أعاد كاظم الساهر الرومانسية من جديد إلى أذهان المستمعين العرب من خلال ادائه المؤثر وأغانيه العاطفية، واحتل موقعاً فريداً في الساحة الغنائية. كاظم الساهر الذي استطاع أن يجمع بين الأصالة والتجديد، غنى "بغداد" وحمل جرحها ليداويه غناء في العالم، وصل الى بيروت والتقته "الحياة" فتحدث عن رأيه بما يحصل اليوم في بلاده قائلاً: ان ما حصل في العراق كان مذلاً، وما زالت المذلة مستمرة، العراق بلد الإنسانية والتاريخ والحضارة يُحرق، وأنا عتبي شديد على المحطات الفضائية العربية التي كانت تظهر عمليات السلب والنهب التي تعرض لها العراق، وتظهر ان من قاموا بها هم عراقيون، والحقيقة ان هناك اشخاصاً لا أعرف من اين أتوا، هم الذين أحرقوا بغداد وقاموا بعمليات السلب والنهب ربما كان معهم بعض العراقيين ولكن الغالبية لم يكونوا عراقيين بل عصابات منظمة حقيقية، وكان العراقيون يحاولون بمبادرات فردية حراسة الجامعات والمؤسسات وإقامة حواجز امنية لمصادرة المسروقات ووضعها في المساجد والكنائس، وكانوا يعرضون انفسهم للقتل... هذا هو وجه العراق الحضاري وليس كما يصوره بعضهم للعالم. كيف تنظر الى مستقبل العراق؟ - القلق من المستقبل يعيش معي دائماً، لأن المنبر المأسوي الذي كنا نراه يومياً من خلال الفضائيات والمشاهد المأسوية اليومية ما زالت مستمرة. عندما أجلس مع نفسي وأفكر بما حصل في بلدي العراق وفي شوارع بغداد التي احتضنت طفولتي وذكرياتي والمكتبات التي أحرقت ودمرت، أرى ان المأساة كبيرة جداً لم نر مثلها من قبل، كنا نسمع بالتتار والمغول عندما حولوا نهر دجلة الى لون أزرق بعدما رموا الكتب فيه، ولكن المأساة اليوم اكبر دفع ثمنها العراقيون غالياً جداً. هل في نيتك العودة الى بغداد للمشاركة في اعادة البناء والأعمار؟ - أنا اشارك من خلال بعض أصدقائي المثقفين الذين كانوا خارج العراق في اوروبا واميركا وعادوا اليها من اجل هدف واحد وهو ان نتحد ونسهم مع بعضنا من أجل بناء العراق. أما بالنسبة إلي، فأنا أسهم بصوتي لكي اوصل الى العالم الحقيقة، صورة جميلة عن بغداد وعن العراق الذي يدمرونه، وأوضح لهم ما يملكه من ثقافة وأدب وفلاسفة وليس كما يصوره الإعلام الغربي للعالم على انه بلد الحروب والمشكلات والإرهاب، وانا كفنان غنيت السلام في ماليزيا وفي اميركا وسأحاول أن اكون في كل دول العالم لكي أعرّف بالعراق الحقيقي لأننا نريد السلام. لماذا غنيت في الولاياتالمتحدة البلد الذي يحتل بلادك؟ - تعرضت لانتقادات كثيرة لأنني غنيت في الولاياتالمتحدة، من دون أن يعرف المنتقدون لماذا غنيت. لقد ذهبت الى اميركا وغنيت السلام للشعب الأميركي لأنني احببت ان أتكلم عن إنسانية الشعب العربي من خلال جملة راقية من سطرين "سلام الله على الدنيا على الإنسان آه وآه حتى نحيا بحب وأمان...". ما احببت ان اترجمه في هذه الفترة، هو اننا كعرب نريد السلام، نريد ان نعيش بحب وأمان، لأننا فعلاً محرومون منه منذ سنوات طويلة خصوصاً في العراق. كل هذه الصور احببت ان اطرحها من خلال أغنية "نريد السلام" التي غنيتها مع المطربة البريطانية "سارة بريتمان" ولكن للأسف قطعوا في اميركا من الأغنية الكلام العربي ولا أعرف لماذا. هل تحب السياسة؟ - لا، ولكنني أحب الاطلاع عليها، مثلاً عندما كنت مراهقاً كنت أجلس مع افراد من مختلف الأحزاب وأستمع اليهم يتحدثون عن أفكارهم وأيديولوجياتهم، ولأشارك في الحديث كنت أقرأ كثيراً، لكنني أكره السياسة لأنها دمرت كل شيء. أنت كفنان ما هي أول أولويات الطرح عبر السياسة؟ - لا استطيع ان أكون شخصاً آخر فأنا فنان، احببت أن أظهر صورة بلدي وللاسف هناك كثيرون لا يعرفون ربما 30 في المئة مما يحصل ولا يعرفون إلا أخبار الحرب. وممكن ان أوصل الفكرة، فقد غنيت مع زملائي الفنانين العرب وترجمنا كلاماً وفوجئ الناس بأن يكون لدى العرب موسيقى مرتبطة مع بعضها، وسمعونا باللغة الإنسانية وسألوا لماذا لا نرى الجانب الإنساني من هذا البلد؟ ما الرسالة التي وجهتها؟ - قلت لشعوب العالم: إذا كنتم تنادون بالإنسانية يجب أن تكونوا إنسانيين في سياستكم. بعد رفع الحظر عن بث الأغاني العراقية في الإذاعة والتلفزيون الكويتي، هل سيغني كاظم الساهر في مهرجان "هلا فبراير" المقبل؟ - لم أتلقَ دعوة من أجل ذلك، ولم يحدثني أحد في هذا الموضوع. فأنا لم امتنع يوماً عن الجمهور الكويتي ولكنني حُرمت منه، علماً أن لي أصدقاء كثيرين في الكويت كانوا يحضرون حفلاتي في جميع أنحاء العالم ولم أنقطع عنهم أبداً ومن أفضل اصدقائي الكويتيين الفنان عبدالله الرويشد. تمكنت من كسر الحواجز التي صنعتها السياسة وكنت أول مطرب عراقي يغني في سورية بعد المقاطعة مع العراق؟ وأول مطرب لديه معجبون في الكويت، واول مطرب يقف في اميركا ويتحدى الاحتلال لبلده بغنائه، هل تجد أن الفن يصنع ما لم تصنعه السياسة وقد يكون سبباً في التحرير؟ - الفن إجمالاً يجمّل الحياة ويجعلها إنسانية أكثر ودائماً هو عكس السياسة التي فيها نسبة كبيرة من التخريب في الارض بمن فيها. بالنسبة اليّ عندما دعيت الى سورية وكانت العلاقات في ذلك الوقت متوترة جداً مع العراق، وعندما ذهبت كنت سعيداً وغنيت واستقبلوني استقبالاً رائعاً، وعندما عدت أجريت لقاء مباشراً على الهواء وسئلت إذا كنت غنيت لسياسة سورية، ورديت بأنني غنيت للشعب السوري الذي استقبلني بالورد من المطار الى المسرح ولم يتوقفوا عن التشجيع والهتاف، وهناك أشخاص كثر لا يعرفون الكثير عنا في العراق وتعرفوا الى الفرقة الموسيقية العراقية وصار لديهم حنين لبعضهم. ما الجديد الذي قدمته في البومك الغنائي الجديد؟ - الأغنية التي عشقتها في الألبوم هي "حافية القدمين" هل عندك شك التي بدلنا اسمها، هي للراحل الكبير نزار قباني وتحمل جملاً جديدة وصوراً شعرية مميزة، فيها الشجن والحب، اسرار العاشق الذي يعيش بين نارين، الألم والفرح في الوقت عينه، حال عدم الاستقرار والعذاب. الأسلوب المختلف موسيقياً هو لناحية ادخال الايقاعات الشرقية القديمة الشبيهة بتلك التي رقصت على انغامها نجوى فؤاد وغيرها في مزج موسيقي مميز. انا سعيد جداً بالعمل إن شاء الله، ولقد صورناها على طريقة الفيديو كليب، ورقصت فيه الفنانة سمارة. صورت كليباً لأغنية "دلع" مع سعيد الماروق و"حافية القدمين" مع طوني أبو الياس، مع من ارتحت أكثر؟ - كنت سعيداً جداً بالفيديو كليب "دلع" الذي صوره سعيد الماروق، لأنني كنت أتعامل للمرة الأولى مع أطفال وحققت رغبتي هذه من خلال أغنية احببتها جداً، علماً أن الكثيرين انتقدوني في هذا العمل، وأعتقد انني كنت موفقاً في هذه الأغنية من حيث الكلمات والموسيقى. وكانت فكرة الفيديو كليب جميلة جداً، خصوصاً أنني كنت سائق الباص. أما الفيديو كليب الجديد لأغنية "حافية القدمين" الذي صوره طوني ابو الياس، أكذب عليك اذا قلت انني مرتاح للتصوير، ولكن بعد انتهاء المونتاج وعرضه على شاشات التلفزيون أستطيع الحكم على العمل في شكل نهائي. وفي هذا العمل حاولت أن أخرج من قصة الحب مع عارضة لأنني وعدت جمهوري بأن لا أحضن فتاة في الفيديو كليب ولا أصور مشاهد غرامية مع أحد، إلا أنني انا نادم الآن على هذا الوعد!