كشف وزير النفط السوري، الدكتور ابراهيم حداد، ان"النفط في سورية يشهد تراجعاً في الانتاج، في حين يشهد الغاز تزايداً واضحاً"، مؤكّداً اهتمام القيادة بهذين القطاعين، لأنهما يشكّلان"الدعامة الأساسية لتقوية الموقف السياسي لسورية". وقال حداد ل"الحياة"، على هامش انعقاد المجلس الانتاجي ل"الشركة السورية للنفط"في الحسكة، أخيراً، ان"التراجع في انتاج النفط يتركّز في محافظة دير الزور، حيث شركات عقود الخدمة التي يمتاز نفطها بمواصفات ممتازة، كونه من النوع الخفيف الذي يضاهي نفط الخليج العربي". ولفت إلى ان"الصناعة النفطية السورية تمر حالياً باتجاهين مختلفين، حيث يشهد انتاج الغاز تزايداً مستمراً يقابله تراجع في انتاج النفط، خصوصاً في بعض الحقول التابعة لشركة الفرات". وبعدما أشار إلى أن هناك"أسباباً موضوعية لهذا التناقض بين انتاج النفط والغاز"، أكّد ان الحكومة"تبذل جهوداً كبيرة لمعالجة هذا التناقض في الصناعة النفطية التي يعتمد عليها الاقتصاد اعتماداً شبه كلي، حيث يشكّل النفط 70 في المئة من واردات الدخل القومي". وأوضح ان الجهود تتركّز في اتجاهين: الأول، دفع الفنيين والمختصين نحو"التخفيف ما أمكن من هذا الانحدار"إلى أقصى درجة ممكنة، سواء بالنسبة لعمر البئر أو بالنسبة لأدائه، وذلك بالاعتماد على الجهد الفكري والقدرة التقنية. والاتجاه الثاني، تكثيف الجهود"لاكتشاف المزيد من الحقول الجديدة". وأشار إلى ان"هناك نتائج ايجابية ومؤشرات مشجّعة إلى امكان تغيير المعادلة في الصناعة النفطية السورية نحو الأفضل في المرحلة المقبلة". وقال حداد:"سورية تُنتِج حالياً نحو 525 الف برميل من النفط، منها 105 آلاف برميل من انتاج مديريتي حقول الحسكة والجبسة التابعتين للشركة السورية للنفط في محافظة الحسكة، والمتبقي من انتاج شركات عقود الخدمة في محافظة دير الزور. كما تُنتِج سورية 16 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، نصفها تقريباً من انتاج الشركة السورية للنفط، والنصف الآخر من انتاج شركات عقود الخدمة". يُذكر أن عمل الشركات الأجنبية يتركّز في محافظة دير الزور في شكل رئيسي، بعد إقرار سياسة"عقود الخدمة"التي انطلقت في سورية بنهاية عام 1973. وتُعد"شركة الفرات للنفط"من أكبر شركات عقود الخدمة، وتأسست في نيسان ابريل 1985، بعدما تحقّق أول اكتشاف تجاري للنفط في أيار مايو 1984 في حقل التيم في منطقة دير الزور. وبدأ انتاج النفط من هذه المنطقة في عام 1985 من آبار"التيم"الاولى، قبل أن تتوالى الاكتشافات، إلى أن وصل عدد الحقول إلى أكثر من 30 حقلاً. وبلغ أعلى معدل لانتاجها 400 الف برميل يومياً. ويتركّز التراجع الحالي في الانتاج ضمن بعض هذه الحقول، حيث علمت"الحياة"من مصادر مطّلعة في الشركة أن"حقل التيم"الذي كان يصل انتاجه إلى ما يقارب 20 الف برميل يومياً ويُعد من أفضل آبار النفط في منطقة الشرق الأوسط، بالكاد يصل انتاجه إلى الفي برميل في اليوم حالياً. وتأتي شركة"دير الزور"في المرتبة الثانية بعد"الفرات"التي تدير حقولاً عدة، منها عطا الله شمال والمزرعة والجفرة والقهار. ويحقّق النفط الخفيف المنتَج من محافظة دير الزور دخلاً جيداً لسورية، نظراً للمواصفات الجيدة التي يتمتع بها. أما النفط المنتَج من حقول"السورية للنفط"في مديريتي حقول الحسكة، فهو من النوع الثقيل. في المقابل، يشهد انتاج الغاز في سورية تزايداً واضحاً، إذ حققت"السورية للنفط"زيادة مقدارها 44 الف متر مكعب من الغاز المرافق و185 الف متر مكعب من الغاز الحر خلال 2003. وأكد حداد ان"المنطقة الوسطى تُعد من المناطق المهمة والواعدة في انتاج الغاز الحر، حيث يأتي معظم انتاج الشركات السورية للنفط من هذا النوع من الغاز، من الحقول المكتشفة في منطقة السلسلة التدمرية، وأبرزها الارك والهيل والضبيات والسخنة ونجيب. ولهذا، تعقد الحكومة الآمال على هذا النمو في انتاج الغاز، إلى جانب اكتشاف حقول نفطية جديدة في مناطق مختلفة من أجل زيادة الدخل القومي ودعم الاقتصاد الوطني". وبغية تشجيع الفنيين العاملين في حقول النفط والغاز ودفعهم إلى بذل المزيد من الجهود، أوضح حداد"ان الحكومة تُعد حالياً تشريعاً خاصاً بالصناعة النفطية والغازية ليتم إصداره قريباً، بحيث يأخذ في الاعتبار الظروف الصعبة للعاملين في هذا القطاع، إلى جانب زيادة دخلهم المادي وتحقيق مرونة في التعامل الاداري والمالي للمسؤولين في مديريات الحقول ومصانع انتاج الغاز". وأضاف ان"لدى الحكومة توجهاً لرفد الصناعة النفطية بالمزيد من الكوادر الفنية المتخصّصة، حيث تم اعداد دراسة متكاملة عن استحداث كلية بتروكيميا في محافظة دير الزور، روعي أن تضم اختصاصات مختلفة عن الكلية الموجودة في محافظة حمص". وذكر انه تم أيضاً"اتخاذ اجراءات عدة لتطوير التقنية المستخدمة في الصناعة النفطية وتحديثها لمواكبة العصر"، مشيراً إلى انه"تم قطع شوط لا بأس به في هذا المجال". ولفت إلى ان المشاريع الجديدة التي تم تدشينها في"الفرات للنفط"بكلفة 2.5 بليون ليرة، تشكّل إضافة تقنيات جديدة لتطوير قطاع النفط والغاز. وتشمل المشاريع توسيع محطة توليد الطاقة الكهربائية في"حقل عمر"، من خلال إضافة 30 ميغاوات إلى شبكة الفرات، لتغطية الأعمال الجديدة الناجمة عن المشاريع الإضافية، ومنها مضخات حقن المياه الكبيرة والمضخات السطحية والغاطسة. ونفّذت المشروع شركة"بتروفيناك"بقيمة 24 مليون دولار. وتشمل المشاريع مشروع استرجاع الأبخرة في حقلي"عمر"و"التنك"، ومشروع استرداد كميات الغاز التي كانت تحترق على الشعلة. وقامت بتنفيذ هذين المشروعين شركة"انبي"المصرية بكلفة 11.4 مليون دولار. كما تم تدشين مشروع تدعيم نظام حقن المياه في حقلي"عمر""والتنك"، الذي سيزيد من استطاعة"الفرات"في الانتاج، ونفّذته"انبي"بقيمة 14.6 مليون دولار. وأكد حداد"ان كل الأمور المتعلقة بقطاع النفط والغاز في سورية تحت السيطرة والمراقبة المستمرة. والقيادة والحكومة بأعلى مستوياتها على تواصل دائم مع كوادر الشركات العاملة في كل المواقع، سواء حقول النفط أو الغاز، وهي في صورة كل ما يجري على الدوام، وذلك لما لقطاع النفط والغاز من أهمية كبرى في الاقتصاد الذي تحرص القيادة دائماً على بقائه سليماً معافى، لأنه يشكّل الدعامة الأساسية لتقوية الموقف السياسي لسورية. فبقدر ما كان اقتصادنا معافى، بقدر ما كان موقفنا السياسي قوياً وقرارنا حراً".