يتوقع اقتصاديون ان يواصل الدولار تراجعه خلال الشهور المقبلة ليصل سعر صرف اليورو الى 1.35 دولار مع بداية السنة المقبلة، بسبب اعادة انتخاب الرئيس الأميركي جورج بوش الذي تعتبر الأسواق سياساته مشجعة لتراجع سعر صرف العملة الاميركية أمام العملات الرئيسية الأخرى. قال هانز ايخل وزير المال الالماني أمس ان الانخفاض السريع في قيمة الدولار قد لا يكون في صالح الولاياتالمتحدة. وأضاف في مقابلة اذاعية لراديو"دويتشلاند"قبل اجتماع وزراء المال ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين في برلين:"لا يمكن ان يكون في صالح اميركا أن تقبل انخفاضاً سريعاً في قيمة الدولار". وزاد انه ليس من المعروف بعد ما اذا كانت اوروبا واليابان والولاياتالمتحدة ستتوصل الى رأي موحد في شأن العملات، لافتاً الى أنه اذا تم التوصل الى تفاق فلن يناقش علانية. وبدأ وزراء المال ومحافظو البنوك المركزية من مجموعة العشرين اجتماعاً في برلين أمس، وسط توقعات بان يواجهوا صعوبة في التوصل الى موقف موحد في شأن العملات وخصوصاً بعدما قال وزير الخزانة الاميركي جون سنو هذا الاسبوع ان التدخل في الاسواق"غير مجز في أفضل الاحوال". لكن المسؤولين في أوروبا واليابان بدأوا يبدون انزعاجاً متزايداً لما قد يتسبب فيه انخفاض الدولار بوتيرة سريعة من ضرر على الصادرات. وانخفضت العملة الاميركية أول من أمس الى مستوى قياسي مقابل اليورو والى أدنى مستوى منذ سبعة شهور ونصف الشهر مقابل الين الياباني، وسط توقعات بان مجموعة العشرين التي تضم معظم الدول الكبرى والدول النامية الرئيسية لن تتحرك لوقف تدهور الدولار. وبلغ سعر اليورو أمس 1.2975 دولار، بارتفاع طفيف عن مستوى 1.2962 دولار الذي سجلته في أواخر المعاملات في نيويورك أول من أمس. وكان اليورو ارتفع أول من أمس الى 1.3075 دولار ليصل ارتفاعه الى نحو سبعة في المئة منذ انخفض الى 1.22 دولار في تشرين الأول أكتوبر الماضي. وبلغ سعر الدولار 104.05 ين بانخفاض طفيف عن مستواه في نيويورك مساء أول من أمس، لكنه ظل أعلى من أدنى مستوى له منذ سبعة شهور ونصف الشهر الذي سجله أول من أمس عند 103.65 دولار. وتأرجح سعر الاسترليني حول أدنى مستوياته في 11 شهراً مقابل اليورو أمس بعدما عززت بيانات اقتصادية نشرت هذا الاسبوع توقعات بأن اسعار الفائدة في بريطانيا بلغت ذروتها. لكن الجنيه الاسترليني ظل متماسكاً بصفة عامة مقابل الدولار الضعيف. وبلغ سعر الاسترليني مقابل اليورو أمس 70.01 بنس، أي أضعف قليلاً من مستويات الاغلاق في نيويورك لكنه أعلى من أدنى سعر في 11 شهراً عند 70.31 بنس الذي سجله أول من أمس. وتم تداول الاسترليني مقابل الدولار بسعر 1.8540 دولار، مرتفعاً ربع نقطة مئوية عن اليوم السابق لكنه أقل من أعلى سعر في أربعة شهور والذي وصل اليه أول من أمس. لكن على رغم انتعاش الدولار أمس عن المستويات المتدنية التي بلغها أول من أمس، فان غالبية المتعاملين يتوقعون بقاء العملة الأميركية عرضة للضغوط بسبب العجز في الموازنة الاميركية والعجز المتزايد في ميزان المعاملات الجارية للولايات المتحدة. قال كبير الاقتصاديين في شركة"فاشوفيا"جون سيلفيا أن السوق لم تعد تصدق ما تكرره الادارة الاميركية دائماً بأنها ما زالت تؤيد سياسة الدولار القوي. ويتوقع سيلفيا ان يصل سعر صرف اليورو الى 1.35 دولار مع بداية سنة 2005. ويشاطر سيلفيا في الرأي جون روثفيلد من"بنك اوف اميركا"ودنيس هيدت الاقتصادي في مصرف"بي ان بي باريبا"الفرنسي وديفيد غاليمور من مؤسسة"اف اكس اناليتيكس". وأضاف سيلفيا ان"التعليقات الاخيرة التي ادلى بها وزير الخزانة الاميركي جون سنو تم تفسيرها على انها ضوء اخضر لعمليات بيع للدولار"على نطاق واسع. وزاد ان سنو، الذي اعتبر انه من غير المحبذ ان تقوم المصارف المركزية باي جهود مركزة لدعم الدولار، ابدى معارضته بذلك لكل مبادرة لدعم الدولار وابعد احتمال قيام المصارف المركزية الكبرى بأي عمل في هذا الاتجاه. وأدت تصريحات سنو الى ارتفاع سعر اليورو أول من أمس الى 1.3073 دولار. ويؤدي هبوط سعر الدولار الى تعزيز مستوى الصادرات الاميركية وخفض نسبة الواردات وكلفتها، ما يساعد على خفض العجز في الحساب الجاري للولايات المتحدة الذي بلغ مستوى قياسياً عند 166.2 بليون دولار في الفصل الثاني من السنة الجارية. كما تعتبر سياسة الدولار الضعيف من مصلحة الصناعيين الاميركيين الذين يحبذون ان ينخفض سعر الدولار. وقال فرانك فارغو من جمعية الصناعيين الاميركيين يوم الاربعاء الماضي في بيان ان"الدولار لم يصبح ضعيفاً جداً، بل على العكس تماماً، ما زال مرتفعاً جداً". واضاف ان"خفض سعر الدولار بشكل منظم في الاسواق العالمية يصب في مصلحة الشركات الاميركية ويساهم في تخفيض العجز التجاري الهائل في الولاياتالمتحدة الذي بلغ 600 بليون دولار". وما زال على الرئيس بوش ان يقنع السوق بأن خطته لخفض عجز الموازنة، الذي بلغ 413 بليون دولار عام 2004، الى النصف خلال خمس سنوات جديرة بالثقة. ويقول الاقتصاديون إنه طالما تشكك الأسواق في مقدرة الولاياتالمتحدة على خفض عجز الموازنة سيستمر ضعف الدولار أمام العملات الرئيسية. وعلى رغم التوافق في آراء المحللين حول وضع الدولار والمستوى المتوقع له في بداية سنة 2005، الا أن توقعاتهم للفترة التالية من السنة المقبلة تبدو متباينة. ويتوقع روثفيلد ان يصل سعر صرف اليورو في نهاية 2005 الى 1.27 دولار. وتشاطره هذه التوقعات صوفيا دروسوس المحللة في مؤسسة"مورغان ستانلي"الاستشارية. وقال روثفيلد:"نرى ان الظروف الاقتصادية جيدة جداً لسنة 2005 ... يتوقع ان تستمر حركة الطلب في الارتفاع". من جهتها، قالت دروسوس إنه"يبدو ان الصين مستعدة لاضفاء المزيد من المرونة على عملتها"، ما سيسمح بنقل بعض من آثار تراجع الدولار امام اليورو الى العملات الآسيوية. ويتوقع ديفيد غاليمور أن يثبت اليورو على سعر 1.35 دولار في نهاية 2005، تماماً كما يتوقع غريغ اندرس من"اي بي ان امرو بنك". لكن سيلفيا، وهو الاكثر تشاؤماً فيما يخص هبوط الدولار، يتوقع ان يصل سعر صرف اليورو الى 1.47 دولار مع حلول شهر كانون الأول ديسمبر سنة 2005. ويجمع المحللون على استبعاد احتمال وقوع"ازمة دولار"كبيرة، الا اذا قام احد المسؤولين في واشنطن"بالتفوه بحماقة كبيرة كأن يقول مثلا"ان الدولار الضعيف يصب في مصلحتنا القومية"، او اذا اصيبت الولاياتالمتحدة بضربة ارهابية كبرى"، على حد قول سيلفيا. اما بالنسبة للين الياباني، فيتوقع الاقتصاديون ان يساوي الدولار الواحد ما بين 95 و102 ينات مع نهاية 2005. الذهب سجل سعر الذهب ارتفاعاً طفيفاً في أوائل المعاملات الاوروبية أمس، اذ فتح على 443.00-443.75 دولار للأونصة مقارنة باغلاقه في نيويورك أول من أمس على 442.95-443.70 دولار. وكان الذهب ارتفع أول من أمس الى 445.90 دولار مسجلاً أعلى مستوى منذ 16 عاماً وربع العام. ومن المتوقع ان يستمر الذهب في الاقتداء بأسعار العملات مع التركيز على حركة الدولار. وتحدد سعر الذهب في جلسة القطع الصباحية في لندن أمس عند 443.70 دولار للأونصة ارتفاعا من 442 دولاراً في جلسة القطع المسائية أول من أمس.