ربطت إيران عودة المفتشين الدوليين إلى منشآتها النووية، بمفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن طبيعة التعاون المستقبلي المتعلق بالبرنامج الإيراني. وأبلغ "الحياة" مصدر إيراني مطلع "أن الموقف الإيراني الحالي بعد رفض طهران آخر قرار للوكالة الدولية، سيتركز على محاور عدة من أبرزها، الاستمرار في رفض عودة المفتشين لمدة ستة أسابيع مرشحة للتمديد أو التقليص، تبعاً لما ستأتي به المفاوضات المرتقبة مع الوكالة. ومنها أيضاً عدم تعليق العلاقات مع الوكالة أو قطعها وعدم الخروج من معاهدة منع الحد من انتشار وإنتاج الأسلحة النووية". وأضاف المصدر "أن التعاون سيستمر مع الوكالة لكن ضمن حسابات دقيقة ترمي إلى معرفة موقف الوكالة تجاه أي خطوة إيرانية جديدة تتسم بالإيجابية، ومعرفة مدى قدرة انفلات الوكالة من هيمنة واشنطن على قراراتها". وستعقد القيادة الإيرانية برئاسة مرشد الجمهورية علي خامنئي اجتماعاً خلال فترة وجيزة لاتخاذ القرارات النهائية بشأن كيفية الرد على قرار مجلس حكام الوكالة الدولية الذي دان إيران واتهمها بمخالفة تعهداتها في المجال النووي. ووسط الموقف الإيراني الرافض للقرار والذي يعتبره غير عادل وغير منصف، عادت بعض الأوساط المتشددة إلى الدعوة إلى الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. وصدرت هذه الدعوة عن صحيفة "جمهوري إسلامي" المعروفة بمواقفها المتشددة، إذ اعتبرت "أن التجربة أثبتت عدم وجود فرق بين الموقفين الأميركي والأوروبي تجاه إيران، وأن الدول الأوروبية تعمل على تصفية حساباتها مع الولاياتالمتحدة عبر المتاجرة بمصالح إيران". وفي موازاة ذلك، ما زالت طهران تتخوف من نيات الإدارة الأميركية في نقل ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن، تمهيداً لفرض عقوبات عليها. لكن الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي حسن روحاني اعتبر أنه لا توجد أي مسوغات حقوقية للقيام بهذه الخطوة، كما أن الظروف السياسية تحول أيضاً دونها، معتبراً أن إيران "تتعاون بشفافية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأثبتت للعالم أنها لا تسعى إلى استخدام هذه الطاقة إلا للأغراض السلمية". ولم يشر روحاني إلى طبيعة الظروف السياسية التي تمنع برأيه رفع ملف إيران إلى مجلس الأمن، إلا أن معظم المراقبين المقربين من النظام الإيراني ربطوا ذلك بانغماس الإدارة الأميركية في معركة الانتخابات الرئاسية، وانشغالها في ترتيب الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق. واعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية عبر الناطق باسمها حميد رضا آصفي "أن هناك أسباباً عدة تمنع نقل الملف إلى مجلس الأمن، من بينها تعاون إيران بشكل جدي مع الوكالة الدولية، وعدم إخفاء أي شيء يتعلق ببرنامج إيران النووي". ورأى آصفي أن "الإدارة الأميركية لم تستطع تمرير القرار الذي كانت تريده" وذلك في إشارة إلى تعديلات كثيرة طرأت على المشروع الأميركي. لكن آصفي أوضح "أن القرار الأخير بصورته النهائية لم يستجب لمطالب إيران". ومن المستبعد أن تقوم إيران بقطع تعاونها مع الوكالة الدولية لكنها ستبقى متمسكة باستمرار برنامجها النووي للأغراض السلمية، وبحق العودة إلى استئناف عمليات تخصيب اليورانيوم بنسبة .63 في المئة وهي الكافية لمساعدتها في امتلاك دورة الوقود النووي اللازمة لتشغيل المفاعلات النووية للأغراض السلمية. ولذا فمن المتوقع أن تدخل طهران معركة ديبلوماسية جديدة لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة التي ستركز فيها على إخراج ملفها النووي من جدول أعمال مجلس حكام الوكالة الدولية.