أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" أمس ان خبراء عسكريين أميركيين عثروا على أول مؤشر جدي إلى وجود برامج لأسلحة الدمار الشامل في العراق. لكن اثبات أهمية الاكتشاف يتطلب كثيراً من العمل والجهد، وفقاً للجنرال ديفيد بترايوس المشرف على عمليات التفتيش عن هذه الأسلحة. وأوضحت الصحيفة أن الخبراء عثروا، بفضل معلومات قدمها عالم عراقي عمل عشر سنوات في هذه البرامج، على مواد مدفونة تحت التراب في حديقة منزله يمكن استخدامها لإنتاج عنصر سام محظور في الاتفاقات المتعلقة بالأسلحة الكيماوية. وتتكتم القوات الأميركية على الموضوع، ورفضت كشف اسم العالم لكنها سمحت بمتابعة عمليات البحث التي يقوم بها العسكريون الاميركيون من بعيد. وأوضحت مراسلة الصحيفة في بغداد أنه لم يسمح لها بذكر المواد التي تم العثور عليها، ولم يسمح لها باستجواب العالم العراقي، ولكنها استطاعت أن تشاهد عن بعد، في أحد المواقع التي خضعت للتفتيش، رسالة كتبت بالعربية ذكر ان العالم ارسلها إلى الجنود الأميركيين وعرض فيها تقديم معلومات وطلب منهم الحماية. واضطرت الصحافية للانتظار ثلاثة أيام قبل ان تتمكن من نشر هذه المعلومات التي خضعت قبل ذلك للرقابة العسكرية. وطلب منها المسؤولون محو التفاصيل عن المواد الكيماوية التي تم العثور عليها لأنها قد تساعد على التعرف على العالم، وتعريضه لأعمال انتقامية. وأشار التقرير إلى أن العالم العراقي أوضح للمفتشين الأميركيين أن برامج أسلحة الدمار الشامل العراقية متشعبة ولا علاقة بين أقسامها، ولكونه متخصصاً فقط بالأسلحة الكيماوية لا يملك معلومات عن الأسلحة الأخرى. وقال التقرير ان المواد المكتشفة "يمكن استخدامها لانتاج عنصر سام محظور في الاتفاقات المتعلقة بالأسلحة الكيماوية"، وأن العالم أكد أنه دفنها في ساحة بيته الخلفية، وفي أماكن اخرى كدليل على برنامج الأسلحة العراقية. ولم تعلن الولاياتالمتحدة حتى الآن اكتشاف أي أسلحة محظورة في العراق، مع ان المزاعم بوجود تلك الأسلحة كانت التبرير الاساسي لشن الحرب عليه قبل شهر. لكن العالم العراقي كشف أن الرئيس المخلوع صدام حسين أمر خبراءه بالتركيز على تطوير وانتاج أسلحة يصعب على المفتشين الدوليين اكتشافها، مما يفسر أيضا الصعوبات التي يواجهها الجنود في كشف أي من الأسلحة المحظورة. ووفقاً للصحيفة، تم الاهتداء إلى العالم العراقي الخميس الماضي بواسطة التحقيقات الدقيقة والزيارات إلى المواقع العديدة التي تقوم بها وحدة تفتيش تابعة لوكالة الاستخبارات التابعة للجيش الأميركي بقيادة الضابط ريتشارد غونزالس. وقال مسؤولو التحالف انهم غير متأكدين من أنهم سيعثرون على الاسلحة وانهم عندما يعثرون عليها، فإنهم سيتخذون كل الاجراءات اللازمة لاثبات انهم لم يضعوا تلك الاسلحة بأنفسهم. واضافوا ان المسؤولين العراقيين فككوا أسلحتهم المحظورة وأخفوا قطعها في اماكن مختلفة في انحاء البلاد وان المساعدة العراقية مهمة لحل لغز برامج الاسلحة العراقية. بل أن غونزالس يرى أن التركيز في المرحلة الحالية يجب أن يكون على العناصر البشرية العراقية من علماء وغيرهم ذات العلاقة ببرامج الأسلحة المحظورة، لاعتقاده بأن المعلومات التي من المحتمل أن يقدموها ستختصر مدة التفتيش. وأشارت الصحيفة إلى أن القوات الأميركية تلقت منذ بدء الحرب بلاغات من عراقيين عن مخابئ سرية لأسلحة الدمار الشامل، لكن التفتيش في تلك الأماكن أثبت أنها بلاغات عقيمة أو كاذبة. وأفاد تقرير الصحيفة أن العالم العراقي ابلغ المسؤولين الاميركيين ان العراق دمر اسلحته الكيماوية والبيولوجية قبل بدء الحرب. واضاف انه قبل اربعة ايام من منح الرئيس جورج بوش انذاراً نهائياً مدته 48 ساعة لصدام لمغادرة البلاد أو مواجهة الحرب في 17 آذار مارس، أحرق المسؤولون العراقيون مخزناً جرت فيه أبحاث وعمليات تطوير اسلحة بيولوجية. ونقل المسؤولون الاميركيون عن العالم العراقي قوله انه شاهد العراقيين يدفنون مواد حساسة خلال الشهور التي سبقت الحرب لاخفائها او حفظها لاستخدامها في المستقبل. كما نقل عن العالم العراقي أن بغداد بدأت منذ أواسط عقد التسعينات الماضي بإرسال أسلحة الدمار الشامل المتوافرة لديها والمعلومات الفنية والتكنولوجية الخاصة بإنتاجها إلى سورية بشكل سري. وقال إن العراق بدأ في الفترة الأخيرة يتعاون مع تنظيم "القاعدة" الأصولي بقيادة أسامة بن لادن.