في الذكرى العاشرة لتولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان مقاليد حكم الوطن العزيز.. أرسم بقلمي في لوحة مشاعري، بحبر عواطفي، بلمسة وفائي حبي لملك حكم فعدل، فعاش شعبه جودة الحياة وأمنها وأمانها بمنجزات غير مسبوقة في كل مناحي الحياة وسبل عيشها، تعضدها رؤية طموحة أبدعت سطورها عبقرية ولي العهد الأمين، تقود خطانا باتجاه البناء والتطوّر والنماء، وتفجير الطاقات، وشحذ الهمم، وتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين وإقرار حزمة من القوانين والأنظمة تتعلق بالحقوق والواجبات في القضاء والمحاكم وحقوق الإنسان واستغلال الموارد، للوفاء بمتطلبات التحديات في مسيرة التطور والنمو بلا سقوف أو حواجز، وبطموح يمسّ يافوخ السِّماك، ويعلو فوق كل مستحيل. حسب الزمان أن يقف لحظة بمقدار الدهشة والانبهار في ذكرى البيعة السنوية السنية، يوم نرفع فيه الصوت بالحمد لله على ما أنعم علينا بقيادة عرفت كيف توطّن الأمن واقعاً، والرفاهية حقيقة ملموسة، كان ذلك هدفها ومبتغاها. منذ أن نهض القائد المؤسس -رحمه الله- بأعظم وأخطر مهمة في تاريخ الإنسانية الحديث، ليلم شعث هذه الأرض، ويوحدها تحت راية التوحيد، فما أعظمها من راية، وما أنبله من فعل! وعلى السيرة ذاتها من العطاء المبذول بلا منّ أو أذى، توالت الحقب على قادة هذا الوطن، ليضع كل واحد منهم لبنة عصية على النسيان، وبناء لا يطاله البلى أو الوهن، لتمضي المملكة في مسيرتها مكللة بالظفر، محفوفة بالنجاح، تتجاوز المحن الدواهي بالحكمة النافذة البصيرة، وتكتب سطور السلام المنشود في الكون اليوم فعلاً لا قولاً، فكانت موئل السلام، ومثابة الأمن. هكذا مضت المسيرة، لتشرق علينا الحياة بعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، عهد ليس كسابقه من العهود، فالمتغيرات الكبيرة التي حدثت في العالم، وزلزلت كيانات كان الناس يصفونها بالثبات، فإذا هي متضعضعة ومنهارة، ولم يثبت أمام هذا الطوفان الجارف إلا من ملك أسباب القوّة، وإنها ليست بقوّة سلاح، ولا قوة جبروت، وإنما قوّة الإرادة، وقوّة الحكمة وبعد النظر في الإدارة وإسلاس القياد، فكانت المملكة حاضرة في هذا المناخ المضطرب، ليس حضور من يتقي ويتحاشى ويحمد السلامة، بل حضور من يرتب هذه الفوضى، فكان لها قدم السبق في أن يتجاوز العالم محنة الإرهاب التي صبغت الدنيا بالقتامة والسواد، فكانت حاضرة تواسي العالم أجمع في كل مصاب يلمّ بها سواء أكانت الكارثة طبيعية أو من صنيع المنحرفين في هذه الدنيا. كل ذلك وغيره من إسهامات المملكة في المحيط العالمي جعل من الصعب على الدول الكبرى أن تتجاوزها أو أن تتخطى دورها. ومن أراد أن يعرف مكانة المملكة اليوم في عهد سلمان الحزم والعزم وولي عهده الأمين محقق مستهدفات الرؤية وحامل راية التغيير، عليه أن يقرأ ذلك في مرآة ما يصرّح به رؤساء الدول المؤثرة في سياسة العالم. عندها سيعرف ويوقن أن المملكة أصبحت «رقماً صعباً» في المعادلة العالمية. ويحمد لقيادة هذه البلاد (سلمانها ومحمدها) التي أدركت أنه لم يعد بالإمكان الانكفاء على الذات، والاهتمام بالشؤون الداخلية فحسب، فالاهتمام بالشؤون العالمية أصبح المفتاح لنماء وتطور شؤون الأوطان الداخلية؛ لذا وجب أن يكون الترتيب من الخارج متسقاً مع التطور والنماء الداخلي، وهو عين ما فطنت إليه وقامت به قيادتنا الرشيدة، فكان جهدها في ترتيب الشؤون الخارجية، ومعالجة القضايا الإقليمية والعالمية، ماضياً على السنّة التي عرفت بها، والأسس التي قامت عليها المملكة منذ تأسيسها. احترام متبادل، ومنفعة مشتركة، وبسط لسلطان الأمن والاستقرار، فإن شذّ عن ذلك مارق، فلا بد أن يعاد إلى الجادة. أما على المستوى الداخلي فالمملكة تشهد مسيرة عظيمة على هدى رؤية طموحة تباركها عناية إلهية تمضى بثبات في مشاريع هدفها راحة المواطن وسعادته، وجودة حياته، وصنع اقتصاد مؤثر، متجاوزاً حيز الاعتماد والاستهلاك السالب إلى التصنيع والمساهمة في المعادلة الاقتصادية العالمية، مما انعكس أثره واضحاً في حياة الناس اليومية، رغم ما اعترى العالم كله من متغيرات اقتصادية خطيرة هزّت العروش، وأشعلت الثورات. تأتي ذكرى البيعة بسلطان المحبة والإيلاف، بيعة نبذلها لحبيب القلوب سلمان ملؤها الحب والتقدير، لملك تعالى على كل العوارض سهر على راحة المواطنين وقدمها على راحته. عهد سلماني مجيد قوامه الحب والعطاء والتقدير، فأصبح الوطن محطة قوافل عواصم الدنيا زمن السلم والحرب، وبؤرة إشعاع حضاري ومثالاً رائعاً وفريداً في حركة التنمية التخطيطية والعمرانية والاقتصادية والاجتماعية ونموذجاً لتجربة فريدة رائدة في العصر الحديث. ملك صنع مجد أمة وحضارة شعب لُقب سلمان القلوب بعاشق الوطن لصدقه وأحاسيسه وصراحته وسجيته التي يطلقها دون تكلف وقُربه من العامة قبل الخاصة، فما جزاء ذلك إلا أن ينبض كل قلب بمحبته، وترفع كل أيادي الوطن إعلاناً لبيعة الحق والواجب. بيعة حب تفتح على نوافذ من العطاء المُسطّر، والفعل المنجر، والوعد المصدوق، بما يشيع الطمأنينة، ويرسّخ نوازع الانتماء الوطني المكين، والولاء الصادق لقيادته الحكيمة. نرفع أكف الضراعة إلى الله العلي القدير كشعب آمن بهذه القيادة وبادلها حبّاً بحبٍّ أن يحفظها؛ لنكمل معاً مشوار التنمية والبناء والخير وترسيخ استراتيجيات التنمية الشاملة المتوازنة والمستدامة التي منحها للمدينة والقرية والسهل والجبل، ولولي عهده المحبوب محمد الخير، ولكافة أفراد الأسرة المالكة والشعب السعودي النبيل. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين فنحن في خير كثير.