يعاني"فن السيراميك"في العراق أزمة من ابرز مظاهرها توقف فنانيه عن العمل. والسبب هو: انقطاع التيار الكهربائي، ما يهددّ هذا الفن بالاحتجاب وعدم المشاركة في معارض الفنون التشكيلية حتى تنتهي"أزمة الكهرباء"في البلد، أو يجد الفنانون حلاً آخر لأنفسهم. وعندما سُئل أحد أبرز فناني السيراميك اليوم في العراق، الفنان ماهر السامرائي، عن أسباب عدم إقامته أي معرض لأعماله منذ نحو سنتين، قال:"إن هذه الفترة كانت بالنسبة إليَّ، ولزملائي الآخرين، فترة توقف عن العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي". وأضاف:"إن العمل في فن السيراميك يحتاج، في الأقل، إلى اثنتي عشرة ساعة متواصلة من الامداد الكهربائي بحكم ما يتطلبه هذا الفن من عمليات متابعة يجب أن يكون"فرن الخزّاف"فيها متوقداً، وبتواصل، بحسب ما تتطلبه العملية، وبدرجات حرارة عالية جداً. وهذا ما لا يتوافر لنا اليوم مع حالات"القطع المبرمج"للتيار الكهربائي، بحيث لا تتجاوز عملية الامداد اكثر من ثماني ساعات كل 24 ساعة". ويضيف زميله الفنان تركي حسين - أُستاذ فن الخزف في اكاديمية الفنون الجميلة في بغداد - موضحاً:"إننا في عملنا هذا لا يجدي معنا المولّد الكهربائي، فهو فضلاً عن كونه لا يستطيع الاستمرار في العمل مدّة طويلة، كالتي يتطلبها عملنا، فإنه"غير اقتصادي"، إذ إن الكلفة التي تتحقق لأي عمل ننجزه من هذا الطريق تكون أعلى بأضعاف مضاعفة عنها في الحالة الاعتيادية". وعما إذا كان هذا السبب قد عطلهم، كفنانين، عن العمل، قال ماهر السامرائي إنه حاول تنفيذ بعض الاعمال خارج العراق من خلال"مشاغل"بعض زملائه هناك. إلاّ أنها - كما يؤكد -"كانت قليلة، ومحدودة، والغاية منها المشاركة في بعض المعارض التي أُقيمت هناك.. لكي لا نغيب كلية عن الساحة الفنية". في هذا الوقت يبدي غير فنان من المتخصصين في هذا الفن الذي يصفونه بالمتميز عراقياً بما له من منجز وبما عرف من حركة تطور خشيتهم من أن"يؤثّر هذا العامل - الذي لا يَدَ لهم فيه، كما قال أحد الفنانين - في تأخر العملية الفنية في مجال الخزف"، موضحاً"أن عمل"الخزاف"هو في المواصلة والاستمرار، وفي تمرين اليد والعين والفكر على العمل. فإذا انقطعت هذه كلها مرّة واحدة فإن التأثير الناجم عنها سيكون سلبياً، بلا شك... خصوصاً أن التواصل في العملية الفنية سيتوقف". ويضيف الفنان محمد زناد - وهو مدير إحدى اشهر قاعات العرض في بغداد:"إن هذا الفن الذي دخل العراق في صورته الحديثة العام 1956، مع مجيء الفنان القبرصي الكبير"فالنتينوس"إلى بغداد، وتأسيسه أول قسم خاص بهذا الفن في معهد الفنون الجميلة، ومن بعد ذلك في اكاديمية الفنون الجميلة. وأصبح، على مدى نحو نصف قرن، فناً له تقاليده الخاصة به. وأصبح لنا منجزنا الفني الكبير، بحيث اصبحت"معارض الفنون"التي تقام داخل العراق وخارجه لا تخلو من حضور متميز لهذا الفن إلى جانب أعمال الرسم والنحت.. هذا الفن - للأسف - يعاني اليوم"أزمة"ويعيش"حالة توقف"قد تنعكس سلباً عليه وعلى فنانيه إذا استمرت مدّة أطول فإذا رهنا حلّها بحل"مشكلة الكهرباء"في البلد، فإن ذلك قد يستدعي ثلاث سنوات أخرى، بحسب التقديرات المعلنة رسمياً في قطاع الكهرباء". أحد مدرسي هذا الفن في معهد الفنون الجميلة يعقب على هذه"التساؤلات القلقة"، وهو يجد"القلق مشروعاً"فيها، ويقول:"هذه هي أعقد مشكلة نواجهها اليوم". إلاّ أنه، هو الآخر، يتساءل:"ما دامت الحال هذه، فهل نكتفي بتدريس"الجانب النظري"من العملية الفنية و"نؤجل"الجانب العملي، وهو الأهم؟".