هؤلاء الشبان الذين يعارضون بقوة السياسة الاقتصادية الاميركية والحرب على العراق، رجال الشرطة بالحجارة. وقد ردت قوات الامن بإلقاء القنابل المسيلة للدموع ما ادى الى تفريق المتظاهرين وانتشارهم في الشوارع المجاورة. وجرح حوالى 20 شخصاً وأوقف 74 متظاهراً. وهاجم المتظاهرون الغاضبون الذين ينتمون الى حزب العمال تروتسكي والحزب الشيوعي الثوري ماوي، فرع شركة تليفونكا الهاتفية الاسبانية وثلاثة فروع لمصارف لم يمكن معرفتها لان حواجز من الخشب والحديد رفعت على واجهاتها. واحترق فرع مصرف"بانكو غالاسيا"كلياً بعد ان رمى المتظاهرون زجاجة حارقة عليه وعمل رجال الاطفاء على اخماده بعدما أخلي موقتاً. ولحقت اضرار ايضاً بنحو 15 متجراً معظمها مرتبطة باستثمارات أجنبية او نهبت من قبل المتظاهرين. وقطعت محطات التلفزيون الاميركية الاخبارية برامجها لبث صور"التظاهرات المعادية لأميركا".