"كلمات كلمات لا شيء إلا الكلمات... في لبنان الأوبريت... لبنان الذي يعشق أهله الكلام عن تفاصيل الحياة اليومية، يتناقلون أخبارها طوال النهار مع الكثير من المبالغة والتضخيم... وكلها على الطريقة المسرحية بحيث لا يبقى للخيال إلا القليل القليل...". من هنا انطلقت السينمائية اللبنانية الشابة دانيال عربيد لتصور فيلمها الأخير "كلام صالونات 1 - 2 - 3" الذي نالت عنه أخيراً في مهرجان لوكارنو السينمائي جائزة الفهد الذهبي عن مسابقة الفيديو. وقد عللت لجنة التحكيم اختيارها قائلة: "دانيال عربيد تتعامل مع الكاميرا وكأنها غير موجودة في الغرفة ليتجلى معها العالم في الجهة الأخرى. وهي في تفحصها لكوميديا الحياة، تكشف لنا تراجيديا العالم". فيلم من ثلاث حلقات، طول الواحدة منها عشر دقائق. تحاول من خلاله عربيد اختبار طرق تعبير عدة، كما تقول ل"الحياة" وتضيف حاكية عن فيلمها: "الزمان: بعد الظهر... أثناء الجلسة مع فنجان القهوة. المكان: "صالون أمي" حيث تجتمع صديقاتها وتبدأ أحاديثهن التي لا تنقطع عن حياتهن اليومية... فتتلاحق المشاعر، الأمل وخيبة الأمل... وتكرّ الكلمات، والأسرار لا تعود أسراراً...". على هذا النحو تروي لنا بطلات عربيد بعضهن من عائلتها الخاصة قصصهن المفرحة والعاصفة في ثلاثة فصول: الأول مع الوطن، الثاني مع الأزواج والثالث مع العائلة. والجائزة التي نالتها عربيد في لوكارنو أخيراً ليست الأولى لها عن الفيلم نفسه، إذ نالت قبل انجاز ثلاثية هذا الفيلم تنويهاً خاصاً في مهرجان اوبرهاوزن 2001 عن الجزء الأول منه وعنوانه "كلام صالونات 1" الأمر الذي أعطاها الحافز لتنفيذ ثلاثيتها هذه. وكانت أيضاً قد نالت في عام 2000 جائزة الفهد الفضي عن فيلم "وحدي مع الحرب" وهو وثائقي بثته محطة آ ر تي وTV5 وتلفزيون العربية، وكان هذا طبعاً قبل أن يتردد اسم دانيال عربيد أخيراً لمناسبة نيل فيلمها الروائي الطويل الأول "معارك حب" الذي كان عرض في دورة مهرجان "كان" لهذه السنة جائزة معهد العالم العربي في باريس الكبرى لأفضل فيلم روائي. والذين تابعوا أخبار دانيال عربيد وسينماها خلال الآونة الأخيرة، بما في ذلك النجاحات التي حققها "معارك حب" في "كان" ثم في "باريس"، لن يضطروا الى الانتظار حتى شهر كانون الأول ديسمبر المقبل ليشاهدوه في بيروت، أو الشهر الذي يليه لمشاهدته في عروضه الفرنسية، إذ أن هذا الفيلم الذي يتناول بدوره فصلاً من فصول الحرب اللبنانية، سوف يعرض الأسبوع المقبل عرضاً واحداً، في حضور مخرجته، وذلك ضمن اطار عروض مهرجان "ولد في بيروت" السينمائي حيث تقدم دانيال فيلمها الطويل الأول هذا، بنفسها.