يتبدى من آراء الكثير من الطلبة الاميركيين الذين وفدوا الى سورية لتعلم اللغة العربية، الاعتراض على السياسة الأميركية وخصوصاً على الحرب ضد العراق. ويؤكد معظم هؤلاء ان أكثرية الشعب الأميركي ترفض الحرب وتدرك ان لا مصلحة لها فيها، متناقضة بذلك مع قرار حكومتها. ومن بين الذين سألتهم "الحياة" رأيهم، الطالبة لينغ هاييس 23 عاماً التي تشرح بداية انها درست اللغة العربية في الولاياتالمتحدة وكان استاذها سورياً شجعها على استكمال تعليمها اللغوي في سورية. وتقول هاييس: "كنت قلقة جداً حين وصلت سورية بسبب ما كان يتردد على مسامعي حول توتر الأوضاع في الشرق الأوسط والكره للأميركيين بسبب تحالف حكومتهم مع اسرائيل. لكن عندما التقيت الناس هنا وتحاورنا واطلعنا على افكار بعضنا البعض أدركت انهم لا يحبون العنف، الا انهم مستاؤون جداً من السياسة الأميركية إزاء قضاياهم". صداقات مع العرب وتشير هاييس الى أنها كوّنت صداقات كثيرة مع عرب "وهم يعاملونني بمنأى عن نظرتهم للسياسة الأميركية الخارجية. وبرأيي ان الناس في اميركا نفسها ضد السياسة الاميركية ويعشقون الحرية، ويؤمنون بحقوق الإنسان ويتطلعون الى الأمن والاستقرار والعيش بحرية وكرامة. وهم يتمنون أن يعيشوا بسلام وأمان ولا يريدون الحرب ولا يحبون سياسة الحكومة الأميركية. وأنا شخصياً أعارض الحرب على العراق وأعتبرها منافية للإنسانية". وبعد أن تذكر بالإجراءات التي اتخذتها السلطات الأميركية على أثر احداث 11 أيلول سبتمبر 2001 في شأن الهجرة، تعرب هاييس عن الخشية من "العودة الى الوراء لممارسة الديكتاتورية التي كانت تلوّن المجتمع الشيوعي إبان الخمسينات"، متسائلة عن أسباب تجاهل الإدارة الأميركية للسؤال: "لماذا يكره العرب أميركا"... على رغم انه يطرح بصورة دائمة. هذا التساؤل تجيب عليه بصورة غير مباشرة زميلتها مارة كروننفلد 28 عاماً، طالبة اللغة العربية المهتمة بالدراسات الشرق أوسطية والثقافة العربية، التي تقول: "اخترت دراسة اللغة العربية بسبب انحياز الإعلام الأميركي وتبنيه لخط معاد للأقطار العربية وتبنيه الكامل للسياسة الإسرائيلية والدفاع عنها". وتشرح ان مدرسها في جامعة كاليفورنيا كان مطلعاً على حقيقة الصراع وشجعها على زيارة الشرق الأوسط لدراسة اللغة العربية. وزارت كروننفلد مصر قبل سورية ومكنها مكوثها في البلدين من فهم الإنسان العربي عن قرب: "عشقت الشرق العربي وأحسست بارتباط عاطفي مع الناس فيه"، تقول بثقة. وتضيف: "سأجند نفسي لنقل هذه الصورة الرائعة التي انطبعت في ذاكرتي عن حقوق الشعب، وسأبذل ما في وسعي للتصدي للإعلام الضال". وتؤكد كروننفلد أن "نصف الأميركيين لا يعرفون لماذا تشن حكومتهم حرباً على العراق، ومع أن الكثرة من الشعب الأميركي تعيش في رعب حقيقي زينته لهم حكومتهم خصوصاً بعد أحداث 11 أيلول، إلا أنني أشعر بالطمأنينة والأمان في سورية أكثر من أميركا". وتعتبر كروننفلد الحرب على العراق "جريمة بشعة في تاريخ الإنسانية". ويقول مايك دالي 26 عاماً: "لقد درست تاريخ الشرق الأوسط وخصوصاً تاريخ فلسطين، وتعمقت في ثقافة الشرق الأوسط وحضارته، ورغبتي في التحدث مع الناس دفعتني الى تعلم اللغة العربية وإتقانها، وبرأيي هناك فارق شاسع وكبير بين المعلومات الموجودة في الكتب والمجلات وبين المعلومات المستقاة من الناس". ويشير دالي الى أنه أتى الى سورية بالتبادل الثقافي بين جامعته وجامعة حلب. ويؤكد أنه وجد الشعب العربي السوري محباً للسلام، "فعندما أخرج من بيتي لا أشعر بأي خوف من الناس حتى إن عرفوا أنني أميركي، فهم يميزون بين الشعب الأميركي والحكومة الأميركية. ولكني كثيراً ما أتعرض الى الأسئلة والمناقشات لكوني أميركياً. إلا أن هذه المناقشات تكون هادئة وفيها الكثير من الاحترام والعقلانية، وأنا أختلف كثيراً عن حكومتي ولا أنسجم معها أبداً بسبب موقفها المعادي للعرب. وتعتقد الحكومة الأميركية ان حربها هي حرب ضد الإرهاب، فالحرب برأيها واجبة وخصوصاً بعد 11 أيلول، وبرأيي ان سبب رغبة أميركا مهاجمة العراق هو أنها دائماً تحتاج الى وجود عدو لها في المنطقة من أجل أن تحقق أكبر مكاسب ممكنة ومن أجل أن تشعر بعظمتها وقوتها. فالحرب ضد العراق هي حرب رابحة بالطبع، والحكومة الأميركية لديها جميع الوسائل النجاح في هذه الحرب فهي تمتلك الأسلحة المتطورة والتأييد الدولي". العربية جميلة وصعبة ويضيف دالي: "الإعلام الأميركي مسيطر عليه تماماً وموجه لخدمة أهداف السياسة الأميركية ولا يؤمن بالرأي والرأي الآخر وهو يخضع لشركات احتكارية مرتبطة أصلاً برموز الإدارة الأميركية". ويصر دالي على القول انه عندما يعود الى أميركا لا ينوي العمل مع الحكومة الأميركية، ويعتقد بوجود إمكانية كبيرة لتغيير رأي الأميركيين. ويقول نيثن خوندر 24 عاماً: "درست اللغة العربية بالمصادفة، وعندما بدأت دراستها شعرت انها لغة جميلة ممتعة ولكنها صعبة جداً. وبعد هذا سافرت الى مصر وعشت هناك لمدة سنة ونصف، وأردت أن أرى الفارق بين العالم العربي والعالم الغربي، ومن أجل هذا جئت الى سورية أيضاً. أعيش الآن في سورية حياة طبيعية آمنة، بلا خوف أو رعب، وأنا ضد هذه الحرب اطلاقاً، لأنني أعرف أن للحرب نتائج سلبية". ويؤكد خوندر ان معظم الأميركيين لا يريدون الحرب على العراق، "إنما البيت الأبيض هو من يريد الحرب، ونحن كشعب لا نستطيع فعل أي شيء ضد رغبة البيت الأبيض، فالناس خائفون من احتمال وقوع هجمات إرهابية أخرى ضد أميركا". ويشار أخيراً الى ان كلاً من لينغ ونيثن عادا الى الولاياتالمتحدة الأميركية أخيراً بناء على استدعاء الحكومة الأميركية.