بعد قرنين على رحلة ابن بطوطة الى الهند ظهر قصر "جهاز - محل" قصر السفينة في ماندو... هذه عمارة إسلامية هندية أنظر أعلاه من القرن الخامس عشر تمتد 115 متراً على ضفة بين بحيرتين فتبدو كسفينة عملاقة بقببها وممراتها ونوافذها الفسيحة المتقابلة. المسعودي يدرك ان بحر الخزر قزوين لا يتصل ببحر مانطش الأسود. وهو يصف القسطنطينية والمراكب العابرة المياه الى بلاد الروس والبلغار... الى جزيرة القرم. تولستوي، بعده بتسعة قرون، يرى من برج يعلو سيفاستوبول بينما العساكر تلتحم تحت الأسوار، سفناً تقطع هذا البحر، ويرى اسراب طيور، ويرى مركباً تقع عليه القنابل فيحترق ويغرق. البحر بيت عنكبوت، وما يرقد في قعره يصعب أن نتخيله. المتاحف مثل قعر البحار مكان شاسع المخيلة. والمدن أيضاً. وإذا أردنا رؤية علاقة هندسية فريدة بين العمارات والبحر وجب ان نزور اسطنبول. ثمة خريطة لاسطنبول في مخطوط "بيان المنازل" المحفوظ في مكتبة جامعة اسطنبول مخطوط رقم 5964. والخريطة المذكورة وضعت سنة 1537 وهي ملوّنة بألوان ساطعة فنرى البوسفور أزرق قاتماً، ونرى سفناً تبحر فيه بأشرعة بيض، ونرى المنازل بسقوفها القرميد الحمر، وحولها الحدائق المرتبة. ونرى شجراً أخضر شاهقاً - السرو - يطلّ على الماء الأزرق. كما يظهر قصر السلطان محمد الثاني حيث جامع السليمانية الآن. وهناك صور فوتوغرافية وبطاقات بريد نادرة تُظهر قصر دولماباشي على البوسفور بالرخام الأبيض فوق المياه الزرقاء. وقد شكّل هذا القصر عند بنائه سنة 1853 رمزاً لروح التجديد في المملكة العثمانية. وكان ظلّه ينعكس كاملاً في ماء المضيق. وفي "المتحف البريطاني" سمكة زجاج زرقاء بحراشف صفر وبيض وُجدت تحت رمال مصر وترقى الى زمن الفراعنة، وهي مجوّفة، وكانت العادة ان تستعمل كقارورة طيب أو عطر، ولعلّ أصابع نفرتيتي لامستها. ويوجد صحن عثماني أنظر يميناً قطره 29 سم، تبحر عليه سفينة ثلاثية الصواري، صُنع منتصف القرن السابع عشر، وهو محفوظ في "متحف بيناكي" أثينا. و هذا الطبق صُنع كي يأكل منه السلطان محمد الثالث قريدساً وسمكاً مقلياً مع أرز مفلفل. وأكل فيه "صيادية" أيضاً.