يستفز الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر تيارات شيعية منافسة في العراق وبنفس القدر قوات الاحتلال بقيادة الولاياتالمتحدة. يسبب الصدر المتمركز في النجف صداعا لزعماء الشيعة الذين يخشون ان يتسبب وجوده في هجوم أمريكي عسكري على مدن الشيعة. وقيادات الشيعة التي تتخذ من النجف مقرا لها في أشد الحاجة الى تسوية الأزمة مع الصدر الذي تهدد انتفاضته بطريق غير مباشر سياستهم في تنمية النفوذ الشيعي سلميا في العراق بعد الحرب. وكانت الولاياتالمتحدة تعول على تحالف الشيعة معها وتحاول الترويج في الإعلام والأوساط العالمية أن خطوتها بغزو العراق تحظى بدعم الشيعة. ومنحت قوات الاحتلال ميزات لقوات بدر التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، بقيادة عبدالعزيز الحكيم، في مقابل التحالف مع الاحتلال. وحاولت واشنطن اغراء الشيعة بإعطائهم حصصاً أكبر في مجلس الحكم العراقي الانتقالي. ولكن مقتدى الصدر وجه ضربة لكل ما كانت واشنطن تقوله طوال سنة كاملة. ووجه الصدر إنذاراً لقوات الاحتلال وأسس ميليشيا باسم جيش المهدي. ولهذا جاء الرد الأمريكي على الزعيم الشيعي عاجلاً ومتهوراً، فقد اتهمته باغتيال عبدالمجيد الخوئي لكي تزرع الشكوك في زعامته وتقطع الطريق على محاولته استقطاب الشارع الشيعي. وبذلك يحصل تحالف غير مكتوب بين الولاياتالمتحدة ومجموعة عبدالعزيز الحكيم. يحاول المسئولون في واشنطن التقليل من حركة الصدر، وقد وصف وزير الدفاع دونالد رامسفيلد جيش المهدي بأنه مجموعة صغيرة من الخارجين على القانون، وذلك ما يثير الارتياح أيضاً في أوساط الشيعة المناوئين للصدر. وبعد أن حاولت القوات الأمريكية التدخل، يبدو أن الشيعة، رفضوا هذه الخطوة، برفق. فقد طلبوا أن تتسلم بريطانيا مسئولية حل أزمة النجف. وقد صرح زعماء في العراق وإيران بأن بريطانيا تملك خبرة التعامل مع العراقيين، ولديها قواعد للتفاهم مع العرب. ويتهمون الأمريكيين بالتهور والتخبط والعنجهية. ويطلب البريطانيون من الزعماء الدينين بأن يقوموا بدور أكبر لحل الأزمة. ويقتنع البريطانيون بأنه إن لم يحل الشيوخ عقدة الصدر فإنها قد لا تحل أبداً. ويقترح البعض ان يسلم الصدر نفسه للسلطات الدينية العراقية أو غيرها لمحاكمته بعد انتهاء الاحتلال رسميا في 30 يونيو حزيران.وينفي الصدر تورطه في اغتيال الخوئي. ويشك أنصار الصدر في نزاهة العداء الأمريكي لزعيمهم، ويعتقدون أن ذريعة تهمة اغتيال الخوئي قد برزت بعد إعلان الصدر تحالفه وتأييده لمنظمة حماس الإسلامية الفلسطينية ومنظمة حزب الله، وهي ميليشيا لبنانية شيعية مسلحة، والمنظمتان تستهدفان قوى الاحتلال في فلسطين. ويقول المسؤولون ان سلطات الاحتلال في العراق بقيادة الولاياتالمتحدة قد تقبل الحل الذي تتوصل له المؤسسات الدينية شرط نزع سلاح ميليشيا جيش المهدي. وبسط الزعيم الشيعي علي السيستاني نفوذه في العراق في الاشهر الماضية. وبعد انتزاع تنازلات سياسية من واشنطن حث السيستاني وزعماء دينيون آخرون العراقيين على الابتعاد عن مقاومة الولاياتالمتحدة. فيما يرى الصدر أنه لا بد من مقاتلة الإحتلال. ويؤمن أن واشنطن لن تترك العراق بسلام. والان يتعرض السيستاني ورجال دين بارزون للهجوم من اصوات من داخل دوائر نفوذهم لتقاعسهم عن مواجهة الصدر بقوة أو حتى انتقاده علنا. قال رجل دين قريب من السيستاني: لا يؤمن بالميليشيات ولكن يستطيع دعوة مؤيديه لمواجهة ميليشيا المهدي. وفي العام الماضي طرد انصار السيستاني رجال الصدر من كربلاء عندما حاولوا الاستيلاء على مزارات المدينة المقدسة. ولكن بمفاوضات تجري لتشكيل حكومة انتقالية تتولى السلطة في 30 يونيو حزيران يريد السيستاني وزعماء شيعة رئيسيون تجنب أي عنف يضر بصورة الوحدة الطائفية التي يسعون للحفاظ عليها. ولهذا اجتمع زعماء دينيون ومنهم محمد رضا ابن السيستاني ومستشاره بالصدر في الاسبوع الماضي لحثه على السعي لتسوية تفاوضية مع ادارة العراق بقيادة الولاياتالمتحدة. وفي النجف يناقش رجال الدين والعلمانيون الازمة وبعضهم يلوم السيستاني والصدر والامريكيين على السواء. قال طالب بمعهد ديني في احدى المكتبات الصغيرة: كله خطأ السيستاني. كان يجب عليه معارضة الصدر الذي يقود طائفتنا الى مواجهة مدمرة. ويثير غضبهم مشهد ميليشيا الصدر تجوب الشوارع بالقرب من بيوت زعماء دينيين او توقف وتفتش الرجال والنساء وحتى شيوخ الدين الملتحين. قال متحدث طلب عدم ذكر اسمه: لا نستطيع انتقاد الصدر علنا لانه يمكن ان يأمر اتباعه بمهاجمة مكاتبنا بالقذائف غدا. وفي النجف يعتبر البعض الصدر وهو في اواخر العشرينات مصدر قلاقل اذا أرخي له اللجام. وقال المتحدث انه خطأ مجلس الحكم العراقي والأمريكيين. كان يجب احتواء الصدر قبل شهور عندما كانت حركته لا تزال صغيرة. وإذا كان اتباع السيستاني والحكيم يخشون حركة الصدر، فإن القلق لا بد أن يستبد بأحمد الجلبي عضو مجلس الحكم، ورجل البنتاغون، فالصدر يمكن أن يكون قاسياً وحاسماً مع أتباع واشنطن في أي مكان في العراق. ويتزعم الجلبي المؤتمر الوطني العراقي ومليشياته المدربة تحت إشراف أمريكي. وهو شيعي يحمل الجنسية الأمريكية. ويحظى بصفة خاصة بحماية الجيش الأمريكي في العراق. كما أن أعضاء مجلس الحكم يشعرون بالخوف من حركة الصدر، لأن الصدر لم يترك مناسبة إلا وندد بها بمجلس الحكم ويذكر المواطنين بأن أعضاءه عملاء لقوات الإحتلال. احمد الجلبي