ألقى انعدام الأمن وانتشار البطالة والفقر بظلالهما على عادات العراقيين واستعداداتهم لشهر رمضان التي كانوا يتفننون بها وفي مقدمها شراء المواد الغذائية، ما ولد حنيناً لديهم الى زمن كان يشهد الشهر فيه دعوات بين الأصدقاء والعائلات لافطارات جماعية. وعلى رغم أن هذه المناسبة تمر على العراقيين للمرة الثانية بعد سقوط نظام صدام حسين، فانها تفقد هذا العام بعضاً من خصائصها لأن الوضع الأمني والاقتصادي في العراق بات أسوأ مما كان عليه العام الماضي، ما فرض على الكثيرين تذوق مرارة العيش في ظل غياب الأمن والقانون وانعكاسات ذلك على وضعهم الاقتصادي والاجتماعي. ويقول عباس العابدي 75 عاماً إن العائلة العراقية تواجه حالياً صعوبة مالية كبيرة وهي تستقبل رمضان، كما تشكو من عدم توافر الأمن، ما يجعلها تترحم على ما درجت عليه في السابق، عندما كانت الدعوة توجه الى الأقارب للاجتماع على مائدة الافطار. ويضيف أن العائلة العراقية تعاني أيضاً من ارتفاع أسعار الكثير من السلع والمستلزمات الحياتية وشحتها، مشيراً الى أن سعر قارورة الغاز ارتفع عشرة أضعاف عما كان عليه في عهد النظام المخلوع. أما عبوة النفط الأبيض سعة 20 ليتراً فكانت تباع سابقاً ب250 ديناراً، في حين يبلغ سعرها حالياً ألفي دينار، اضافة الى شح في الوقود، ما يزيد من مصاعب التنقل وزيارة الأقارب. وتؤكد الموظفتان سهير وأمواج أن ارتفاع الأسعار يؤثر سلباً في حياة العائلة العراقية أثناء شهر رمضان، وتقولان"إن هذه الأزمة تلجم نشاط العائلة الاجتماعي وتخفض مستوى تمتعها بأيام الشهر الفضيل، وخصوصاً في ظل انقطاع التيار الكهربائي". وتوضحان أن الزيادة التي طرأت على رواتبهما أخيراً فقدت قيمتها الشرائية في ظل ارتفاع حاد في أسعار الحاجات الأساسية. ويتحدث الكثير من المواطنين بحنين عن مائدة الافطار التي كانت تضم المقبلات بأنواعها واللبن والتمر اللذين يفضلهما الصائم قبل وجبة الافطار، اضافة الى أنواع العصائر من الزبيب والتمر هندي والقمر دين وشوربات الدجاج والعدس التي تعد سمة المائدة العراقية. وتقول نسرين عباس التي تعمل مهندسة إن المائدة العراقية غنية ومتنوعة، لكنها تحتاج الى قدرة مالية لا تقدر على توفيرها شريحة كبيرة من العراقيين. وتترحم المهندسة نسرين على أيام رمضان السابقة وتتساءل عما اذا كان في امكانها هذه السنة اعداد وجبات"أيام زمان". اما المقاهي التي اعتاد العراقيون الذهاب اليها بعد الافطار بانتظار حلول موعد السحور، حيث يلعبون"المحيبس"التي يدفع الخاسر فيها ثمن البقلاوة والزلابية، فتجعلها الاوضاع الامنية المتردية شبه خالية.