قد يكون اتفاق وزراء الثقافة بدول الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم ال 25 الذي عقد في بروكسل لاختيار العاصمة التركية إسطنبول كعاصمة ثقافية لأوروبا لعام 2010 م إلى جانب مدينتي أسين الألمانية وباييس المجرية كنوع من الترضية لتركيا كما يردد البعض خاصة وأن الاتحاد الأوروبي يلوح حاليا بإغلاق باب التفاوض معها على الانضمام نتيجة لعدم وفائها بقائمة الشروط الطويلة التي وصلت إلى 23 بنداً. وسواء كانت هذه المقولة صحيحة أم لا فان مدينة الألف مئذنة الضافية على ضفاف البوسفور وعاصمة الإمبراطوريات الثلاث الرومانية والبيزنطية والعثمانية تظل مدينة الأحلام لكل غائب عنها فهي المدينة المتاخمة للحدود الأوروبية والتي ترتفع مآذن مساجدها الألف كنوع من التحدي والتنوع والتسامح . وإسطنبول تعد من أكبر المدن التركية وهي المدينة الوحيدة الواقعة في قارتين هما آسيا وأوروبا إذ ترتبط من الطرف الجنوبي من خليج البوسفور وهو مضيق في الشمال الغربي من تركيا يربط البحر الأسود ببحر مرمره ويفصل خليج البوسفور وجسر السلطان محمد الفاتح. وان كانت إسطنبول هي القسطنطينية وعاصمة الإمبراطورية الرومانية ثم أصبحت عاصمة الامبرطورية البيزنطية لتعرف بعد ذلك باسم الأستانة كعاصمة للدولة العثمانية من عام 857ه، 1453م حتى عام 1341ه، 1922م إلا أنها ظلت أهم مركز للتجارة والصناعة والثقافة ومقصداً للكثير من السياح الذين يزورونها للاطلاع على أسواقها ومتاحفها وجوامعها التي اكتسبت شهرة عالمية. وفي إسطنبول نحو 1000 مسجد أشهرها المسجد السليماني الذي اكتمل بناؤه عام965 ه 1557م ورسمه المهندس المعماري الأستاذ سنان ومسجد السلطان أحمد المعروف بالمسجد الأزرق لأن جزأه الداخلي مزيّن بالقيشاني الأزرق وهو المسجد الوحيد في إسطنبول الذي يضم ست مآذن وفي إسطنبول قصر توب كابي وهو متحف ضخم وكان يومًا مقراً للسلاطين الأتراك . وتعد إسطنبول من أهم مراكز الصناعة في تركيا إذ تنتج مصانعها الإسمنت والعقاقير الطبية والمعدات الكهربائية والأواني الزجاجية والمصنوعات البلاستيكية والمنسوجات والأطعمة المصنَّعة ويتم بناء السفن وإصلاحها في الأحواض الجافة القائمة بمحاذاة البوسفور. وتعدُّ مساجد إسطنبول من أروع أمثلة العمارة الإسلامية ويعرض متحف الفن الإسلامي التركي قطعاً فنية مثل السجاجيد القديمة والمخطوطات المزخرفة والقرميد الملون . وقال رئيس لجنة “اسطنبول 2010” في مؤتمر صحافي سابق : “هكذا نفهم اسطنبول, نعتبر أن ثقافة العيش المشترك التي استمرت على مدى قرون في اسطنبول وسمحت ليوناني مثلا بالعمل مع حرفي ارمني أو رجل أعمال تركي أو تاجر يهودي إنما هي مثال يحتذى به للعالم اليوم”. ومن هنا وجد وزراء الثقافة الأوروبيون أن اسطنبول تستحق فعلا أن تكون عاصمة للثقافة الأوروبية عام 2010 م سواء كانت تركيا ضمن الاتحاد الأوروبي أو لازالت تسعى للانضمام فما تحويه من مآثر ثقافية لايمكن إنكارها .