"كلنا خضعنا لامتحانات دراسية في مراحل تعليمنا الأولى الا ان امتحانات الجامعات السورية لا شبيه لها في اي بلد آخر نظراً للجهد المضني الذي يبذله الطلاب وللنتائج التي لا تسر في كثير من الاحيان لا عدو ولا صديق". بهذه الكلمات بدأ سامر الطالب في كلية الحقوق - جامعة دمشق حديثه عن هموم الامتحانات التي تشغل طلاب الجامعات السورية وتشكل هماً متواصلاً ينوؤون تحت وطأته طوال سنوات الدراسة. ويتابع سامر الطالب في السنة الثالثة: "أبذل قصارى جهدي في دراسة المواد الا ان النتائج تكون في غالبية الاحيان كارثية ومع هذا لا مجال لليأس، سنخوض امتحاناً آخر حتى نتخرج من هذه الكلية التي اعتقد ان تصحيح أوراق الامتحانات فيها لا يخضع لمعايير واضحة". ويعد النجاح أو التخرج من كلية الحقوق في جامعة دمشق من الاحلام التي تتحقق للبعض ولا تتحقق لكثيرين، والدليل العدد الكبير الذي يدخل الكلية والعدد الضئيل الذي يتخرج فيها. ويوضح سامر: "صحيح انني في السنة الدراسية الثالثة الا انني دخلت الكلية منذ ست سنوات. قدمت بعض المواد ثلاث او اربع مرات ولم أنجح. يئست وبدأت البحث عن عمل لأعيل نفسي ولا أضيع الوقت، فوجدت عملاً الى جانب دراستي، ولأن الحضور ليس الزامياً آتي الى الكلية بين وقت وآخر وآخذ المحاضرات وأقرأها في بيتي وعندما يحين الامتحان أقدم إجازة لشهر أو شهرين من عملي لأتمكن من الدراسة". اما الطلاب الذين خصتهم ادارة المدينة الجامعية في وحدات سكنية في منطقة الطبالة على اطراف مدينة دمشق، فلم يتمكنوا من استلام غرفهم الا قبل الامتحان بنصف شهر الامر الذي ضيع فرصة متابعة المحاضرات على من لا يقطنون في دمشق او من لا يستطيعون استئجار غرفة. وما زاد الوضع سوءاً، ظهور الكثير من العيوب في ترميم البناء بعد أقل من شهر اي خلال الامتحانات. ويشبّه علي، الآتي من احدى قرى طرطوس، غرف المدينة الجامعية بمهجع عسكري حيث لا يمكن للطالب ان يدرس أو ينام. ويشير الى ما يعانيه طلاب كلية الحقوق خلال الامتحانات وبعدها "لأن الكلية لا يمكن ان تتسع لنا جميعاً لتقديم الامتحان فإنهم يوزعوننا في قاعات ومدرجات كليات الجامعة كافة. ولأن توزيع اسماء الطلاب في القاعات لا يمكن الطالب ان يعرفها الا قبل ساعة او ساعتين من الامتحان عندما تعلق في لوحات الاعلام، فإنه اذا ما أخطأنا في الدخول الى القاعة يلغى الامتحان الذي نقدمه". ويتساءل: "ماذا يضر اذا كنا قدمنا امتحاننا وأجبنا على كل الاسئلة؟". ويقول صفوان الآتي من محافظة درعا: "مزاجية المراقبين في قاعات الامتحان وصراخ بعضهم ونقل الطلاب من مقعد الى آخر يؤثر في ادائنا خلال الامتحان". وتبدو حكاية شيرين الطالبة في السنة الرابعة قسم اللغة العربية مع امتحاناتها، واحدة من الحكايات التي تتكرر مع الكثير من زميلاتها وهي التي حاولت طوال الفصل الدراسي متابعة محاضراتها، والدراسة طوال فترة التحضير للامتحان الا انها ليست متفائلة كثيراً: "لا شيء مضموناً لأنني لا أعرف معيار تصحيح الامتحان". وتضيف: "انا متأكدة من انني كتبت في شكل جيد لكنني لا أضمن اي شيء حتى أرى اسمي في قوائم النجاح". ويبدو الوضع بالنسبة لطلاب الكليات العلمية أخف وطأة، الا ان الامر لا يخلو من الصعوبات التي قد تحرمهم من تقديم امتحان بعض المواد او تأجيل بعضها لدورة امتحانية مقبلة. وتشير روزالين طالبة الهندسة المعمارية الى ان "النجاح في بعض المواد في كليتها العلمية يبدو مضموناً اكثر خصوصاً انه "لا يختلف اثنان على تقويم ما يكتب. الا ان سوء توزيع المواد على شهر الامتحان يجعلنا نترك بعض المواد للفصل الدراسي المقبل، فلا يمكن ان نقدم امتحانين كبيرين في يوم واحد أو في يومين متتاليين". اما زينة التي تدرس الطب وتشارك روزالين الغرفة نفسها في السكن فتشير الى ضخامة المنهاج في كليتها: "يعيش طلاب الطب في معسكر مغلق ليس على مدى العام الدراسي فحسب، بل على مدى سنوات الدراسة كلها". وتضيف زينة: "صحيح ان امتحانات كثيرة في كليتنا اصبحت على الطريقة الاميركية الا ان هذه المواد تستهلك وقتنا كله في دراستها لأن الإجابة على هذه الاسئلة يحتاج الى استيعاب المادة كاملة لكي يتاح لنا تحصيل معدل جيد يضاف الى معدلنا العام بما يمكننا من دخول اختصاص جيد". نورا التي تدرس اللغة الانكليزية، تشير الى ضيق الوقت الذي يواجه الطالب خلال الامتحان اذا كان من القاطنين في المدينة الجامعية: "نستهلك وقتاً كبيراً خلال شهر الامتحان في تحضير الطعام وتنظيف الغرفة". ولا تستطيع نورا ان تقارن نفسها بالطالبات اللواتي يعشن مع أهاليهن أو من سكان دمشق واللواتي لا يفعلن شيئاً في شهر الامتحان سوى الدراسة: "كل شيء متوافر في محيط المدينة الجامعية وفي داخلها الا ان التسوق وقت ضائع". واذا كانت نورا تحسد الطالبات اللواتي يقطن دمشق ويتوافر لهن كل شيء في شهر الامتحان، فإن رنا الطالبة في كلية التربية والموظفة في احدى المؤسسات الحكومية، تضطر الى ان تأخذ من عملها اجازة طوال شهر الامتحان لتستطيع الدراسة وتقديم امتحاناتها. الا انها تعتقد ان هذا الشهر غير كاف لتحصل على نتيجة جيدة. وما يساعدها على النجاح في موادها هو حلقات البحث التي تجريها خلال العام والتي تحصل من خلالها على علامات جيدة. وتقول: "على رغم دراستي خلال السنة لا اجد الوقت الكافي لمراجعة المواد خلال فترة الامتحان، وأحياناً يكون بين امتحان مادة وأخرى اكثر من ثمانية أيام فيما لا يفصل بين مادة ثانية وثالثة اكثر من يوم، واحياناً تكون مادتان في اليوم الواحد اذا كانتا من سنتين دراسيتين مختلفتين". وتتابع رنا الطالبة في السنة الرابعة، التي عادت بعد انقطاع سنوات الى دراستها، "اننا تكبدنا سنة دراسية اخرى ومواد اضافية بعد ان تغير نظام الكلية من اربع سنوات الى خمس سنوات والآن ما زلت طالبة على رغم ان اولادي اصبحوا في المدرسة. وأعاني من صعوبة التوفيق بين مسؤوليات البيت والاولاد والعمل والدراسة". وتؤكد: "أحياناً لا أجد وقتاً لأنام خصوصاً خلال الامتحانات". اما رياض، طالب الرياضيات، فيعتبر ان ضغوط شهر الامتحان "تقصر العمر ولا سيما أن اختصاصنا يحتاج الى تركيز كبير. الظروف المحيطة بالطالب كالسكن والظروف المادية، تجعله احياناً يفكر في التوقف عن تقديم الامتحان اضافة الى عدم توافر فرصة عمل بعد التخرج". وحتى هذه الفرصة طارت من طلاب كليات الهندسة بعد صدور القرار الجديد الذي يعفي الدولة من تعيين خريجي هذه الكليات في مؤسساتها. ويبدو عبدالكريم الطالب في السنة الخامسة في كلية الهندسة المدنية، والآتي من محافظة دير الزور، متشائماً بعد صدور القرار: "حلمت على مدى سنوات بالتخرج وايجاد وظيفة في احدى مؤسسات الدولة الا ان صدور هذا القرار أحبط أحلامنا". ويضيف "نظرة الناس الى الطالب أفضل من نظرتهم الى خريج الجامعة العاطل من العمل لذلك أفكر بأن أطيل سنوات الدراسة حتى تفرج!".