تطرح الخطة الجديدة التي طرحها الوسيط الدولي في نزاع الصحراء الغربية جيمس بيكر خلافات سابقة تتعلق بأهلية الصحراويين المشاركين في الاستفتاء المقبل على مستقبل المنطقة، وهي المشكلة التي أدت الى اخفاق تطبيق خطة تقرير المصير التي أقرتها اتفاقات هيوستن. وعلى رغم ان مضمون الخطة لا زال يكتنفه الغموض، خصوصاً لجهة الربط بين مفهوم الحل السياسي، عبر الحكم الذاتي الموسع، ومفهوم تقرير المصير خلال فترة انتقالية تستمر أربع سنوات. ويعتقد المراقبون بأن عدم الاتفاق على قوائم المؤهلين للمشاركة في الاستفتاء سيلقي بظلاله على تطورات القضية. يذكر ان جبهة "بوليساريو" استبقت الموقف بإعلان تشكيكها في اقتراحات بيكر الجديدة والتي قالت انها مستوحاة في خطوطها العريضة من الصيغة المعروفة باسم الحل السياسي الثالث، اي حكم ذاتي في اطار السيادة المغربية. لكن الوسيط الدولي يحاول الجمع بين الحكم الذاتي وخطة الاستفتاء وتقرير المصير. وجاءت في التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان، قبل يومين، ان اقتراحات بيكر التي عرضت على المغرب والجزائر و"بوليساريو" وموريتانيا تستند الى "حل سياسي ينص على تقرير المصير وفق قرار مجلس الأمن الرقم 1429"، واضاف: "من الواضح ان تبعة تتويج جهود بيكر بنتيجة مثمرة يجب ان يتحملها طرفا الصراع وحدهما"، في اشارة الى المغرب و"بوليساريو" بهدف ابعاد التأثير المباشر للجزائر وموريتانيا اللتين تعتبران طرفين مراقبين. وفهمت اشارته الى استمرار عمل لجنة تحديد الهوية التي نصت عليها خطة الاستفتاء السابقة، على انها تشكل مرجعية اساسية في تحديد قوائم المؤهلين للاقتراع، لكن وفق صيغة جديدة عنوانها الاختيار بين الحكم الذاتي الموسع في اطار السيادة المغربية، أو الاستقلال مرحلياً على اساس الاندماج في كيان فيديرالي. لكن الجديد، بحسب ما تسرب من معطيات عن الاقتراحات الجديدة انها تفسح المجال امام مشاركة جميع السكان المقيمين في المحافظات الصحراوية لفترة تزيد على 20 عاماً. وهذا يعني، بحسب مراقبين، معاودة النظر في قوائم تحديد الهوية وفتح المجال أمام الطعون التي تشمل اكثر من 130 ألف شخص. ويذكر في هذا السياق ان القوائم التي كانت نشرتها بعثة الأممالمتحدة توزعت بين أكثر من 45 ألفاً في المحافظات الواقعة تحت سيطرة المغرب، وأكثر من 30 ألفاً في مخيمات "بوليساريو" في تيندوف جنوب شرقي الجزائر، ونحو 10 آلاف في موريتانيا. وأبقت على ملف الطعون مفتوحاً. واستخلص انان صعوبة تنظيم استفتاء تقرير المصير وفق هذه القوائم، فيما اعتبر بيكر ان نتيجة الاستفتاء وفق هذا التصور تتجعل طرفاً منتصراً وآخر مهزوماًد. لذلك كان التفكير في صيغة الحل السياسي بدل الاستفتاء، الأمر الذي رحب به المغرب، وقال العاهل المغربي الملك محمد السادس، معقباً على هذه التطورات، ان الاستفتاء "أصبح متجاوزاً" نظراً الى "استحالة تنظيمه"، بسبب عراقيل "بوليساريو". وجدد تمسك بلاده بالحل الثالث الذي رفضته "بوليساريو" ودعمتها الجزائر. ورأى مراقبون في رفض "بوليساريو" الاقتراحات الجديدة "محاولة ضغط"، خصوصاً ان بيكر أمهل الأطراف المعنية حتى مطلع آذار مارس المقبل لتقديم الردود النهائية عليها. ولا يستبعد المراقبون ان تشمل مناقشة مضمون الاقتراحات الجديدة عواصم أوروبية ومغاربية معنية بتطورات قضية الصحراء، وفي مقدمها اسبانيا وفرنسا. يذكر ان معلومات تحدثت عن مساع فرنسية لعقد قمة بين الملك محمد السادس والرئيس عبدالعزيز بوتفليقة على هامش القمة الفرنسية - الافريقية في باريس. وأبدى مسؤولون مغاربة وجزائريون بعض الأمل في امكان انعقاد القمة المغاربية المؤجلة في الجزائر في حال ظهور مؤشرات ايجابية لانفراج في علاقات البلدين. وكان لافتاً ان اقتراح التقسيم كحل لنزاع الصحراء، الذي ألقى بظلاله على العلاقات المغربية - الجزائرية منذ صيف العام الماضي "لم يعد وارداً". وبدا ان إلغاءه واقتراح انسحاب الأممالمتحدة يبقي على خيارين فقط يتمثلان اليوم في الجمع بين الحكم الذاتي وتقرير المصير.