على امتداد شوارع فسيحة تختزل هدوء مراكش، وعبر الآفاق التي تلوح من صومعة مسجد الكتبية الشهير الذي يقارن بالخيرالدا في الأندلس، خص سكان مراكش استقبالاً حاشداً للعاهل الاسباني خوان كارلوس وعقيلته الملكة صوفيا اللذين بدآ أمس زيارة دولة الى المغرب هي الأولى منذ عام 1979، والوحيدة منذ اعتلاء العاهل المغربي الملك محمد السادس عرش بلاده عام 1999. وعلى رغم الطابع البروتوكولي لزيارة من هذا النوع فإن مرافقة وزراء الخارجية انخيل موراتينوس والتنمية ماغدالينا الفارسي والثقافة كارمن كالفو العاهل الاسباني، اضافة الى مسؤولين آخرين، يدفع في اتجاه ان محادثات زعيمي البلدين ستركز على الملفات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية في ضوء التحسن الملحوظ في علاقات البلدين منذ مجيء الاشتراكيين الاسبان بزعامة خوسيه لويس ثاباتيرو الى الحكم في آذار مارس الماضي. ويعول المغاربة على التفاهم القائم بين العاهل الاسباني ورئيس وزرائه لناحية اعطاء دفعة جديدة لعلاقات الصداقة القائمة، خصوصاً ان الملك محمد السادس كشف النقاب أنه كان على اتصال دائم مع العاهل الاسباني، حتى ابان فترات الأزمات الصعبة التي اعترت علاقات البلدين وتحديداً على خلفية أزمة جزيرة ليلى في صيف 2002، واختلاف المواقف ازاء قضية الصحراء وتداعيات ملفات الصيد الساحلي والهجرة غير الشرعية ووسائل ترسيم الحدود البحرية. ولاحظت المصادر أن زيارة العاهل الاسباني إلى المغرب تأتي على خلفية تحركات مماثلة للديبلوماسية والبرلمان الاسبانيين في اتجاه الجزائر، انطلاقاً من مقولة وزير الخارجية موراتينوس الذي يدعو إلى شراكة استراتيجية لبلاده مع بلدان الضفة الجنوبية للبحر المتوسط تكون محور تعاون وتنسيق مع فرنسا، ما يعني أن مبدأ المنافسة الذي كان قائماً بين باريس ومدريد ازاء مناطق النفوذ التقليدي في شمال افريقيا يراد استبداله بأكبر قدر من التعاون، لا سيما في مواجهة تزايد النفوذ الأميركي في المنطقة. لكن اسبانيا على رغم ابدائها المزيد من التفهم لصوغ الحل السياسي لنزاع الصحراء الذي يسمم أجواء المنطقة، فإنها تراهن على جذب الولاياتالمتحدة لتصور بديل ترعاه الأممالمتحدة. ولهذه الغاية سبق لمسؤولين اسبان أن زاروا تيندوف، جنوب شرقي الجزائر، واجتمعوا مع قيادة"بوليساريو"مرات عدة لاستكشاف الموقف من دعوة سابقة لعقد اجتماع رباعي يضم المغرب والجزائروفرنساواسبانيا. وكان لافتاً في السياق ذاته ان الوسيط الدولي الفارو دي سوتو بدأ زيارات استكشافية لمهمته بعد استقالة الوسيط السابق جيمس بيكر من اسبانيا للدلالة على دورها المتزايد في جهود حل النزاع. ومن المقرر ان يزور العاهل الاسباني البرلمان المغربي ويلقي خطاباً في المناسبة يعرض الى أهمية الديبلوماسية النيابية وآفاق تفعيل العلاقات بين المؤسسات.