أبدت الأوساط الاقتصادية في مصر ارتياحاً لبدء إجراءات التخفيض الجمركي على الألبسة الجاهزة والمنسوجات، والتي صدر بها قرار جمهوري الأسبوع الماضي. وبدأت السلطات الجمركية عقد اجتماعات في كل منفذ جمركي لتطبيق القرار الذي ينص على إعفاء الغزول والخيوط المستخدمة في صنع الملابس، والعودة بفئة الضريبة النوعية التي كانت تصل إلى ألف جنيه للزي الواحد المستورد البذلة، الى 40 في المئة فقط من قيمتها، وكذلك خفض التعرفة على الأقمشة، لتصل الى 22 من 24 في المئة. اعتبرت مصادر اقتصادية، أمس، ان التعرفات الجديدة تُقدّم تيسيرات عدة للمسافرين الذين يُدخِلون الملابس معهم لدى عودتهم ولأصحاب المصانع، مع مراعاة البُعد الاجتماعي، في الوقت الذي يتوقع ارتفاع حصيلة الرسوم الجمركية، بعد فتح الباب للمسافرين لاستيراد الملابس، بعد خفض التعرفات الجمركية عليها. وقال رئيس "مصلحة الجمارك"، محفوظ العرجاوي، ان التخفيضات الجمركية الأخيرة تأتي تأكيداً لنداءات القيادات السياسية بضرورة "مراعاة البعد الاجتماعي وخفض الأعباء عن المواطنين، خصوصاً محدودي الدخل منهم". وأضاف ان تطبيق التعرفات الجمركية الجديدة قبل بضعة أيام، والتي تعفي الغزول ومستلزمات انتاج الملابس من الرسوم الجمركية، وتُخفّض الرسوم على الأقمشة والملابس، سيؤدي الى "تنمية وتطوير" الصناعة الوطنية. وأشار العرجاوي إلى أن تطبيق التعرفات الجديدة "سيقضي نسبياً على التشوهات" في التعرفات، خصوصاً التي كانت تحتمل التأويل وتؤدي الى إلحاق "أضرار كبيرة" بالصناعة الوطنية. وأوضح ان التعرفات تراعي خفض الرسوم الجمركية على بعض المنتجات والبنود من نحو 40 و30 و10 في المئة في السابق الى 5.3 في المئة فقط. ونفى أن تكون التخفيضات الأخيرة في التعرفات، والتي شملت نحو 700 بند، أدت الى تراجع في حصيلة الجمارك، مؤكّداً انه "كلما كان هناك خفض في الرسوم وتيسيرات للمواطنين، فإن ذلك سيؤدي الى الالتزام الطوعي وزيادة في الحصيلة الجمركية". وقال ان "مصلحة الجمارك خدمة وليست جباية فقط". من جهته، رحّب رئيس شعبة المستوردين في غرفة القاهرة التجارية، مصطفى زكي، بخفض الرسوم على الملابس الجاهزة، مشيراً إلى أن هذه التخفيضات "ستُعطي دفعة كبيرة للمنتج المصري، ليكون قادراً على المنافسة في الأسواق المحلية والخارجية". وأوضح ان هذه التخفيضات تأتي أيضاً "للقضاء على التشوهات" في التعرفات الجمركية على بعض المنتجات، مثل الرخام والغرانيت. وتم خفض تلك الرسوم إلى 15 و25 في المئة على التوالي. مقابل 40 و30 في المئة في السابق. وأكد ان خفض التعرفات "سيؤدي الى النهوض بهذه الصناعة، حيث انها كثيفة العمالة وتحتاج الى التطوير وزيادة تنافسيتها"، إضافة إلى ان الخطوة "ستؤدي الى زيادة الحصيلة الجمركية وتسهيل حركة الاستيراد"، خصوصاً وأن التعريفات التي كانت مطبّقة في السابق "مانعة للاستيراد ومبالغ فيها الى حد كبير"، ووصلت الى نحو 40 و45 في المئة. وأعرب عن اعتقاده بأن تلك التعرفات لم تكن تتفق مع معايير "غات"، الأمر الذي دفع الولاياتالمتحدة الى التلويح برفع دعوى قضائية ضد مصر أمام منظمة التجارة الدولية. وكانت الولاياتالمتحدة طلبت إجراء مشاورات تجارية مع مصر عبر منظمة التجارة في شأن فرض مصر رسوم جمركية على الواردات من الملابس والمنسوجات، بدعوى أن هذه الرسوم مرتفعة وتحرم المصدّرين الأميركيين من الوصول الى الأسواق المصرية. ودعا زكي الى ضرورة عدم الاستمرار في تطبيق قرار منع الاستيراد بالنسبة للملابس الجاهزة والمنسوجات، كي لا يؤدي ذلك إلى تطبيق مختلف الدول لمبدأ "المعاملة بالمثل"، خصوصاً الولاياتالمتحدة، التي تُعد من أكبر الدول المستوردة من مصر. وقال انه "على رغم أن هذا القرار حقّق الاستفادة المرجوة منه" وأدى إلى تراجع معدلات استيراد الملابس الجاهزة والمنسوجات من نحو 255 مليون دولار عام 2001 الى نحو 82 مليون دولار فقط عام 2003، إلا انه "لا يُمكن الاستمرار في تطبيقه لما له من آثار سلبية على مصر في الأمد البعيد". وشدّد زكي على أن التخفيضات الأخيرة في التعرفات الجمركية على الملابس الجاهزة والمنسوجات ستؤدي الى تنمية الصناعة المصرية وتطويرها، وجعل المكوّن الأجنبي فيها أقل كلفة، ما سيساهم في جعل المنتج المصري "أكثر قدرة على المنافسة" في الأسواق المحلية والخارجية.