مرت أمس، تسع سنوات على توقيع اتفاق دايتون الذي أوقف الحرب البوسنية بعد 43 شهراً من القتال. وتباينت آراء الاطراف المتنازعة سابقاً في شأن الاتفاق، اذ دعا المسلمون الى تعديله بصورة جوهرية وأصر الصرب والكروات على الحفاظ على الوضع القائم. وكان المبعوث الاميركي في حينه الى منطقة البلقان ريتشارد هولبروك وضع بنود الاتفاق بعد محادثات بين الاطراف البوسنية استمرت 21 يوماً في قاعدة عسكرية بالقرب من مدينة دايتون ولاية اوهايو الاميركية، برعاية الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون. ووقعه: الراحلان علي عزت بيغوفيتش عن المسلمين وفراينو توجمان عن الكروات والمعتقل حالياً في محكمة لاهاي سلوبودان ميلوشيفيتش عن الصرب. وركز الاتفاق على وقف القتال والاعتراف بالبوسنة - الهرسك الواحدة ضمن حدودها الدولية والمتكونة من كيانين: الاتحاد الفيديرالي المسلم - الكرواتي 51 في المئة من اراضيها والجمهورية الصربية صرب البوسنة 49 في المئة منها. وأعربت كل الاطراف المحلية والدولية المعنية في حينه، على تباين مواقفها، عن ارتياحها للاتفاق باعتباره اوقف الحرب الدامية وضمن سلامة اعراق البوسنة - الهرسك من المسلمين والصرب والكروات. ووصف علي عزت بيغوفيتش الاتفاق مباشرة بعد توقيعه، بأنه "ربما لا يكون عادلاً لتحقيق السلام، الا انه افضل من الاستمرار بالحرب" ما جعل المسلمين البوسنيين يتطلعون دوماً الى تعديله "ليصبح عادلاً او على الاقل اكثر عدالة". ونقلت صحيفة "اوسلو بوجينيا" الصادرة في ساراييفو امس تحت عنوان: هل تبقى البوسنة ام لا؟ عن رئيس "الحزب من اجل البوسنة - الهرسك" حارث سيلايجيتش الذي كان في حينه رئيساً لحكومة الطرف المسلم وشارك في محادثات دايتون ان الاتفاق "توخى لدى ابرامه، وقف القتال واحلال السلام الممكن، ولذا كان لا بد منه كما حصل". وأضاف: "اما الآن، وبعد تجارب تسع سنوات، حان الوقت لتغييره، ليصبح قادراً على الحفاظ على البوسنة وصيانة وحدتها". وقالت جريدة "دنيفني آفاز" الصادر في ساراييفو امس، ان "اتفاق دايتون حقق السلام في منطقتنا، ولكنه كدستور للبلاد، لا بد من تغييره، إذ يكون في مقدور البوسنة - الهرسك ان تؤدي وظائفها كدولة بطريقة فاعلة". رفض صربي للتغيير وأصر الصرب والكروات على رفضهم اجراء التغييرات الجوهرية التي يريدها المسلمون. وقال رئيس هيئة الرئاسة البوسنية الحالي بوريسلاف بارافاتس صربي في تصريح نقله تلفزيون عاصمة صرب البوسنة مدينة بانيالوكا: "نحن يهمنا بقاء الجمهورية الصربية الكيان الصربي لأنها الضمان الوحيد لاستمرار الوجود الصربي في البوسنة، لذا نخشى تغيير الاتفاق الذي سيسبب مصاعب للصرب". واما المسؤول الدولي الاعلى في البوسنة بادي أشداون، فقال ان الاتفاق "كان جيداً لوقف الاقتال، لكنه يتعين اجراء تعديلات عليه ليجعل وضع البوسنة مناسباً لمتطلبات انضمامها الى الاتحاد الاوروبي، الامر الذي يصبو اليه البوسنيون جميعاً".