أعلن الاميركي ديفيد كاي رئيس فريق التفتيش في العراق الذي يجري تحقيقات حول اسلحة الدمار الشامل، بعدما عرض تقريره الأول امام الكونغرس، انه لم يتم حتى الآن العثور على أي سلاح من هذا النوع، لكنه أكد وجود ادلة مهمة تثبت عزم كبار المسؤولين العراقيين السابقين بمن فيهم الرئيس المخلوع صدام حسين، على انتاج اسلحة دمار شامل في المستقبل. وأوضح كاي للصحافيين ان فريقه الذي يضم 1400 أميركي وبريطاني "ما زال أمامه الكثير من العمل للقيام به"، مؤكداً أن "التحقيق ما زال جارياً". وقال إن عدم العثور على اسلحة حتى الآن "لا يعني اننا توصلنا الى خلاصة مفادها ان هذه الاسلحة غير موجودة" في العراق، وأضاف: "ما زال أمامنا كثير من العمل قبل ان نقول اننا وصلنا الى نهاية الطريق". وذكر انه ستتاح لفريقه فرصة أفضل للوقوف على وضع الاسلحة المحظورة في العراق خلال فترة تتراوح بين ستة وتسعة أشهر. وجرى عرض التقرير في اجتماع مغلق امام لجنتي الاستخبارات في مجلس الشيوخ ومجلس النواب. وزاد كاي ان فريقه "عثر على كثير من العناصر التي تثبت استمرار نشاط ما" في مجال اسلحة الدمار الشامل، وكذلك "على معدات لم يصرح بها الى مفتشي الاممالمتحدة عندما عادوا الى العراق في تشرين الثاني نوفمبر من العام الماضي". وقال إن هذه العناصر تتضمن "معدات مهمة وأدلة على أنشطة في المجالين الكيماوي والبيولوجي وكذلك في مجال الصواريخ". وأكد أن "العراقيين كانوا ينفذون برنامجاً واسعاً جداً، كان من شأنه ان يزيد مجال منظومتهم التسلحية الى أكثر من الألف كلم. وكان ذلك كافياً لبلوغ القاهرة والرياض انطلاقاً من الاراضي العراقية". وتابع ان البرنامج كان يشمل صنع "صواريخ بالستية وصواريخ عابرة". وذكر أن عوامل عدة تجعل من الصعب التحقق بثقة من مصير أسلحة محظورة في العراق منها تشتيت أو تدمير متعمد للوثائق والمواد. وقال إن بعض العاملين في مجال اسلحة الدمار الشامل "عبروا الحدود" قبل الحرب وخلالها، وربما اخذوا معهم وثائق او حتى "مواد لها صلة بالأسلحة". ولم يذكر أي الحدود عبرها هؤلاء. وأشار الى مختبرات ومنازل آمنة ادارتها الاستخبارات العراقية فيها معدات مناسبة لأبحاث الاسلحة الكيماوية البيولوجية ومختبر في مجمع أحد السجون ربما استخدم في اختبار اسلحة بيولوجية على البشر وسلالات من احياء دقيقة مخفاة في منزل عالم منها سلالة يمكن استخدامها في انتاج اسلحة. وقال انه جرت عمليات تدمير مستمرة للأدلة بما في ذلك اقراص صلبة للكومبيوتر وملفات، كما ان بعض المعدات المشتبه بها نُظف لاخفاء مجال استخدامه الحقيقي. وقال كاي إن جانباً كبيراً من الأدلة "فقد ويتعذر استرجاعه… من السابق لأوانه التوصل إلى استنتاجات قاطعة وفي بعض المجالات قد لا نصل مطلقاً إلى هذا الهدف". واضاف: "على رغم الادلة على استمرار طموحات صدام حسين لامتلاك اسلحة نووية، فإننا حتى الآن لم نكشف أي دليل على ان العراق اتخذ خطوات ملموسة بعد عام 1998 لصنع اسلحة نووية أو لانتاج مواد انشطارية". واستطرد قائلاً: "لكن العراق اتخذ خطوات للحفاظ على بعض القدرات التكنولوجية من برنامج عام 1991 للأسلحة النووية". إلا أن كاي قال إن مصادر أبلغت الفريق ان "العراق لم يكن لديه برنامج كبير مستمر ومنظم مركزياً للأسلحة الكيماوية بعد عام 1991". واضاف ان كل المعلومات التي عثر عليها حتى الآن تشير الى ان قدرة العراق على تطوير وانتاج وتعبئة أسلحة كيماوية على نطاق واسع "خفضت إن لم تكن دمرت تماماً". وخلص الى انه "أياً كان ما سنجده فسيختلف على الأرجح عن معلومات ما قبل الحرب". وقال إن أي أسلحة أو مواد بيولوجية او كيماوية ستكون صغيرة يمكن ان يخزن اكبرها حجما في موقفين للسيارات. وصرح أيضاً بأن فريقه لم يستطع ان يتحقق من صحة الزعم القائل بوجود معمل متحرك لانتاج الاسلحة البيولوجية وان القاطرتين اللتين عثرت القوات الاميركية عليهما في شمال العراق في نيسان ابريل لا تصلحان للاستخدام في الحرب البيولوجية. وذكر أن المعلومات التي توصل اليها حتى الآن تشير الى ان العراق ركز بعد عام 1996 على "قدرات صغيرة سرية يمكن تنشيطها بسرعة لتحفيز انتاج عناصر الحرب البيولوجية". وقال ان البحث عن مخزون الاسلحة الكيماوية يعوقه ايضا كبر حجم مستودعات الاسلحة التقليدية العراقية التي يمكن ان تخبأ فيها الاسلحة المحظورة. ويتألف الفريق الذي يقوده كاي من عناصر أجهزة استخبارات وعلماء وخبراء نزع اسلحة ولغويين ومحللين مخبريين وعسكريين او خبراء معلوماتية. وتأكيداً لمعلومات اوردتها الخميس صحيفة "نيويورك تايمز"، قال السناتور الديموقراطي ايفان باي انديانا العضو في لجنة الاستخبارات ان الادارة الاميركية تقترح تخصيص 600 مليون دولار اضافية لمواصلة عمليات البحث عن أسلحة دمار شامل في العراق. وانفق حتى الآن حوالي 300 مليون دولار. ويخضع التقرير الأول لفريق التفتيش في العراق للسرية، لكن نسخة منقحة وزعت على وسائل الاعلام. وجاء في الوثيقة التي تقع في 13 صفحة: "لم نعثر بعد على مخزونات أسلحة دمار شامل، لكننا لم نصل بعد الى النقطة التي يمكن معها ان نجزم بصورة نهائية ان مثل هذه المخزونات موجودة او كانت موجودة قبل الحرب". وأضاف التقرير أيضاً انه "من المبكر جداً استخلاص النتائج النهائية وبالنسبة لبعض هذه الأسلحة قد لا نتمكن من معرفة شيء عنها البتة". وأكد "أن هدفنا الوحيد هو معرفة الى اين نقلت هذه الاسلحة ونحن نبحث عنها بكد ونشاط على اساس معلومات زودنا بها العراقيون".