تنذر النتائج التي تسجلها استطلاعات الرأي، والمنهالة في شكل شبه يومي منذ تاريخ آخر مناظرة رئاسية في 13 تشرين الأول أكتوبر الجاري، بمعركة شرسة لا يمكن التنبؤ بالفائز فيها. ووضعت النتائج المتقاربة بين المرشحين جورج بوش وجون كيري، المخططين الاستراتيجيين للحملتين في حال ترقب، إذ يتعقبون في شكل يومي تحركات الاستطلاعات، للتأكد مما إذا كان مرشحهم في المسار الصحيح. ويختلف المعسكران في مسألة مدى تأثير المناظرات في السباق. يذكر أن 33 استطلاعاً للرأي أجريت في تشرين الأول أكتوبر الجاري، بلغ فيها هامش الفارق بين بوش وكيري 1.3 في المئة لمصلحة الاول. وبحسب استطلاع نشرت نتائجه صحيفة "واشنطن بوست" أمس، خرج الرئيس الجمهوري من المناظرات الثلاث بتقدم طفيف على منافسه الديموقراطي بلغ ثلاث نقاط، ما يفسر بأنه، على رغم الأداء القوي لكيري، لم تنجح المواجهات التي تناقلتها وسائل الإعلام في إحداث تغيير يذكر في نظرة الناخبين تجاه كلا المرشحين. وحصل بوش في استطلاع الصحيفة على خمسين في المئة من أصوات الناخبين المفترضين، في مقابل 47 في المئة لكيري، وواحد في المئة للمرشح المستقل رالف نادر. أما في صفوف الناخبين المسجلين، فقد بلغ تقدم بوش نقطة واحدة فقط في الاستطلاع الأخير. الجدير ذكره أن رصيد بوش في استطلاعات ما قبل المناظرة الأولى التي أجريت في 30 أيلول سبتمبر كانت ست نقاط تقدم على كيري. وزاد الخناق ضيقاً في 13 ولاية حاسمة، تصدّر فيها كيري لا بوش، بحصوله على خمسين في المئة من الأصوات في مقابل 46 في المئة للرئيس الجمهوري. وتظهر نتيجة الخمسين في المئة التي حققها بوش في الاستطلاع الأخير ل"واشنطن بوست"، دخول المرشحين الانتخابات بنقاط قوة ونقاط ضعف متساوية. فبوش متقدم في نظر من يعتبر الإرهاب أولوية، فيما يتقدم كيري في صفوف من يعتبر العراق والاقتصاد أولوية. إلى ذلك، يبدو أن نسبة كبيرة من الناخبين لديها تحفظات تجاه المرشحين معاً لأسباب عدة، تبدأ بمدى القلق من كلام كيري، ولا تنتهي عند الثقة بواقعية بوش. كما ثمة تساؤل عن تأثير ملاحظات كيري على حملته نفسها، والتي تركز في شكل رئيسي على انتقاد أداء بوش. وفي استطلاع آخر أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" ومحطة "سي بي أس"، سجل تقدم آخر لبوش وإن بهامش طفيف، إذ حصل على تأييد 47 في المئة من الناخبين المفترضين في مقابل 45 في المئة أيدوا كيري. أما رالف نادر، فقد حصل على اثنين في المئة من الأصوات. ولا يعتبر تقدم بوش هذا مؤشراً إيجابياً لرئيس للولايات المتحدة. إذ يؤكد سكوت كيتر مدير أبحاث الاستقصاء، المدير المساعد في مركز "بيو" للاستقصاء، فرع الناس والإعلام، ل"الحياة" إنه على الرئيس عادة أن يحرز نتيجة تتجاوز خمسين في المئة حتى يعني أنه حصل على التأييد. غير أن المعدل الذي حقق جاء منخفضاً إجمالاً 47 في المئة، وتجاوز عدد غير المعجبين بالرئيس عدد مؤيديه. وفي استطلاع "نيويورك تايمز" - "سي بي أس" نفسه، رأى 60 في المئة أن كيري "يقول ما يريد الناس سماعه"، في مقابل 37 في المئة يعتقدون أنه "يقول ما يؤمن به"، والنتيجة جاءت عكس ذلك بالنسبة إلى بوش. أما عن مدى فهم المرشحين لحاجات الناس، فقد منح 45 في المئة أصواتهم لبوش في مقابل 51 في المئة لكيري. وكانت صحيفة "لوس انجليس تايمز" نقلت الاثنين عن محللين سياسيين قولهم أن نتيجة خمسين في المئة تعني موافقة الناخبين على الرئيس، أما كل ما هو دون ذلك فلا ينذر بالخير. وكان استطلاع ثالث أمس لوكالة "رويترز" ومركز الزغبي للاستقصاء، تساوى فيه المرشحان بحصول كل منهما على 45 في المئة من الأصوات. كل هذه الاستطلاعات تتناقض مع ذلك الذي أجرته صحيفة "يو أس أي توداي" وشبكة "سي أن أن" مع مركز "غالوب" ونشرت نتائجه الاثنين، من حيث التباعد في النتائج، إذ ظهر لدى الأخيرة تقدم بوش بثمانية نقاط 52-44 في صفوف الناخبين المفترضين، بينما تقدم في صفوف الناخبين المسجلين، ب49 نقطة في مقابل 46 نقطة لكيري.