كشف مسح لمؤسسة"منشورات المصارف المركزية"، صدر أمس، عن تحول أكثر من نصف عدد المصارف المركزية في العالم من الاحتفاظ باحتياطاتها من النقد الاجنبي بالعملة الاميركية الدولار الى العملة الاوروبية الموحدة اليورو، ما سيُشكل ضغطاً اضافياً على الدولار ويحد من قدرة الادارة الاميركية على تمويل العجز الهائل في موازنتها وحسابها الجاري. وشمل المسح، الذي أُجري برعاية"رويال بنك اوف سكوتلاند"، 65 مصرفاً مركزياً تتحكم بأصول بنحو 1.7 تريليون دولار. وكشف ان 39 مصرفاً مركزياً بدأت في العامين الاخيرين زيادة موجودات اليورو في احتياطاتها النقدية، وان 29 مصرفاً بدأت التخلي عن الدولار في احتياطاتها الاجنبية. وقدّر 70 في المئة من مديري احتياطات المصارف المركزية، التي شملها المسح، ان أسواق النقد والدين الاوروبية اصبحت في مثل وضع الجاذبية والتنافسية للسوق الاميركية. كذلك توقع 47 في المئة من مديري الاحتياطات النقدية في المصارف المركزية تباطؤ نمو الاحتياطات الرسمية من النقد الاجنبي الى اقل من 20 في المئة في السنوات الاربع المقبلة. وكانت تلك الاحتياطات ارتفعت في الفترة من 2000 الى 2004 بنسبة 66 في المئة. ومن شأن تراجع نمو الاحتياطات النقدية في المصارف المركزية، والتحول الى العملة الاوروبية، ان يحد من قدرة واشنطن على تمويل عجز الموازنة الذي وصل العام الماضي الى نحو 500 بليون دولار، في حين تجاوز عجز الحساب الجاري 650 بليون دولار. وفي نهاية عام 2003 كانت المصارف المركزية حول العالم تحتفظ بنحو 70 في المئة من احتياطاتها في شكل اصول دولارية، وهي عبارة عن اصول مقومة بالعملة الاميركية او سندات خزانة اميركية، ساهمت في تمويل اكثر من 80 في المئة من عجز الحساب الجاري الاميركي عام 2003. ومع توقع وصول عجز الحساب الجاري الاميركي الى ما يقارب 700 بليون دولار السنة الجارية، ستحتاج الولاياتالمتحدة اكثر الى الاستدانة من الخارج لتمويل ذلك العجز. وكان رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي الان غرينسبان حذر في وقت سابق من ان اعتماد الولاياتالمتحدة على الاستدانة الخارجية لتمويل العجز له حدود، ولا يمكن المغالاة في الاعتماد على استمراره مضموناً. وكرر محررو المسح الاخير تحذيرات غرينسبان، وقال أحدهم، نيك كارفر:"لا يمكن للولايات المتحدة ان تضمن دعم الدولار من قبل المصارف المركزية لدول العالم باعتباره امراً مسلماً به، والواضح ان شغف المصارف المركزية بالدولار يخبو تماماً". واضاف هؤلاء:"يبدو ان اليورو بدأ يتبوأ مكانته، كما ان تعامل المصارف المركزية مع احتياطاتها من النقد الاجنبي اصبح اكثر فاعلية وهي تبحث عن افضل عائد على احتياطاتها". وتأكيداً على تغير التوجه في التعامل مع الاحتياطات الرسمية، قال اكثر من 90 في المئة من مديري الاحتياطات في المصارف، التي شملها المسح، ان"العائدات من ادارة الاحتياطات اصبحت في غاية الاهمية". ومع تراجع الدولار بأكثر من 7 في المئة العام الماضي، وفقدانه اكثر من ضعف تلك النسبة منذ عام 2002، بدأ مديرو الاحتياطات في المصارف المركزية حول العالم البحث عن افضل وسيلة تحقق اكبر عائد. وأصبحت العملة الاميركية اقل جاذبية لهؤلاء المديرين، اذ تراجع العائد عليها، وفي بعض الاحيان قدّرت العائدات الحقيقية بالسالب. وفي سوق العملات في بداية تعاملات الاسبوع امس الاثنين رويترز، تراجع الين أمام اليورو بعدما تخلى المستثمرون عن رهاناتهم على أن السلطات الآسيوية ستترك عملاتها ترتفع بعد اجتماع مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى الاسبوع المقبل. وتباين سعر الدولار، واستقر أمام الين وانخفض أمام العملات الاوروبية، مع ترقب السوق لدلائل جديدة على اتجاه أسعار الفائدة الاميركية. ويجتمع واضعو السياسات من دول مجموعة السبع، واقتصادات ناشئة رئيسية مثل الصين، في لندن يومي الرابع والخامس من شباط فبراير المقبل. وحض واضعو السياسات الاوروبيون آسيا، خصوصاً الصين، على ترك عملاتها ترتفع للمشاركة في تحمل عبء انخفاض الدولار. لكن التوقعات بأن ينجح الاجتماع في تحقيق تغير سريع في سياسات آسيا، تبددت بعدما هون رئيس الوزراء الكندي بول مارتن من امكان ذلك. وقال مارتن انه ضغط على المسؤولين الصينيين لاطلاق حرية تداول اليوان المرتبط بالدولار، لكنه أقر بأن العمل التحضيري لذلك يجب أن يستكمل أولاً. وأبلغ الصحافيين في هونغ كونغ:"لا أطالب بتعويم العملة في الصين غداً". وانخفض سعر الين الى 134.35 ين لليورو، واستقر أمام الدولار عند 102.70 ين. وارتفع اليورو بنسبة ربع نقطة مئوية أمام الدولار ليسجل 1.3084 دولار. وتتطلع السوق الى دلائل عن اتجاهات سعر الفائدة الاميركية، وكذلك الى تفاصيل عن خطة واشنطن لمعالجة عجز الموازنة، وهو أحد العوامل التي دفعت الدولار الى الانخفاض على مدى ثلاث سنوات. ومع استمرار ضعف الدولار، واصل الذهب ارتفاعه في بداية تعاملات الاسبوع، وتحدد سعره في جلسة القطع الصباحية في لندن عند 427.60 دولار للاونصة، ارتفاعاً من 423.30 دولار في جلسة القطع المسائية الجمعة.