نشأت "الصحوة الاسلامية" كتعبير عن هوية اهل السنة في مقابل الثورة الشيعية في ايران، واكتسبت مع الوقت ادواتها وتطرفها، ومثلما واجهت الثورة الايرانية النظام والمجتمع والعالم بأسره، وتمسكت في بداياتها بمبدأ التغيير بالقوة، كذلك فعلت صحوة اهل السنة، وخلال وقت قصير استطاعت انجاب جماعات التكفير، والتطرف الفكري وصولاً الى الارهاب، لكن الحكومات التي ساندت او سهلت، او غفلت عن حقيقة نشاط هذه الصحوة، او استخدمتها وسيلة في مواجهة المد الديني الايراني المستند الى شعار "تصدير الثورة"، لم تدرك ان "الصحوة" كانت هي الاخرى حركة سياسية مثل قدوتها. في ايران كانت المواجهة امراً طبيعياً: ثورة اسلامية في مواجهة نظام علماني، غيّب الهوية الشيعية، وقمع علماءها، وحتى "الصحوة" بدت طبيعية او"مبررة" في المجتمعات العربية ذات الدساتير العلمانية التي حاربت التيار الاسلامي، لكنها لم تكن كذلك في السعودية التي تحكم بالشريعة، وتنفق 13 في المئة من دخلها القومي تقريباً لمساعدة المسلمين والانفاق على الدعوة الاسلامية، وعلى رغم ذلك استطاعت "الصحوة" السياسية المتدثرة بالدين ان تخطف دور السعودية الاسلامي، وتعيد صوغ خطابه الهادئ، وتقاليده المستندة الى الرفق، وتحقيق الممكن، والدخول الى الدول من ابوابها الرسمية. الاكيد ان تيار "الصحوة" السياسية لم يصادم المؤسسات الدينية الرسمية في السعودية، لكنه اخترقها، واستخدم امكاناتها في نشر فكره السياسي، واستطاع صنع نجوم في مجالات عملها، وخطف جمهورها من الشباب، ولذلك فإن هذه المؤسسات مدعوة اليوم الى استعادة دورها الذي اقام دولة على مدى ثلاثة قرون وأوصل صوتها الى ارجاء العالم ضمن احترام سيادة الدول وحقوق مواطنيها، لكنه خطف في غفلة او حسن نية، او تزكية في غير محلها.