بدأ العاهل المغربي الملك محمد السادس امس زيارة لنيويورك يشارك خلالها في أعمال الدورة ال59 للجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن المقرر ان يوجه خطاباً الى المنظمة الدولية يعرض فيه آخر تطورات قضية الصحراء والوضع الاقليمي في منطقة شمال افريقيا. كما سيجتمع مع عدد من رؤساء الدول الاجنبية والعربية. ولا يرجح ان يلتقي محمد السادس الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة على رغم المساعي التي بذلت لتحسين علاقات البلدين. وسبق لزعيمي البلدين ان التقيا على هامش اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي، وأقرا خطة للتعاون في الحرب على الارهاب وتجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية. لكن موقف الجزائر التي قابلت قرار المغرب الغاء التأشيرات على الرعايا الجزائريين بموقف متشدد بدا مؤثرا في مسار علاقات البلدين. ولم يفلح التوجه القائم لجهة فصل ملف العلاقات الثنائية في نزاع الصحراء في احراز التقدم الكافي. وينظر اكثر من مراقب الى ان اعتراف جنوب افريقيا ب"الجمهورية الصحراوية" التي أعلنتها جبهة "بوليساريو" قوض مساعي الانفراج في منطقة شمال افريقيا، خصوصاً ان المغاربة يعتبرون ان جيرانهم الجزائريين كانوا وراء دفع بريتوريا الى الاعتراف ب"الجمهورية الصحراوية". وتوقعت المصادر ان يطرح العاهل المغربي في خطابه أمام الأممالمتحدة مبادرة جديدة لحل نزاع الصحراء تستند الى صيغة الحل السياسي الذي كانت أقرته خطة الوسيط الدولي جيمس بيكر في "الاتفاق الاطار" الذي يقضي بمنح الاقليم حكماً ذاتياً موسعاً، لكن في نطاق الحفاظ على السيادة المغربية. وفي حال دعم هذا التوجه يتوقع ان يلجأ المغرب الى تعديل دستوري ينص على مفهوم الحكم الذاتي بعدما كان آخر تعديل لعام 1996 ركز على مفهوم "التنظيم الجهوي" الذي حول "الجهة" الى مؤسسة دستورية، على غرار بعض التجارب الأوروبية في اسبانيا وايطاليا والمانيا، حيث الحكومات المحلية تضطلع بإدارة الشؤون المحلية باستثناء ما يتعلق بالجيش والخارجية. وكانت خطة بيكر في طبعتها الأولى رهنت قيام حكم ذاتي موسع في الصحراء باجراء انتخابات اشتراعية يشارك فيها الصحراويون الواقعون تحت نفوذ المغرب والمنتسبون الى جبهة "بوليساريو"، وينبثق عن الانتخابات سلطة اشتراعية وتنفيذية. غير ان بيكر أجرى تعديلاً على الخطة التي كانت رفضتها الجزائر وجبهة "بوليساريو"، يقضي بالمزج بين الحكم الذاتي خلال فترة أربع أو خمس سنوات يليها استفتاء تقرير المصير. غير أن الرباط تحفظت على تلك التعديلات ورأت انها مناقضة لمفهوم الحل السياسي الذي يجب أن يكون نهائياً ويجري التفاوض حوله بين الأطراف المعنية كافة. ويرافق العاهل المغربي في زيارته الى نيويورك وفد يضم وزير الشؤون الخارجية والتعاون محمد بن عيسى والمستشارون مزيان بلفقيه ومحمد المعتصم وزليخة نصري والوزير المنتدب في الخارجية الطيب الفاسي الفهري وشخصيات مدنية وعسكرية.