قبل 48 ساعة من استئناف الكنيست الاسرائيلية أعمالها بعد عطلة دامت ثلاثة أشهر، بدأت لعبة شدّ الحبل في الحلبة السياسية التي يصعب على المعلّقين في الشؤون الحزبية التكهن بنتائجها، مع ملاحظتهم الدائمة أنه في مثل أوضاع اسرائيل لا توجد حتميات. ويبدو أن الدورة الشتوية الأخيرة للكنيست الحالية ستكون صاخبة لإدراك نوابها أن نشاطهم سيحسم مسألة مستقبلهم السياسي قبل عام من الموعد المقرّر للانتخابات البرلمانية المقبلة. وكما في الدورة الصيفية السابقة، سيكون زعيم حزب"ليكود"الحاكم رئيس الحكومة ارييل شارون"تحت رحمة"جناح"المتمردين"في الحزب المعارضين سياسته والساعين لإسقاطه. وعلى رغم الانقسام الذي شهده هذا الجناح منذ أحبط شارون محاولة إطاحته، إلا أن ثمانية من"المتمردين"ال13 أعلنوا في الأيام الأخيرة أن معركتهم ضد شارون ستتواصل وأنهم لن يصوتوا الى جانب اقتراحه تعيين القائم بأعماله ايهود اولمرت وزيراً للمال والنائبين زئيف بويم وروني بارؤون وزيرين جديدين في الحكومة. ويرى"المتمردون"في تعيين الأخيريْن المعروفين بولائهما لشارون"رشوة سياسية"ومكافأة على دعمهما الانسحاب من غزة. وأفادت اذاعة الجيش أن 61 نائباً في الكنيست من مجموع 120 سيصوتون ضد التعيينات الجديدة في مقابل 55 نائباً يؤيدونها، ما ينذر بضعضعة الائتلاف الحكومي، علماً أن المعركة الأصعب التي تعتبر مصيرية ستكون في الشهرين المقبلين على مشروع الموازنة للعام المقبل. وفي مسعى الى استمالة المعارضين، دعا شارون نواب الحزب الأربعين وعائلاتهم الى مأدبة عشاء مساء غد في منزله في القدسالمحتلة بقصد"تعزيز العلاقات"، لكن عدداً من النواب وعلى رأسهم بنيامين نتانياهو أعلن أنه لن يلبي الدعوة وأن"لا مكان لاحتفالات مصطنعة". وكان شارون عقد في الأيام الأخيرة اجتماعات مع عدد من معارضيه في الحزب ودعاهم الى"العودة الى أحضان الحزب لنثبت أننا قادرون على إدارة دفة الأمور في الدولة". وهدّد مجدداً بأنه لن يقبل باستمرار الوضع الذي صوّت فيه المعارضون ضد الحكومة في الكنيست وقال إن من شأن ذلك أن يقسّم"ليكود"، ملمحاً من جديد الى احتمال انسلاخه عن الحزب وخوض الانتخابات على رأس لائحة جديدة تنافس"ليكود"بزعامة نتانياهو. الى ذلك، يتابع شارون التطورات في حزب"العمل"الشريك في الائتلاف الحكومي حيث أخذت الأجواء تسخن مع اقتراب انتخابات زعامة الحزب في التاسع من الشهر المقبل. وتحتدم المعركة أساساً بين أقوى مرشحيْن، زعيم الحزب الحالي شمعون بيريز، وزعيم نقابة العمال عمير بيرتس. وبعدما بدا أنها ستحسم لمصلحة الأول، بث معسكره في اليومين الأخيرين مخاوف من مفاجأة قد يسجلها بيرتس المعروف بقوة جهازه التنظيمي. ويبدو أيضاً أن معسكر بيريز كان وراء اشاعة بأن بيرتس سينسحب من المعركة سرعان ما تبين أن لا أساس لها من الصحة. وليس خافياً أن شارون يتمنى الفوز لصديقه وشريكه بيريز الذي أعلن أخيراً أن لا نية له بالانسحاب من الحكومة، متجاهلاً تبريره السابق دخولها بدعم مشروع شارون للانسحاب من غزة. في المقابل، يكرّر بيرتس في كل مناسبة أن القرار الأول الذي سيتخذه سيكون مغادرة الحكومة على خلفية سياستها الاقتصادية المتقشفة التي تمس أساساً بالعمال الذين يتزعم نقابتهم وبالشرائح الضعيفة عموماً.