لا أحد يعرف حقيقة الحب حقاً إلا من يدق قلبه بعنف وتتسارع أنفاسه. هل ما أقوله إكتشاف؟ مطلقاً، إنه الوصف الأكثر ابتذالاً لما يحُسه المرء إذ يُحب، ولكن إن أحب حقاً يكون الوصف الأكثر جمالاً. تلك الساعات الطوال التي كنا نقضيها معاً. من بإمكانه أن يحس بجمالها سوانا. تلك الكثافة في كل شيء، وذلك العالم الذي لا تنمحي آثاره بسهولة. "لقد خدعك أحدهم مرة أخرى" قالت لي "أعرف، ولكن ماذا بامكاني أن أفعل". "كان عليك أن تتخذ حيطتك منذ البداية" "هذا ماحدث". "عدني أنه لن يتكرر". "لن يتكرر. أعدك". كان كُل شيء لا يزال جميلاً. كان لا يزال بامكاننا أن نذهب إلى أماكن جميلة، ونتحدث بصوت هامس عن اشياء كثيرة حتى تلك الأكثر رُعباً. وفي لحظات الصمت يكون بامكاني أن أسمع صوتك الداخلي يتحدث اليّ، وصوتي يُناجيك. "أصبح لديكِ ثلاث شعرات بيضاء في رأسِك"، اقول لها. "أكثر من ثلاث. أنت لا ترى منهن غير ثلاث". "أريد أن اقصهن لكِ". "أرجوك، لا تفعل، لماذا يجب أن ندعي شيئاً غير ما نحن عليه". "أنا أيضاً اصبح لدي شعر ابيض كثير". "هل حدث أن اعترضت على ذلك من قبل". "لا، ولكن اسناني ايضا لم تعد كما كانت من قبل". "أنت تتحدث عن الصبغة الصفراء، ولكن أحب ابتسامتك". "أتمنى لو كان بامكاني أن أنزعها كلها واركب اسناناً أخرى مكانها". "أبي ركّب طقم اسنان اخيراً، ربما حينما تصبح في مثل سنه - إذا كنت ما أزال معك - سأسمح لك بأن تنزع ما تبقى من اسنانك وتركب طقماً مكانها. هل تعرف إلى أي مدى تعب أبي لكي يُربينا. أبي كان يعمل حتى وقت قريب في ثلاث وظائف، لم يكن لديه وقت ليفكر في أسنانه". صمَتَ لبعض الوقت مفكراً إنني لم استطع ان أوفر لها ما كنت قد وعدتها بتوفيره من السيناريو الذي كنت أعمل عليه. "أعرفُ بماذا تفكر" قالت لي. "بماذا؟" - سألتها - "تفكر في أنك قد خُدعت مرة أخرى". "ليس ذلك فحسب. أنا حزينٌ ايضا لأنه كان صديقي وخدعني. طلب مني أن اعمل معه على السيناريو ففعلت. والآن ينسب كل شيء إلى نفسه ويتمتع بالمكاسب" "كم سنة لديه الآن؟" "36" "ما زال أمامك وقت. حينما تكون في مثل السن الذي هو عليه الآن أنا متأكدة أنك ستحقق مكاسب أكثر بكثير مما حققها هو حتى الآن، ولكن.." "ولكن ماذا؟" أسألها - "قد لا أكون إلى جوارك وقتها. ألم أقل لك أنني سأموت في سن الخامسة والثلاثين." "لن يحدث.." قلت لها، ثم قبلت جبهتها. * كاتب مصري.