ذكرت مصادر رسمية ان المغرب أبدى اعتراضه على خطة الوسيط الدولي جيمس بيكر لحل نزاع الصحراء الغربية والتي يناقشها مجلس الأمن. وعزت ذلك الى تحفظات عن جوانب في الحل السياسي تناقض مبدأ سيادة المغرب والتي كان أقرها ذلك الحل لجهة "منح الإقليم الصحراوي حكماً ذاتياً موسعاً في إطار السيادة المغربية، يبدأ في فترة انتقالية تدوم أربع سنوات أو خمس يُنظم إثرها استفتاء لتقرير المصير". وقال مراقبون ان اللافت في رفض المغرب، وهو رفض يستند الى قضايا إجرائية ذات علاقة بصلاحيات الحكم الذاتي، انه جاء متزامناً مع قبول جبهة "بوليساريو" الخطة مع بعض الملاحظات بعدما كانت في السابق تُعلن رفضها صيغة الحكم الذاتي وتتمسك باستفتاء تقرير المصير. واقترح جيمس بيكر خطته الحالية بعد جولة قام بها في المنطقة مطلع العام الجاري وشملت المغرب والجزائر وموريتانيا ومراكز تجمع "بوليساريو" في تيندوف، جنوب غربي الجزائر. وتنص الخطة على إجراء انتخابات لتكيل سلطة اشتراعية وتنفيذية خلال اربع سنوات او خمس يليها تنظيم الاستفتاء. ويقول المغاربة ان الأممالمتحدة أقرت في وقت سابق بصعوبة تنظيم الاستفتاء، وان مفهوم الحل السياسي القائم على مبدأ المفاوضات يُلغي مبدأ الاستفتاء. ومن المقرر ان يعاود مجلس الأمن درس قضية الصحراء الأربعاء المقبل في ضوء مشروع قرار أميركي. وسيتولى خبراء دوليون درس مشروع القرار قبل عرضه على التصويت. وكانت اسبانيا التي ترأس مجلس الأمن أبلغت إطراف نزاع الصحراء عزمها على طرح حل وفاقي رهنت طرحه بموافقة الأطراف كافة. لكن مجلس الأمن قد يكتفي، كما يقول مراقبون، بالتمديد لولاية بعثة "المينورسو" لفترة جديدة في نهاية الشهر الجاري. وقال مندوب المغرب في الأممالمتحدة السفير محمد بنونة ان بلاده مستعدة لفتح حوار بهدف التوصل الى حل عادل وواقعي، الأمر الذي يُفسح في المجال أمام إمكان إدخال تعديلات على خطة بيكر. واعتبرت وكالة "رويترز"، في تقرير لها من نيويورك، ان تأييد "بوليساريو" الخطة الجديدة يمثّل "تحولاً كبيراً" في موقفها و"انتصاراً كبيراً لوزير الخارجية الاميركي السابق جيمس بيكر". وكانت الجبهة ترفض منذ امد اي حل وسط في شأن خطة سابقة للأمم المتحدة تدعو الى استفتاء على استقلال الصحراء الغربية. وعارض المغرب بقوة الدعوة الى اجراء استفتاء. وقال ديبلوماسيون ان الجزائر المجاورة واقوى مؤيدي "بوليساريو" أعلنت ايضاً تأييدها الخطة الجديدة التي صاغها بيكر ليبقى موقف المغرب وحده معلقاً. وقال احمد بوخاري، ممثل "بوليساريو" في نيويورك، ان الجبهة ايدت اقتراح الاممالمتحدة استجابة لنداءات من الأمين العام كوفي أنان وبيكر وحكومات عدة وفي ضوء الجمود الذي استمر طويلاً في شأن مصير الصحراء. وأضاف ل"رويترز": "قررنا اتخاذ الخطوة الاولى في مساعدة السيد بيكر على تنفيذ هذا الاقتراح كخريطة طريق نحو حل عادل ودائم للنزاع". وتابع: "لكن اي رقصة تانغو تحتاج الى اثنين ... الامر الآن يتوقف على المغرب لينتهز هذه الفرصة". وقال جون نغروبونتي، السفير الامبركي لدى الاممالمتحدة، ان الولاياتالمتحدة توزع مشروع قرار على اعضاء مجلس الامن يدعم خطة بيكر. واضاف: "هذه الخطة تمثل فرصة ممتازة لوضع نهاية لهذا النزاع الطويل الامد". وقال ديبلوماسيون ان بريطانياواسبانيا ابدتا تأييدهما لمشروع القرار الاميركي، لكن آخرين في المجلس المؤلف من 15 دولة عضواً يخشون من ان ينظر الى صدور قرار يدعم خطة بيكر على انه محاولة لا تحظى بترحيب لفرض تسوية على الاطراف. وقال السفير المكسيكي ادولفو اغويلار زينسر للصحافيين: "لا ننوي فرض حل". لكنه اضاف ان اعضاء المجلس ابلغوا المغرب بأنهم مقتنعون ان الخطة قد توفر اساساً لتسوية النزاع عبر المفاوضات. ويعود نزاع الصحراء الغربية الغنية بالفوسفات والتي ربما تكون فيها احتياطيات نفطية بحرية، الى عام 1975 عندما سيطر المغرب عليها فور انسحاب اسبانيا. ومن اجل التغلب على قلق الجانبين تجاه مشكلة الناخبين الذين يحق لهم التصويت والتي مثلت عقبة رئيسية في السابق، تعطي الخطة الجديدة حق التصويت لكل شخص فوق سن الثامنة عشرة سواء كان مقيماً في المنطقة منذ نهاية 1999 او مسجلاً في قائمة الاممالمتحدة للاجئين في تشرين الاول اكتوبر 2000 او مسجلاً ضمن قائمة الناخبين الموقتة للامم المتحدة عام 1999. وفي الجزائر، أكد مصدر رسمي ل"الحياة" أن موقف السلطات الجزائرية من الخطة الجديدة لبيكر هو نفسه الذي عبر عنه قبل يومين السيد عبدالقادر مساهل، الوزير المنتدب للخارجية المكلف الشؤون المغاربية والإفريقية. وكان مساهل أكد في تصريحات أن اقتراح بيكر يقوم على "تقرير مصير الشعب الصحراوي" وأن الخطة التي تحمل تسمية "خطة السلام من أجل تقرير مصير الشعب الصحراوي"، جاءت تطبيقاً للائحة 1429 الصادرة عن مجلس الأمن. وشدد مساهل على أن الجزائر "تعتبر أن الاقتراح الجديد للسيد جيمس بيكر يعد تصوراً بناء يتضمن عناصر مهمة شرط أن يضمن تطبيقه ممارسة الشعب الصحراوي لحقه الثابت في تقرير المصير وأن يقوم على الشرعية الدولية ومسؤولية الأممالمتحدة في تسوية هذا النزاع". وتابع "انه يخلق حركية جديدة في البحث عن حل عادل ومنصف ونهائي". إلى ذلك، أوردت وكالة الأنباء الصحراوية، أمس، أن زعيم "بوليساريو" محمد عبدالعزيز التقى عدداً من زعماء الدول الإفريقية على هامش مشاركته في الدورة الثانية للاتحاد الإفريقي في العاصمة الموزمبيقية مابوتو. وأكدت أن الجبهة "مستعدة للمساهمة في الخطة الجديدة للسيد بيكر من دون إهمال خطة تقرير المصير". ورأت أن هذا الموقف يعكس "إرادة بوليساريو في المساهمة في السلم العادل والدائم وفقا لما تقتضيه الشرعية الدولية" وأن موقفها هذا يأتي "تأكيداً للرغبة ذاتها التي عبرت عنها مجموعة من الدول مثل الجزائرواسبانيا".