كومبيوتر محمول يقل سعره عن مئة دولار. وصمم ليتخصص في مساعدة تلامذة المدارس في العالم الثالث. لا يحتاج الى مصدر كهربائي خارجي، ولا الى بطارية. وتتكفل آلة ميكانيكية يدوية تزويده بالطاقة الكهربائية لمدة اكثر من ساعة كاملة، في كل مرة استعمال، أي ما يزيد عن زمن الحصة الدراسية. انظر الغرافيك المرافق: كومبيوتر محمول رخيص لخدمة العالم الثالث. انتجه مختبر الاعلام في "معهد ماساشوستس للتكنولوجيا"الذي يترأسه نيكولاس نيغروبونتي. وقد بُدء في انتاجه قبل اسابيع قليلة. ويُفترض ان تصل السوق 15 مليون وحدة منه في العام المقبل. ويشترط صناعه على الدول التي تريد شراءه، التعاقد على مليون وحدة على الاقل. واذا نجحت تلك الخطوات الاولى، فقد يُنتج منه 150 مليون وحدة في العام 2007. ومن المتوقع كذلك ان ينخفض سعره الى ما دون المئة دولار، وهو مبلغ قد لا يتوافر للكثير من عائلات العالم الثالث. وليس جديداً مفهوم تزويد الأجهزة الالكترونية بالكهرباء من اجهزة ميكانيكية. والحال ان الكومبيوتر المحمول الرخيص يستند الى خبرة الراديو في هذا المجال. ففي تسعينات القرن الماضي، تمكن العالم البريطاني تريفور بايليس من صنع راديو يعمل بواسطة آلة تُعبأ باليد. ونال انتشاراً قوياً في المناطق الريفية في جنوب افريقيا. ولذا، يُفترض بهذا الكومبيوتر ان يُعطي الفرصة لمئات الملايين من التلامذة في العالم الثالث للذهاب الى المدارس، مزودين بكومبيوتر. وليس فريداً من نوعه. سبق لمهندسي الكومبيوتر في الهند، التي تعتبر من عمالقة صناعة المعلوماتية عالمياً، اطلاق جهاز مماثل يحمل اسم"سمبيوتر" Simputer. ويختصر اسمه كلمتي"سمبل"Simple، وكومبيوتر Computer. إذن، المقصود ان يشير اسمه الى"الكومبيوتر السهل". ويجمع بين الكومبيوترين، ان كلاهما يعمل بنظام التشغيل المفتوح المصدر"لينوكس" Linux. ويتجنب كلاهما نُظم الكومبيوتر المتكاملة والمُغلقة المصدر، مثل نظام"ويندوز"Windows. ومن المعلوم ايضاً ان نُظم التشغيل المفتوحة المصدر ارخص من الانظمة التقليدية. ويزيد في رخص سعر الكومبيوتر، تزويده بشاشة من الكريستال السائل، مصنوعة من مواد رخيصة الثمن، تعطي صوراً وبيانات باللونين الأبيض والأسود. وزوّد بقرص صلب يعمل بتقنية"فلاش"، على رغم ان سعته لا تتجاوز غيغابايت، مما يزيد من انخفاض تكلفته ايضاً. وزود بمنافذ عدة من نوع"يو اس بي"USB، مما يجعله متلائماً مع ادوات التخزين، ومفاتيح الاتصال الاسلكي مع الانترنت عبر شبكات"واي فاي". وساهم محرك التشغيل"غوغول"في صنعه، عبر توفير برنامج يمكن اكثر من كومبيوتر من الاتصال بالانترنت عبر خط واحد. الانترنت امام تحدي الجمهور المتوسّع تطرح الكومبيوترات الرخيصة، مثل النوعين المذكورين، تحدياً من نوع خاص على الشبكة الدولية للكومبيوتر. ثمة جمهور كبير، ومن نوع مختلف عن الجمهور الراهن، يستعد للقاء الانترنت ودخول عالمها. أي اثر سيتركه هذا الجمهور، على شبكة ما زالت بين يدي جمهور الدول الصناعية الأغنى في العالم؟ لا يسهل العثور على جواب لذلك السؤال. ولعل من المجدي البدء باستعراض الوقائع الراهنة عن حال الشبكة الالكترونية الدولية. أنشئ الإنترنت في الاصل ليستفيد منه الجامعيون والعسكريون. ويستعمل راهناً لتصفّح الشبكة الدولية، وتبادل الرسائل الإلكترونية، بقدر استعماله لإجراء مكالمة هاتفية أو بثّ أفلام الفيديو او غيرها من اهداف الترفيه العام. وبهدف تكييف الشبكة العالمية مع هذه الاستعمالات الجديدة، يحاول الباحثون تطويره بصورة تدريجية. تضمّ شبكة الإنترنت اليوم ما يقارب 65 مليون موقع. ويزورها يومياً أكثر من بليون مستخدم في العالم. ويمثل الأمر نوعاً من الانتصار! فما زالت الشبكة تعتمد على تقنيّات قديمة نسبياً. ومثلاً، يعود بروتوكول التواصل الأساسي في الشبكة، المعروف باسم"تي سي بي/ آي بي"TCP/IP، إلى سنة 1978. في الواقع، تصل الإنترنت إلى حدودها القصوى تدريجاً، وبالتالي، فانها مرشحة باستمرار لتصبح شيئاً"بالياً"! يتّفق مؤسسو الإنترنت على القول إنّها قد لا تحتمل الوظائف الجديدة التي تتطور باستمرار. وقد لا يجدي الاعتماد كلياً على اجراءات من نوع تحسين متصفحات الانترنت مثل"اكسبلورر و"نيتسكيب"وغيرهما ومحركات البحث مثل"غوغول"و"وانادو"و"التافيستا"وغيرها، التي تمثل اساساً في وصول الجمهور الى الشبكة الالكترونية العالمية. وكذلك قد لا تفي خدمات مثل التعليم من بعد وبثّ أفلام الفيديو ذات التقنية العالية والطبّ عن بعد وغيرها، او حتى تطوير ادوات الاتصال مع الشبكة مثل الخوادم والهاتف والراديو وشبكات"واي فاي"للاتصال اللاسلكي مع الانترنت وغيرها. الانترنت ليست للجميع بدءاً من العام 2010 يزيد في هذا التحدي، الذي يفرضه التوسع المستمر لجمهور متنوع باستمرار، الاحساس العام بان الانترنت قد تصبح اكثر"نخبوية"مستقبلاً! ويبدو هذان العنصران، توسع الجمهور ونخبوية الشبكة، متعارضين. ويقول جان- ميشال بلانش، رئيس منظمة"فينغ"FING تضم مجموعة من الخبراء المهتمين بشؤون الانترنت التي تراقب باستمرار تطوّر الشبكة:"لبناء إنترنت المستقبل، ينبغي أن نتخيّل كيفية استعماله. وتكمن الإجابة في الصوت والفيديو والاتجاه نحو الحوسبة المتنقلة". ولكنّ لا مجال لتغيير جذري مفاجئ. ينبغي أن يكون التطوّر تدريجاً لترك المجال مفتوحاً أمام الجميع، بما في ذلك جمهور البلوغرز الذي لم يكن بالحسبان عند انطلاق الشبكة، لتكييف منتجاتهم. لذا، فقد بدأت مرحلة تطوير بطيئة لبروتوكول"تي سي بي/ آي بي"TCP/IP الذي يدير عمليات انتقال المعلومات على الانترنت, ويحدد عناوين مستخدميها ومواقعهم. وتعطي النسخة المستخدمة راهناً من هذا البروتوكول نحو 4.29 بليون عنوان مختلف. وبدءاً من العام 2010، لن يتوافر ما يكفي من العناوين للجميع. نتيجة لذلك، يتمّ إرساء النسخة 6 من بروتوكول"تي سي بي/ آي بي"TCP/IP على الشبكة، والذي يقدر على اعطاء اضعاف الرقم السابق. وقد يمثل"البث المباشر"للانترنت الى الجمهور احد الاختيارات المستقبلية. فقد صممت الشبكة اصلاً لتخدم عمليات التواصل بين شخص وآخر، من دون أيّ قيود تتعلّق بمهلة الإرسال. وتنطبق هذه المعايير تماماً على الرسالة الإلكترونية، التي مثلت أولى الخدمات على الإنترنت. وفي البريد الالكتروني، يبعث المرسِل بالرسالة إلى شخص أو أكثر. ولا تؤثّر مهلة وصول الرسالة، وقد تتراوح بين ثانية وبضع دقائق، سلبياً على سير الخدمة. غير أنّ بثّ برنامج تلفزيوني، على سبيل المثال، قد يتضمّن متطلّبات أخرى. لا مجال لأن"تعلق"صور متعددة من البثّ في ازدحام الحركة الالكترونية على الشبكة. ويقتضي الأمر أن يتمّ البثّ مباشرة، مما يستلزم سرعة إرسال عالية. ولكنّ السرعة لا تكفي. إذ ينبغي أن تكون الشبكة قادرة على إرسال كمية كبيرة من المعلومات في الوقت ذاته، مما يعني أنّها يجب أن تملك شريط إرسال مهماً. وأخيراً، يجب أن يُحسّن انتقال المعلومات ليتمكّن مرسل واحد من البثّ نحو المئات، فكيف بالأحرى ملايين المرسلين! والأرجح أن جمهوراً متوسعاً، عبر الكومبيوتر الرخيص مثلاً، يلزمه شبكة تتجاوز الانترنت التي نعرفها راهناً. وقد تمثل تقنيات البث المباشر، مثل ما تفعله بعض شركات الخلوي اليابانية، او ربما عبر تقنية مثل"واي ماكس"، حلاُ. وتحتاج هذه الأمور الى مزيد من النقاش.