فاجأت بيونغيانغ واشنطن أمس، بإعلانها أنها نجحت في إعادة معالجة قضبان وقود نووي مستنفد، ما يمكنها من انتاج بلوتونيوم صالح لتطوير قنبلة نووية. ودفع ذلك الادارة الاميركية الى اعلان انها تدرس اعادة النظر في محادثات كان مقرراً ان تجريها مع الكوريين الشماليين في بكين الاسبوع المقبل، خصوصاً بعدما لمح السفير الصيني في سيول لي بين الى ان بلاده لا ترغب القيام بدور وساطة في تلك المحادثات. راجع ص 12 ومن شأن ذلك ان يحول اللقاء بين الاميركيين والكوريين الشماليين في بكين الى "محادثات مباشرة" لطالما اصرت عليها بيونغيانغ شرطاً للحوار، فيما رفضت ادارة الرئيس جورج بوش "الانصياع" لهذا الشرط وطالبت بمحادثات متعددة الاطراف. وبدا الارتباك واضحاً على المسؤولين الاميركيين امس، لدى سؤالهم عن ماهية الاعلان الكوري الشمالي الاخير، ونقل عن "مسؤول رفيع" في الادارة الاميركية ان الولاياتالمتحدة "لا تملك أي أدلة حتى الآن على ان كوريا الشمالية بدأت عمليات اعادة معالجة قضبان وقود نووي مستنفد، ما قد يمكنها من انتاج اسلحة نووية عدة". لكن المسؤول نفسه قال: "إن من المحتمل ان تكون بيونغيانغ فعلت ذلك والولاياتالمتحدة لم تعلم به بعد"، ما يشير الى ان واشنطن ربما وقعت ضحية خدعة كورية شمالية بابداء استعدادها للمحادثات، ظناً منها ان بيونغيانغ تبحث عن مخرج للازمة. لكن لهجة التحدي كانت بادية في تصريح الناطق باسم الخارجية الكورية الشمالية الذي ارفق اعلانه عن نجاح بلاده في معالجة اكثر من ثمانية آلاف قضيب وقود مشع مستنفد امس، بالقول ان "الحرب العراقية تعلم درساً مفاده ان في سبيل منع حرب والدفاع عن امن بلد وسيادة امة، لا بد من امتلاك قوة ردع مادية قوية". كذلك بدا لواشنطن ان مخاوفها قد تكون محقة لجهة ترددها في قبول عرض الصين استضافة محادثاتها مع كوريا الشمالية كونها خشيت ان تشرف بكين على عقد الاجتماع، ثم تنسحب بعد ذلك تاركة الاميركيين في مفاوضات ثنائية مباشرة مع الكوريين الشماليين، وهو ما طالبت به بيونغيانغ من البداية ورفضته واشنطن. وجاء ذلك بعد تعليق السفير الصيني لدى سيول على المحادثات الاميركية - الكورية الشمالية المرتقبة بقوله: "ان على الدولتين ان تتعاملا مع القضية، وأن القرار الاخير يعتمد على كيفية معالجتهما للمشكلة"، علماً بأن واشنطن سبق ان وافقت على استبعاد سيول وطوكيو عن تلك المحادثات، ظناً منها ان بكين ستكون شريكاً ثالثاً في الحوار.