فيما توجت الصحف العبرية كافة رئيس الحكومة ارييل شارون"منتصراً"وخصمه اللدود بنيامين نتانياهو خاسراً على خلفية تصويت الكنيست أول من أمس بغالبية 67 نائباً ومعارضة 45 وامتناع 7 على خطة الفصل التي وضعها الأول وحاول الثاني اجهاضها في اللحظة الأخيرة، اعترف كبار المعلقين بصعوبة التكهن بالتطورات التي ستشهدها الدولة العبرية في المستقبل المنظور، من دون استبعاد ان تحول دون ترجمة خطة الفصل الى لغة الفعل. واختزل احد المعلقين الرد على السؤال"ماذا بعد"بالقول انه اذا كان صعباً التكهن بما سيحصل في اسرائيل بعد نصف ساعة، فيستحيل توقع ما سيكون بعد 14 يوماً، أي بعد المهلة التي منحها حزب"مفدال"وأربعة من كبار الوزراء لشارون ليقبل باجراء استفتاء شعبي حول الخطة. وتمحورت التعليقات في الساعة الأخيرة التي سبقت التصويت على الخطة أول من امس و"المؤامرة التي حاكها نتانياهو"للانقلاب على شارون ثم تراجعه وجماعته عن التهديد بالتصويت ضد الخطة إذا لم يحصل على موافقة فورية من شارون. ووصفت الصحف تصرف نتانياهو ب"الجبن"و"التأرنب"وهاجمته بكلمات قاسية لتذكره بأوصاف كانت أطلقتها عليه أثناء رئاسته الحكومة 1996 - 1999 مثل"المتهور"و"الصبياني"و"الأرنب". ورأى بعض المعلقين ان"تآمر"نتانياهو سيكلفه ثمناً باهظاً ويضعف فرصه التي بدت أكيدة للعودة الى سدة الحكم. في المقابل، حظي شارون بعبارات مديح على"صلابته وتصميمه وعدم خنوعه تحت الضغط"وعلى ابدائه قدراً كبيراً من القيادة والزعامة ليحقق انتصاراً باهراً"ليس على متمردي ليكود فحسب، انما أساساً على بيبي"وهو اسم الدلع لبنيامين للايحاء بأن نتانياهو ما زال"صبيانياً"فضلاً عن معنى الكلمة بالانكليزية طفل. ويكتب ناحوم بريناع في"يديعوت احرونوت"ان حلاوة النصر الذي حققه شارون تكاد تجعله ينسى حقيقة ان"المتاعب بدأت الآن. المعارضة له ولخطته شديدة للغاية أُضيفت اليها الآن رغبة الوزراء الذين أهينوا بالثأر. خلال اسبوعين قد يبقى من دون ائتلاف، من دون وزراء بارزين، بلا حزب أو قد يضطر الى الانجرار الى استفتاء أو انتخابات ويخسر كل شيء". ويتابع المعلق ان شارون قد يجد ان لا مناص من الرضوخ وتحديداً اذا أقرت كتلة حزبه البرلمانية الاقتراح باجراء استفتاء"وفي حال استخف بالقرار فإنه بذلك سيخترق السد الأخير أمام الانشقاق، لكن من جهة ثانية فإن فرص تحقيقه فوزاً في الاستفتاء ليست كبيرة، فالاستفتاء المولود بالاكراه سيأتي بمعارضي الخطة اساساً الى صناديق الاقتراع". ويرى المعلق بن كسبيت في"معاريف"ان شارون فاز بالغلة كلياً"لقد انتصر... حقق غالبية يهودية لخطته وغالبية في ليكود وأذل نتانياهو وحسن صورة زعامته واثبت انه من السابق نعيه". ويضيف ان الخيار الأفضل المتاح لشارون الآن هو استغلال الزخم و ضم"العمل"الى حكومته، خصوصاً ان زعيم هذا الحزب شمعون بيريز مستعد لدخولها من دون حقيبة:"الآن عليه الحسم وأمامه الفرصة ليدفع نتانياهو ثمن سلوكه". لكن المعلق في الشؤون الحزبية في الصحيفة شالوم يرون عالمي يرى ان مهمة شارون ليست باليسيرة وان استقالة نتانياهو ورفاقه الثلاثة ليمور لفنات ويسرائيل كاتس وداني نافيه، من الحكومة ستقود حتماً الى انقسام"ليكود"، لكن"هذه المرة سيكون في جانبي المتراس الأشخاص الأكثر نفوذاً في الحزب". ويعتقد المعلق ان شارون الذي مرر في الكنيست قراراً تاريخياً بالخروج من غزة"ابتعد في الواقع عن القدرة على تحقيقه"وانه لن يكون قادراً، في ظل انهيار حكومته وتفكك حزبه، على مواصلة الدرب والتقدم الى أمام. ويكتب المعلق في الشؤون السياسية في"هآرتس"ألوف بن ان شارون الذي حقق الانتصار في معركة مهمة، ما زالت تنتظره معارك كثيرة، على حد قول قريبين منه، يواجه الآن الخيار بين السيئ والأسوأ والأقل منطقاً. ويضيف ان السؤال الأبرز الآن هل اجتازت خطة الفصل، بعد تصديق الكنيست عليها، نقطة اللاعودة حقاً وهل الانسحاب من غزة وشمال الضفة الغربية غدا حقيقة ناجزة مهما يحصل من تطورات. ويلخص المعلق العقبات في طريق شارون بأربع هي اقرار قانون تعويض المستوطنين المنوي اجلاؤهم، ثم اتخاذ الحكومة في آذار مارس المقبل قراراً بالإخلاء الفعلي ثم الأزمة الائتلافية المحتدمة - ويعتبرها اكثر القضايا الحاحاً، فاحتمال تراجع شارون عن خطته بحجة"الارهاب". ويخلص الى الاستنتاج بأن الطريق الى تطبيق خطة الفصل ما زالت طويلة. وتختزل صحيفة"يديعوت احرونوت"السيناريوهات المتوقعة في ثلاثة: - انتخابات مبكرة وهو الاحتمال الأقوى، أي ان يتوجه شارون الى الرئيس الاسرائيلي، حتى قبل تنفيذ"مفدال"ونتانياهو ورفاقه تهديدهم بالاستقالة، بطلب حل الكنيست واجراء انتخابات جديدة. لكن، تضيف الصحيفة ان ثمة مجازفة في ذلك، اذ ليس اكيداً البتة فوز شارون في الانتخابات الداخلية في ليكود بزعامة الحزب التي قد يقتنصها نتانياهو. - استفتاء عام: شارون يرضخ للضغوط ويقبل بالاستفتاء خصوصاً بعد فوزه الكاسح في التصويت على خطة الفصل، وهكذا يضمن استقرار ائتلافه الحكومي. - حكومة وحدة: شارون، مدعوماً من مؤيديه في"ليكود"، يتوجه الى"العمل"و"شاس"و"يهدوت هتوراة"لإقامة ائتلاف حكومي بديل، لكن"العمل"سيشترط انضمامه بتنفيذ الفصل بسرعة. في المقابل، ليس اكيداً ان يحظى ائتلاف كهذا بغالبية برلمانية، خصوصاً في حال استقال نتانياهو وحشد غالبية في"ليكود"ضد خطوة كهذه.