حين يغنّي المطرب محمد الحلو حين يغني يستدعي الى الاذهان تغريد الكروان. فهو ورث جمال أو حلاوة الصوت عن جدته لوالده الست بهية المحلاوية مطربة العشرينات المشهورة ولها الكثير من الاسطوانات. ونشأ في عائلة فنية اشتهرت بألعاب السيرك. والسيرك لم يكن مجرد إكروبات وتدريب حيوانات، لكنه كان ممزوجاً بالفن والغناء والموسيقى، حتى إنه في نهاية البرنامج اليومي كانت تقدم تمثيلية مغناة. عرف عنه في صغره هدوؤه وتدينه حتى إنهم اطلقوا عليه لقب "الشيخ محمد" ومكث في بلدته طنطا الى أن بلغ سن العاشرة، ثم جاء القاهرة، وأقام على مقربة من شارع الفن، توهناك تعلم الكثير. عن بدايته والمحطات الرئيسية في حياته الغنائية وتجسيده اخيراً شخصية شيخ الملحنين زكريا أحمد في مسلسل تلفزيوني ينجز حالياً، كان ل "الحياة" الحوار التالي: هل كانت لك احلام في الصبا والمراهقة غير الغناء؟ - منذ طفولتي وأنا أحلم بالغناء واعتلاء عرش الطرب مثل جدتي. لكن اسرتي كانت لها احلام أخرى. كانت تحلم ان اصبح طياراً ولكن حين تأكد الجميع من جمال صوتي، لم يمانعوا إتجاهي الى الغناء، والتحقت بمعهد الموسيقى العربية، وتفوقت فيه. من اضاء الطريق أمام موهبتك؟ - أول من أضاء الطريق في حياتي هي أسرتي ولا سيما أمي وأبي، لانهما كانا يتمتعان بصوت عذب. ثم خالي أحمد يوسف هلال عازف الكلارينت، والموزع الموسيقى، ثم مجموعة من الشيوخ تعلمت عليهم فن التواشيح والموشحات مثل الشيخ محمد عمران والشيخ طلعت وايضا المؤلف الموسيقى عبده داغر، وأساتذتي في معهد الموسيقى العربية الدكتورة رتيبة الحفني والملحن حسين جنيد وسواهما. بعد اتمامك الدراسة في معهد الموسيقى العربية حصلت على الماجستير، لماذا لم تكمل دراستك لتحصل على الدكتوراه؟ - أخذتني هموم ومشاغل الحياة. إضافة الى التطورات والتغيرات الفجائية التي طرأت على الغناء أخيراً!. موضوع رسالة الماجستير كان عن الاغنية الشعبية، لكنك لم تغنّ الاغنية الشعبية، لماذا؟ - اغنياتي "عراف" و"بتتساوى" و"جت من الغريب" و"حبايبنا بتوع زمان" شعبية. والحقيقة أنه لا يوجد ما يسمى أغنية عاطفية أو شعبية أو أغنية أطفال، ويمكن أن أغني أغنية للطفل وتشعر أنها عاطفية أو شعبية. والمسميات الحقيقية للاغنية هي طقطوقة او قصيدة أو منولوغ، وخلاف هذا خطأ، وأخيراً الصوت القادر يغني كل الألوان، ولا أدري لماذا اطلقوا على عبدالحليم حافظ لقب مطرب عاطفي، على رغم أنه قدم غير لون من الغناء. ولكن توجد اصوات لا تصلح للغناء العاطفي؟ - هذه مواصفات وامكانات وشكل مطرب، وحاليا نصدق الصورة وليس الصوت. كيف وقع اختيار الموسيقار محمد عبدالوهاب عليك لتغني مع مجموعة المطربين نشيد "الأرض الطيبة"؟ - تعود معرفتي بالموسيقار محمد عبدالوهاب إلى ما قبل نشيد "الارض الطيبة"، إذ كانت تربطني به علاقة التلميذ بأستاذه. وكنت اثناء دراستي في معهد الموسيقى العربية في فرقة أم كلثوم للموسيقى العربية، وكنا كل عام في 3 آذار مارس نحتفل بعيد ميلاده، وكان يحضر الاحتفال وكنت متخصصاً في غناء أدواره، وكان معجباً جداً بصوتي، ولدي شريط كاسيت اغني فيه ويدربني على غناء أغنيته "في الليل لما خلي" ويستحسن ما أقوله. وعندما كلف بتلحين نشيد "الارض الطيبة" اختارني لأغني معه، وبعد انتهائه من تلحين النشيد سافر الى باريس، ولم يحضر الحفلة التي رعاها يومذاك الرئيس الراحل محمد انور السادات، وطلب من أحمد فؤاد حسن قائد الفرقة الماسية أن أغني افتتاحية النشيد. وبعد عودته قال لي إنه اختارني لانه يعرف امكاناتي الصوتية جيداً، وليعطي دفعة لبقية المطربين الشباب. على رغم أن أغنية "عراف" كانت سبب شهرتك إلا أنك لم تتعامل مع ملحنها باهر عبدالحميد مرة أخرى؟ - لأنني دائماً أبحث عن الجديد من المواهب الجادة والجيدة، واقدمهم من خلال صوتي الى الساحة الغنائية. وعلى سبيل المثال قدمت سامي الحفناوي وفاروق وصلاح الشرنوبي ووليد فايد وهشام طاهر على مستوى اللحن. اما بالنسبة الى الكلمة فقدمت مدحت العدل ومحمد فضل وهند القاضي. كما أن لكل وقت شكلاً. وعندما اجد ما ابحث عنه لا يهمني إذا كان هذا الملحن أو المؤلف جديداً أم لا. في بداية مشوارك الفني تعاملت مع عدد كبير من الملحنين الكبار مثل كمال الطويل وبليغ حمدي ومحمد الموجي وحلمي بكر لماذا ابتعدت عن التعامل مع الكبار؟ - لأن الملحنين الكبار أعطوا الكثير، وأنا أحب الواقع والدم الجديد وحتى أكون أكثر صدقاً مع نفسي كان لا بد أن أتعامل مع جيلي من الملحنين والشعراء لأنهم يشعرون بما نمر به حالياً!. خضت تجربة الغناء للاطفال عبر ألبوم عنوانه "جنة العصافير" ما تقييمك لهذه التجربة، ولماذا لم تتكرر؟ - كان الألبوم نوعاً من التجربة، وكان مليئاً بالألحان الجميلة. لكنها لم تجد الدعاية المناسبة، لذلك لم يصل للجمهور كما كنت أتمنى. ولدينا عيب خطير وهو "التصنيف". إذا غنيت للاطفال صنفوك بأنك مطرب اطفال. وإذا غنيت الوطن صنفوك بمطرب الاغاني الوطنية... وهذه كانت مأساة مطرب مثل محمد ثروت واتمنى ان اغني للاطفال مستقبلاً. انتقدك كثيرون حين اتجهت الى الاغاني الخفيفة، وقالوا إن محمد الحلو استبدل الغناء الكرواني بالكربوني؟ - وأين كان اولئك النقاد عندما كنت أغني اغاني جادة مثل "ليلة شتا" و"صابرين" و"رحال" و"مستحيل" و"في عينيه" وغيرها من الاغاني...؟ فلماذا لم يشيدوا بهذه الاغاني؟ لم اقدم ايّ اعمال فنية بعد صدور ألبوم "يا قمر" وطوال اربع سنوات. وفي هذه الفترة ظهر عدد كبير من المغنين الذين لا يملكون اي موهبة فنية وملأوا الساحة بالضجيج والفرقعات الغنائية الكاذبة. لذلك اعدت حساباتي ورجعت بألبوم "حنيت" ونجح بقوة. وفتحت الطريق لجيلي من المطربين. فغنى علي الحجار "تجيش نعيش" وهاني شاكر "علِّي الضحكاية". قدمت للسينما المصرية خمسة افلام، فما تقييمك لها؟ - انا غير راضٍ عنها، وقدمتها لأثبت انني اصلح للسينما وافلامي مرحلة جانبها الصواب في حياتي الفنية لانني اتجهت الى السينما في أسوأ ظروفها وكانت تقدم ما يسمى بأفلام المقاولات، ولن اقدم على تجربة السينما مستقبلاً إلا بفيلم جيد جداً. قال الملحن عمار الشريعي إن المطربين العرب سحبوا البساط من تحت اقدام المطربين المصريين، فما تعليقك؟ - اي مطرب مصري جيد ومتمكن من أدواته لا يقف على بساط، ولكنه يقف على ارض صلبة. ومنذ 20 سنة ونحن نغني، انا وعلي الحجار وهاني شاكر ومحمد ثروت ومحمد منير. وظهر مغنون كثيرون من المطربين وحققوا نجاحاً وقتياً، لكنهم بعد فترة اختفوا. لست معترضاً على غناء المطربين والمطربات العرب في مصر، لانها ظاهرة صحية ومفيدة للغناء، وهذا يحدث منذ فترة طويلة، لكني ضد تسخير كل وسائل الاعلام في مصر لخدمة اولئك المطربين والمطربات وإهمال المطربين والمطربات المصريين!. هل لك أغانٍ كنت ترى فيها آمالاً ولكنها جاء مخيبة للآمال؟ - كثيرة مثل اغاني "قلبي على طيري" و"بندم" و"ملاكي" و"زمن الطيبين". كنت أول من صور اغانيه عبر الفيديو كليب، ما رأيك في هذه الظاهرة؟ - عندما صورت اغنياتي، لم اصورها عبر الفيديو كليب، ولكنني صورتها عبر طريقة الاغنية المصورة ذات السيناريو المكتوب. لذلك تجد اغنياتي محفورة في اذهان الجمهور، فإذا ذكرت اغنية مثل "آه وآه" و"الأولة" و"ناويلي" ستجد أنها معروفة، وأنا احب الاغنية المصورة التي لها قصة. وما يحدث حالياً في الفيديو كليب، يعود الى تفاهة موضوع الاغاني، فيلجأ العاملون فيها الى الابهار النظري عن طريقة تعرية الفتيات والاتيان بحركات خلاعية. كنت أول من غنى لغيرك من المطربين، إذ قدمت اغنية المطرب محمد فوزي "حبيبي وعينيه" في ألبوم غنائي ما رأيك في غناء المطرب لغيره من المطربين؟ - يجب أن يقدمها بطريقته وألاّ يكثر في غنائه لغيره من المطربين، لأنهم مازالوا احياء بفنهم. المطرب الحالي الذي يحترم اختياراته الغنائية؟ - في مصر هاني شاكر وعلي الحجار ونادية مصطفى وأنغام، وفي العالم العربي نبيل شعيل وسميرة سعيد وكاظم الساهر. قدمت للمسرح خمس مسرحيات، ما الاضافة التي اضافها لك المسرح؟ - المسرح اصعب الفنون، وظهوري يومياً على خشبته كممثل اعطاني ثقة كبيرة في نفسي زادت مع استمرار العرض، إضافة الى ان المسرح يفتح لك افاقاً جديدة في مجالات اخرى مثل السينما والتلفزيون. واشعر انه إذا اتسعت هذه الخطوة المسرحية يمكن ان تقدم مسرحاً غنائياً جيداً. هل نجاح مسلسل "أم كلثوم" كان سبب قبولك تجسيد قصة حياة شيخ الملحنين زكريا أحمد في مسلسل تلفزيوني؟ - نجاح مسلسل "أم كلثوم" أعطاني أملاً وثقة في أن أقدم قصة حياة زكريا أحمد احد رواد التلحين في مصر والعالم العربي. وما جذبني الى هذا المسلسل كمّ الغناء الرصين والجيد الذي يتخلل احداثه لا سيما ادوار الشيخ زكريا الغنائية التي أدّاها بنفسه او التي لحنها لغيره من المطربين والمطربات، وعلى رأسهم سيدة الغناء العربي أم كلثوم؟ وما جديدك الغنائي؟ - ألبوم سيطرح قريباً في الاسواق اتعاون فيه مع مجموعة من شباب الملحنين للمرة الاولى مثل عصام كاريكا وحمدي صديق، بالاضافة الى دويتو غنائي بيني وبين مطرب الخليج نبيل شعيل، عنوانه "خلي الزعل بيني وبينك".