توقع المحللون الاقتصاديون في "سيتي غروب" ان يتراجع سعر صرف الدولار مقابل العملات الدولية الرئيسية بنسبة 20 في المئة خمس قيمته على مدى السنتين المقبلتين. ولم يستبعدوا ان يرتفع الاسترليني الى 1.80 دولار واليورو الى 1.30 دولار في الربع الاول من السنة الجديدة. وسيؤدي استمرار التراجع في قيمة الدولار الى دفع المستهلكين الاميركيين الى زيادة وارداتهم من المنتجات والسلع الاميركية على حساب المنتجات والسلع الاوروبية واليابانية او تحمل خسائر المشتريات من اوروبا واليابان باسعار عالية نتيجة ارتباط عملاتهم بالعملة الاميركية. استقر الدولار والعملات الدولية الرئيسية في آسيا واوروبا امس مع اغلاق سوق طوكيو وتراجع حركة التداول بالقطع في كثير من الاسواق عشية بدء عطلة الميلاد ودخول الاسواق عطلة نهاية السنة الميلادية. وسيستغل المستثمرون العطلة للتركيز على مراقبة ما سيجري في الولاياتالمتحدة اعتباراً من اول السنة الجديدة واذا كان مجلس الاحتياط الفيديرالي المركزي الاميركي سيلجأ الى رفع الفائدة على الدولار في اجتماعه المقبل او اذا كان المركزي الاوروبي سيتدخل في الاسواق في محاولة للحد من ارتفاع سعر صرف اليورو مقابل الدولار بعدما ارتفعت اصوات المصدرين الاوروبيين بالشكوى من بدء الشعور بخسارة اسواق مهمة في طليعتها السوق الاميركية التي اصبحت تشعر بغلاء البضائع والسلع الواردة من اوروبا. قمة التعاون تتجاهل الدولار ولوحظ في لندن ان قمة مجلس التعاون الخليجي، التي انعقدت في الكويت، شددت على اهمية استقرار الاسواق النفطية لكنها لم تُشر على الاطلاق الى حض الولاياتالمتحدة على "تعديل سعر صرف الدولار" الذي ترتبط به العملات الخليجية على رغم ان وزراء خليجيين سبق ان انتقدوا تراجع سعر العملة الاميركية وبرروا ارتفاع سعر النفط بتراجع الدولار. وسيؤدي استمرار تراجع سعر صرف الدولار الى زيادة الصادرات الاميركية الى دول الخليج لتجاوز مستوى ال50 بليون دولار المحققة السنة الجارية لكن الواردات الخليجية من اليابان واوروبا، التي تُقدر قيمتها باكثر من 45 بليون دولار، ستصبح اكثر كلفة على المستهلك الخليجي لان قيمة صرف عملته تتراجع بموازاة تراجع سعر صرف الدولار. وكان الدولار تعثر على مدار السنة الجارية وتراجع بقوة في الاسابيع الاخيرة على رغم صدور بيانات اقتصادية اميركية جيدة بسبب قلق المستثمرين من تدني قدرة الولاياتالمتحدة على اجتذاب الاستثمارات لتقليص العجز في ميزان المعاملات الجارية. وتحرك الدولار امس عند 107.36 ين بارتفاع نصف ين على ادنى مستوياته في ثلاثة اعوام التي بلغها في وقت سابق من الشهر. وقال متعاملون ان القلق من تدخل السلطات اليابانية بائعة للين يحد من نشاط المضاربين على تراجع الدولار. كما ساد السوق جو من الحذر بعدما رفعت الحكومة الاميركية درجة التأهب الامني الاحد قائلة "ان هناك مخاطر عالية لوقوع هجوم في فترة العطلات". وتراجع الاسترليني قليلاً في الصباح الى مستوى 1.7631 دولار من 1.77 دولار الذي حققه الاسبوع الماضي. لكن الاقتصاديين ومحللي العملات في لندن توقعوا ان يستمر الاسترليني في "تحليقه" امام العملة الاميركية في المدى المنظور. وبقي اليورو مرتفعاً امام الدولار في تعاملات صباحية خفيفة في لندن ومختلف الاسواق الاوروبية امس وسجل صباحاً 1.2408 دولار متراجعاً بنسبة طفيفة عن اعلى مستوى تاريخي امام الدولار الذي سجله الاثنين عند 1.2447 دولار. وقال المفوض التجاري الاوروبي باسكال لامي امس: "ان القيمة الحالية لليورو لا تدعو الى القلق بعد... لكن من الضروري الا تتحرك العملة بشكل اسرع من اللازم". واضاف في حديث مع راديو "ار تي ال" في باريس: "ان اليورو ليس قوياً لكن الدولار ضعيف". وكان سعر اليورو لدى اطلاقه عام 1999 نحو 1.16 دولار ثم تراجع الى ادنى مستوياته مقابل الدولار ليسجل 0.83 دولار قبل ان ينهض من كبوته ويبدأ رحلة استعادة العافية قبل عامين ليتجاوز سعره دولاراً واحداً نهاية العام الماضي وليقترب نهاية السنة الجارية من مستوى 1.25 دولار. ومع استبعاد الاقتصاديين في لندن ان يسجل الاسترليني مستوى دولارين كما حدث عام 1992 بعد حرب الخليج الثانية الا ان دراسة للمصرف الاستثماري "دويتشه بنك" توقعت بقاء الاسترليني عالياً جداً امام الدولار في حين توقع الاقتصاديون في "سيتي غروب" ان يخسر الدولار نسبة عشرين في المئة اضافية من قيمته على مدى السنتين المقبلتين. وقال الاقتصادي في "اي بي ان امرو" توني نورفيلد ان "الاسترليني قد يُحقق قريباً مستوى 1.80 دولار". وعلى رغم ان الاقتصاديين يقومون السعر الحقيقي للاسترليني بنحو 1.30 دولار اذا أُخذ في الاعتبار حجم الدين البريطاني ولجوء وزارة الخزانة للاستدانة باكثر من توقعات الموازنة. وكانت انباء اميركية تحدثت عن ان "تعديل سعر صرف الدولار" لن يتم قبل انتخابات الرئاسة الاميركية في الربع الاخير من سنة 2004. وتوقع جيم اونيل من "غولدمان ساكس" ان يكسر اليورو حاجز 1.30 دولار مطلع السنة... وان ينتقل ضعف الدولار الى العملات الاسيوية التي تقاوم بشدة انخفاضه من خلال التدخل لدعمه كما فعل بنك اليابان المركزي الذي يُقال انه ضخ في الاسواق اكثر من 19 تريليون دولار لشراء العملة الاميركية، على مدى السنتين الاخيرتين لمنع الين من الارتفاع كثيراً مقابل الدولار. ومع استمرار العملة الاميركية في التراجع مقابل العملات يعتقد اقتصاديون في المصارف الاستثمارية العاملة في لندن ان الدولار سيبقى متأرجحاً حتى الاجتماع المقبل لمجموعة السبع.