تحفظت الخرطوم عن اقتراح كيني بعقد لقاء يجمع نائب الرئيس علي عثمان محمد طه مع زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" العقيد جون قرنق في نيروبي، قبل معاودة محادثات السلام بين الجانبين في 10 ايلول سبتمبر المقبل لمعالجة القضايا الخلافية التي تبطئ عملية السلام، وذلك على رغم ان الحكومة التي تحدثت عن اتفاق مع "الحركة" في مسائل متعلقة باقتسام السلطة، اكدت الاتفاق على رفع مستوى الاتصالات بين الجانبين قبل بدء الجولة المقبلة للمفاوضات. علم ان القيادة الكينية التي تقود اللجنة الخماسية في "الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا" ايغاد المعنية بملف السلام السوداني اقترحت عقد لقاء بين نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه الذي تتهمه دوائر غربية بقيادة تيار الصقور داخل الحكم، وبين زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" العقيد جون قرنق لتذليل العقبات التي ادت الى تعثّر الجولة السابعة من مفاوضات السلام بين الجانبين في نيروبي. وابلغ مصدر حكومي "الحياة" ان الخرطوم لا تمانع من حيث المبدأ عقد لقاء على مستوى عال مع "الحركة الشعبية"، لكنها تخشى ان يتكرر ما حدث في ابوجا عندما رفض قرنق لقاء طه في اللحظة الاخيرة بدعوة من الرئيس النيجيري اوليسغون اوباسانغو، على رغم وجودهما معاً في مزرعة اوباسانغو في ضاحية ابوجا الامر الذي حرجاً بالغاً للقيادة النيجيرية. واضاف المصدر: "ان تجارب الخرطوم مع لقاءات قيادة الحركة الشعبية غير مشجعة" موضحاً ان اللقاء الاخير بين الرئيس عمر البشير وقرنق اعقبته "الحركة" بالاستيلاء على مدينة توريت الاستراتيجية في جنوب البلاد، الامر الذي دفع الحكومة الى تعليق المحادثات مؤكداً ان اي لقاء مع قيادة "الحركة" ينبغي ان تتوافر له ضمانات النجاح حتى لا يكون "بروتوكولياً واعلامياً". ولم يؤكد الناطق باسم الوفد الحكومي الى محادثات السلام سيد الخطيب او ينفي اقتراح عقد لقاء بين طه وقرنق. وقال ل"الحياة" امس "ان الطرفين اتفقا خلال جولة المحادثات الاخيرة على رفع مستوى الاتصالات بينهما قبل الجولة المقبلة". ورفض وصف الجولة السابعة بالفشل، معتبراً انها "لم تكن عقيمة على رغم انها لم تكن موفقة". وأكد توصل الطرفين الى اتفاق على بعض بنود اقتسام السلطة، خصوصاً تلك المتعلقة بالرئاسة، اذ اتفق على "ان لا يشترط في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ذات القاعدة العريضة اجماع بين الرئيس ونوابه على التشكيلة الوزارية" مما يعني ضمناً عدم اعطاء نائب الرئيس حق "الفيتو" على قراراته، الامر الذي طالبت به "الحركة الشعبية" مشيراً إلى ان "هذا الاتفاق سيكون له معنى بعد انتهاء مناقشة مسألة الرئاسة والقضايا الامنية المتعلقة بها". وذكر الخطيب ان المحادثات التي استمرت نحو اسبوعين في منتجع نانيوكي في جبل كينيا، كانت في معظمها، غير مباشرة "اذ سعى الوسطاء عبر لقاءات تشاورية مع الطرفين الى تجاوز المسائل الخلافية المرتبطة بالنواحي الاجرائية ومرجعيات التفاوض باستثناء الايام الثلاثة الاخيرة التي شهدت لقاءات مباشرة، حققت نجاحاً في التوصل الى اتفاق في بعض القضايا المتعلقة بالرئاسة والمسائل الامنية المرتبطة بها". واضاف الخطيب: "ان الطرفين تجاوزا الطريق المغلق الذي رسمته جولة المحادثات السادسة التي جرت الشهر الماضي في بلدة ناكورو، وطرح فيها الوسطاء وثيقة لمعالجة قضايا اقتسام السلطة والثروة والترتيبات الامنية". ووصف الايام الاخيرة من المحادثات بأنها "كانت جادة وسادتها روح أريحية. وحرص الطرفان فيها على عدم تعقيد الامور والخروج من المأزق الذي دخلت فيه". وعن مناقشة اقتسام الثروة وعائدات النفط اوضح الخطيب "ان عدم تمكن الخبراء الدوليين من صندوق النقد والبنك الدوليين من الحضور الى جلسات التفاوض حال دون مناقشة المسائل الخلافية في شأنها"، مؤكداً "ان الجولة الجديدة ستشهد الدخول في حوار مباشر لحسم ما تبقى من اقتسام السلطة والثروة والترتيبات الامنية". وافاد الخطيب انه "اتفق على قواعد للاجراءات التي تحكم عملية التفاوض من ابرزها التزام الطرفين الا يكون هناك طرف ثالث يتحكم في الاجراءات، بمعنى ترك الحرية للمتفاوضين بالحوار من دون قيود". وكرر "ان وثيقة ناكورو التي كانت مصدر الخلاف لن تكون حاكمة لوفدي التفاوض وحدها وان المرجعية ستكون كل الاتفاقات التي وقعت في وقت سابق". وتوقع ان تحرز جولة المحادثات الثامنة تقدماً اذ "انها ستدخل في نقاش مباشر لحسم القضايا الخلافية".