تفرض العادات والتقاليد في دول الخليج عموماً والسعودية خصوصاً لباس السواد المتمثل في العباءة التقليدية التي ترتديها نساء المنطقة فوق الملابس أياً كان نوعها. ويعطي هذا الوضع نظرة مغلوطة عن الفتاة الخليجية وهي أنها الأكثر بعداً عن الموضة وخطوطها العالمية التي تطرحها دور الأزياء على مدار العام. وعلى عكس المتوقع تعد السيدة العربية في منطقة الشرق الأوسط، والسعودية الأولى في تتبع كل ما هو جديد في عالم الملابس والأحذية والحقائب والألوان والاكسسوارات، والمكياج. ولا تستثني السعوديات بيوتهن من أحدث الديكورات التي تشترينها من أكبر بيوت "الفاشن" وأضخمها. وكل ذلك في إطار المزج ما بين ما هو عصري ومحافظ من منظورها التقليدي في الملابس الشرعية، والمحتشمة. ولا تقف الموضة لدى السعوديات عند باب الأناقة الداخلية فقط بل تعدتها لتشمل عباءتها التي استحدثت المصممات السعوديات لها العديد من الألوان بكل تدرجاتها القاتمة إلى الزاهية، والتطريز بالقصب، أو الخرز، أو حتى الخيط الأسود معلنة قدرتها على اختراق العالمية من ملابسها التقليدية، والمتابع للصحف التي تعنى بالأزياء يرى أن تصاميم الكثير منهن تتصدر أغلفة المجلات العالمية. من هذا المنطلق تحرص الفتاة السعودية على تجديد نوعية عباءاتها، وتؤكد فدوى المحمادي على أن المرأة في هذه البلاد لا تقل عن غيرها من الدول المجاورة، وتقول: "لعلنا في السعودية الأكثر محافظة على العادات والتقاليد إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أننا رجعيات من ناحية الموضة والأزياء، بل على العكس إن لم نكن في الصدارة فنحن من الأكثر متابعة لكل ما يطرح في الأسواق العالمية مثل إيطاليا وفرنسا، إضافة إلى أننا الأكثر استهلاكاً لمثل هذه النوعية من المنتجات". وأضافت فدوى: "هذا ما تثبته المحلات التجارية المنتشرة في أسواق المدن السعودية، وحتى في قراها، فمثلاً في مدينة مثل جدة يتمتع المستهلكون بحظ وافر من المجمعات التي تكتظ بالأسماء العالمية على غرار شومارت، زارا، دبنهامز، وغيرها الذي يثبت أن السوق الخليجية تعد الأكثر أهمية عن غيرها من البلاد العربية". في المقابل لا تحب نادين الحمصي إحدى المقيمات في السعودية الألوان الصاخبة التي تطلقها بعض بيوت الأزياء، ومع ذلك فهي تجد لها مساحة كافية من الأذواق المتنوعة التي تتنوع بين الكلاسيكي والصاخب. وتتدفق الموديلات على رفوف المحال مستهدفة الفئة الشبابية وهي الشريحة الأقوى في دول الخليج. وأوضحت الحمصي أن الفتاة العربية في شكل عام مهتمة جداً بأناقتها على اختلاف المفهوم العام لهذه الأناقة ، مضيفة أن السوق السعودية لا تستقبل ما هو متوافر فقط من خطوط الملابس، بل إنها تشتمل على العطور، والمكياجات بجميع ماركاتها العالمية، والاكسسوارات بأدق تفاصيلها، إضافة إلى أن المصممات السعوديات بدأن عرض بصمة منفردة ومتميزة في عالم الجمال والأناقة. وأكدت منى الحسني التي تعمل في مجال بيع الملابس الجاهزة وتصف نفسها بالمتابع الجيد لما تطرحه دور الأزياء في الأسواق العالمية من خلال كثرة سفرها، أن السيدة في السعودية تعد من الزبائن اللاتي يعتد برأيهن. فما يستهويها من ألوان، وأزياء، يدل على الكمية التي تستهلكها. وتضيف منى: من خلال تعاملاتي التجارية أجد أن السوق في الشرق الأوسط مستهدف من الغرب في شكل لا يمكن وصفه، وتعد الأسواق الخليجية الأهم لأسباب عدة منها السيولة المادية الأكثر وفرة في هذه المنطقة، كوفرة السفر إلى الخارج والاطلاع الدائم على آخر خطوط الموضة خارج السعودية. وبالتالي على التجار هنا الإسراع لتلبية رغبات الزبائن ما يجعل أسواقنا شرهة في شكل كبير لكل البضائع المصنعة خارج البلاد، إضافة إلى ذوق البنت الخليجية الذي يختلف عن غيرها". وعن الفتاة السعودية والنظرة المغلوطة في بعدها عن الأزياء وآخر صيحات الموضة أفادت مصممة الأزياء السعودية زاكي بن عبود التي انفردت في بصمة عالمية في بيوت الأزياء الباريسية و"الهوت كوتور" قائلة: "هذه المقولة غير صحيحة أبداً، فالسيدة العربية في شكل عام لديها حس مرهف جداً تجاه الألوان التي هي أساس الموضة، والأقمشة التي تصنع منها الأزياء التي تطالعنا بنقوشها، وتطريزاتها المتعددة والمختلفة من موسم لآخر، مضيفة إلى أن الفتاة السعودية تعد الأكثر ترفاً من الناحية المادية ما يسمح لها باقتناء كل مستلزماتها واحتياجاتها من دون أدنى مشكلة". وأضافت زاكي: "بالنظر إلى العواصم العربية والعالمية في فترة الصيف نجد السعودية الأكثر تنقلاً بين باريس، ولندن، وإسبانيا، وإيطاليا، وأخيراً بيروت التي تعد من أهم العواصم في عالم الأزياء والموضة. أما عما يسمى ب"الهوت كوتور" فتعتبر بن عبود أن العدد ضعيف وقليل جداً، ومع ذلك فهن في ازدياد خصوصاً من جانب الفتيات حيث إن المجتمعات الشرقية لا تحبذ عمل الشباب، أو الرجال في مثل هذا المجال، ودائماً أقول إنه لو استطعنا استقطاب السيدات لسد احتياجات السوق المحلية فنحن بذلك نضع أقدامنا على أهم إنجاز في تاريخ الموضة. فما يصرف في السعودية على الموضة يقارب ال8 بلايين ريال سنوياً!