تعبر الحوزة العلمية في النجف، وهي المرجعية الدينية الشيعية العليا في العراق، بشكل يزداد وضوحاً عن نفاد صبرها مع التظاهرات الشيعية ضد قوات الاحتلال في بغداد وجنوب البلاد، غير انها لا تزال تدعو الى التهدئة. وقال ابرز المراجع الدينية الشيعية، واحدى المرجعيات الاربع في مدينة النجف آية الله علي السيستاني، في تصريح صحافي ان "الولاياتالمتحدة لا تريد ان تعترف بأنها غير قادرة على السيطرة على الوضع وعلى اعادة اعمار العراق". واوضح اكرم الزبيدي 42 سنة ان "السيستاني قال ان عشرات الشكاوى تصلنا يومياً من العراقيين تطالبنا باصدار فتوى تدعو الى قتال الاميركيين ونحن نرفض. غير ان هذا الرفض لن يستمر الى الأبد". من جهة أخرى دعا مرجع آخر هو آية الله محمد سعيد الحكيم الى الحفاظ على الهدوء. وقال نجله محمد حسين الحكيم 43 سنة: "ننصح عموماً بالتحلي بالصبر، وان كانت قوات الاحتلال لم تف بوعودها". واعرب عن أسفه لمقتل عراقيين في تظاهرات الجنوب وفي مدينة الصدر. اما مقتدى الصدر 30 سنة نجل آية الله محمد صادق الصدر والذي يلقي خطباً متشددة اللهجة في مسجد الامام علي رابع أهم مساجد الاسلام في الكوفة القريبة من النجف، فانه يحتج على سلطة الحوزة العلمية التي يعتبرها تقليدية. لكن الحكيم اوضح ان "المرجعية تتكون من علي السيستاني ومحمد اسحق فياض ومحمد سعيد الحكيم وبشير النجفي". واشار الى وجود "تنسيق بين هذه السلطات حتى لا تتعارض الآراء ... بدأ مع انطلاق الحرب ولا يزال مستمراً حتى الآن". من جهته دعا علي النجفي، نجل آية الله بشير النجفي، الى رحيل القوات الاميركية لكن من دون عنف. وقال: "جاؤوا لاحتلال العراق وليس لتحريره. وعليهم سحب قواتهم والرحيل بشكل سلمي". غير ان المراجع الاساسية للحوزة العلمية رفضت الدعوات لتولي حكم البلاد بعد تبين عجز ادارة "التحالف". وكان مقتدى الصدر قال في خطبة يوم الجمعة الماضي: "الآن وبعدما تبين عجز القوات الاميركية يجب على الحوزة ان تتولى مقاليد الحكم". ورد الزبيدي على هذه الدعوة بالاشارة الى ان "الامام السيستاني قال اننا لا نريد ان تتولى المرجعية مباشرة تسيير شؤون البلاد كما وقع عقب الثورة الايرانية". كما رفض ممثلا الحكيم والنجفي بشدة الفكرة. وقال محمد حسين الحكيم ان "المرجعية لا تريد ان تتولى السلطة السياسية في البلاد، بل فقط السلطة الروحية والدينية. والمرجعية هي التي تنير درب الطائفة الشيعية وليست الطائفة الشيعية التي تصدر لها تعليمات". اما علي النجفي فشدد من جانبه على ان "الوقت حان ليتبع الشعب المرجعية وليس مطالبتها بقيادته". غير ان ممثلاً لمقتدى الصدر هو رياض النوري 32 سنة، اكد اهمية الدور الذي يمكن ان تقوم به السلطة الدينية. وقال: "الشارع العراقي يتبع أوامر الحوزة التي يمثلها مقتدى الصدر"، مؤكداً ان "الاوامر يجب ان تنبع من الحوزة". غير ان النوري دعا بدوره الى استخدام "الوسائل السلمية" لانهاء الاحتلال. واشار الى مواجهات يوم الاربعاء الماضي في مدينة الصدر في العاصمة العراقية، قائلاً ان الاميركيين "حاولوا نزع علم المهدي وشاهدوا الارض تشتعل تحت اقدامهم".