تنتظر الحكومة العمانية شهر تشرين اول أكتوبر المقبل عروضاً من الشركات المحلية والعربية والعالمية الراغبة في دخول المنافسة على انشاء شبكة ثانية للخلوي. والمعلوم ان خدمات الهاتف في السلطنة تقتصر راهناً على شبكة واحدة تديرها "الشركة العمانية" للاتصالات. وهذه هي المرة الاولى التي تسمح فيها عمان للشركات الاجنبية والاقليمية بالمنافسة في مجال الاتصالات المحلية. وترافقت هذه الخطوة مع الاعلان عن البدء في تحرير قطاع الاتصالات الخلوية عبر عرض ثلاثين في المئة من اسهم "الشركة العمانية" للاكتتاب. أثار موضوع الشبكة الثانية أسئلة في الشارع العماني، الذي لا يتردد في ابداء ضيقه من مستوى الخدمات المقدمة راهناً. وأَلِفَ المسؤولون تبرير مشكلات الخلوي بالاشارة الى الضغط غير المتوقع على شبكة الاتصال، ووعورة الجغرافيا العمانية التي تكثر فيها الجبال والأودية، ما يثير مشكلات تقنية امام الاتصالات الخلوية. وفي لقاء مع "الحياة"، أوضح محمد بن علي الوهيبي، الرئيس التنفيذي ل"الشركة العمانية للاتصالات"، ان الحكومة رصدت في الخطة الخمسية الحالية، التي تنتهي في العام 2005، مبلغ 282 مليون ريال عماني الريال 6،2 دولار اميركي. ووزعت هذه الاستثمارات على كل مناطق السلطنة ومحافظاتها. وتتضمن الخطة ادخال مجموعة من الخدمات الجديدة. ووصل عدد الاشتراكات في الهاتف المحمول في آخر احصاء قبل شهرين الى ما يقارب من 530 ألف مشترك، وفي الهواتف المنزلية الثابتة الى 220 الف مشترك، فيما وصلت اشتراكات الانترنت الى خمسين ألف مشترك. والمعلوم أن عدد السكان في عمان يصل الى مليونين وربع المليون، تشكل العمالة الاجنبية ربعهم. وتنوي الحكومة تأسيس شركة ثانية للعمل في مجال الهاتف المحمول. وثمة ميل حكومي ايضاً الى تأسيس شركة متخصصة بالهواتف الثابتة والانترنت. ويسود اعتقاد عام بأن كلا الشركتين المزمع انشاؤهما ستتبعان "الشركة العمانية للاتصالات". وعملاً بشروط منظمة التجارة الدولية، فمن المتوقع طرح اسهم الشركتين للاكتتاب العام. في انتظار الجيل الثالث ومع الاعلان عن اجراءات التخصيص، مضت شركة "العمانية" في تنفيذ مشاريعها الاستثمارية المختلفة. ففي محافظة مسقط، مثلاً، كشف الوهيبي عن توسع جديد فى خدمات الاتصالات في المحافظة من خلال تركيب وتشغيل العديد من المقاسم الجديدة، سواء للهاتف الثابت أو المحمول. وتهدف هذه الخطوة الى مواكبة الطلبات المتزايدة من المشتركين. وفي المحافظة عينها، بدأ العمل في تركيب 93 محطة كبيرة و23 محطة صغيرة وتشغيلها، اضافة الى توسيع اعمال 120 محطة عاملة حالياً. وأدى الامر أيضاً الى توسيع المقسم الرئيسي في "العذيبة". وخلص الوهيبي الى الاستنتاج ان الطاقة الاستيعابية للشبكة في محافظة مسقط ستصل الى 260 الف مشترك، بعد أن كانت 139 ألفاً. ودرست "وحدة خدمات الاتصالات المتنقلة" في "العمانية" حركة الاتصالات في محافظة مسقط، واوصت برفع الطاقة الاستيعابية للشبكة بما يمكنها من استيعاب اربعمئة ألف مشترك عند نهاية العام الحالي. وكذلك وضعت الشركة خططاً أخرى لادخال شبكات الجيل الثالث من الهواتف المحمولة، وما يرافقها من خدمات، مثل الفيديو، ووسائط الاعلام المتعددة مالتي ميديا، والسرعة العالية في ارسال البيانات واستقبالها، والتجارة الالكترونية عبر الهاتف المحمول، وتطوير بنية تحتية للاتصالات للمصارف والمؤسسات التجارية وما الى ذلك. وكمرحلة أولى سيدخل نظام "جي بي آر أس" GPRS، وهي من الشبكات التي تتوافق مع الجيل الثالث من الخلوي. وتوفر شبكات GPRS سرعة عالية في الاتصال تصل الى خمسين كيلوبايت فى الثانية. والمعلوم ان سرعة تبادل المعطيات في الشبكة الحالية تصل الى 6،9 كيلوبايت في الثانية. وفي المدى القريب، تزمع "الشركة العمانية" ادخال خدمات جديدة مثل ارسال صورة مع صوت ترافق الرسائل النصية القصيرة، وصور مرئية متحركة وغيرها. وتفكر الشركة في ادخال خدمة تحديد الموقع الجغرافي للمتصل باستخدام الاقمار الاصطناعية. والمعلوم ان هذه الخدمة اساسية في الجيل الثالث من الخلوي. ومن ناحية ثانية، يهدف ادخال هذه الخدمات الجديدة الى اختبار قدرة الشركة على التأقلم مع التطور التكنولوجي السريع في عالم الاتصالات، بما في ذلك قدرتها على التعاطي مع الجيل الثالث من الخلوي. ماذا عن الاسعار؟ لم يؤد الإعلان الرسمي عن فتح باب المنافسة امام الشركات الاجنبية والاقليمية والمحلية الى توضيح صورة مستقبل الاتصالات بالنسبة الى جمهور المستخدمين. وتتركز آمال هؤلاء على امور كثيرة من ضمنها خفض رسوم الخدمات. ولطالما كرر المسؤولون في "الشركة العمانية" الحديث عن اعتماد اسعار مناسبة، بل والعمل على اعتماد رسوم تقل عن تلك المعتمدة في كثير من دول المنطقة. وتعتمد الشركة المهرجانات والمعارض لتقديم خدمة توصيل الخدمات والاشتراكات مجاناً. والمعلوم ان رسوم تسجيل الهاتف المحمول هي 26 دولاراً، والرسم الشهري 15 دولاراً تقريباً. ولا تتجاوز كلفة استخدام الانترنت لمدة ساعة نصف دولار، اضافة الى اشتراك شهري يبلغ خمسة دولارات. واخيراً، أدخلت الشركة نظام البطاقات المدفوعة سلفاً وسيلة للحصول على خدمة الانترنت. ولم تستبعد الشركة قيامها بخفض أسعار المكالمات قريباً، خصوصاً لاولئك الذين يستخدمون بطاقة المحمول المدفوعة سلفاً "حياك". ومع عودة الطيور المهاجرة إلى أعشاشها مع انقضاء الصيف، يبرز احتمال للبدء في الدعوة الى المصالحة، بين جمهور يرى المسؤولون انه "لا يعجبه العجب"، وشركة تعاني التدافع الرهيب على خدماتها بما يفوق توقعاتها، علماً ان صافي الارباح يبلغ سنوياً اكثر من ربع بليون دولار أميركي.