سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"البندقية وغصن الزيتون : جذور العنف في الشرق الأوسط" بقلم ديفيد هيرست . المؤسسة الاميركية الحاكمة رفضت الاعتراف بوجود صلة بين احداث 11 ايلول ودعمها لاسرائيل والتحالف بين تل ابيب وواشنطن بدأ يرسخ في عهد ريغان بابرام اتفاقات استراتيجية 5 من 6
في احد الفصول الجديدة في الطبعة الثالثة من كتاب "البدقية وغصن الزيتون: جذور العنف في الشرق الاوسط"يسأل المؤلف الصحافي البريطاني المخضرم ديفيد هيرست الذي يصدر كتابه قريبا في نيويورك ولندن بالانكليزية وفي بيروت بالعربية عن دار "رياض الريس للكتب والنشر"، ويجيب عن السؤال: "هل اسرائيل مصدر قوة استراتيجي لاميركا... ام هي اكثر الاعباء كلفةً؟". تقدم اسر ويصف هيرست كيف رفضت الطبقة الحكمة في اميركا بعد احداث 11 ايلول سبتمبر 2001 الاعتراف بوجود اي صلة بين تلك الاحداث وانحياز الولاياتالمتحدة الكامل الى جانب اسرائيل في صراعها مع العرب. ويقول هيرست ان العرب في القرن الماضي كانوا اكثر ميلا الى الاميركيين من كثيرين غيرهم لاسباب منها دعوة الرئيس وودرو ويلسون بعد الحرب العالمية الاولى الى "تقرير المصير" و"العدالة" و"التعامل المنصف" لكل الشعوب. على امتداد التسعينات - منذ حرب الخليج في 1991 و"احتواء" العراق الذي اصبح، في اذهان العرب، سبباً ثانوياً للشكوى مرتبطا على نحو لا ينفصم بالسبب الرئيسي ويعززه - تعاظمت النزعة المناهضة لاميركا بثبات وبلا هوادة. وفي الاسابيع التي سبقت 11 ايلول، اُضطرت شخصية بارزة وصديق مخلص للغرب مثل الرئيس المصري حسني مبارك الى التشكي، علناً، من "الانحياز الاميركي الكامل والسافر لمصلحة اسرائيل"، فيما حذر ابراهيم نافع، رئيس تحرير "الاهرام" المقرّب الى مبارك والناطق الرصين باسم نظامه، من ان "كره اميركا بلغ حدوداً غير مسبوقة". ومع ذلك، قالت صحيفة رسمية اخرى هي "الاخبار" ان "نزاعاً اوسع واخطر عربيا - اميركيا" اصبح يتخطى النزاع العربي - الاسرائيلي. لم تكن "الاخبار" تدرك كيف سيحدث ذلك. لكن، عندما حدث، استند العمل الارهابي الذي لم يسبق له مثيل، لتحقيق تأثيره النفسي، على مناخ الافكار هذا بالذات الذي لم يكن لبن لادن نفسه أي دور في صنعه. كان له بالتأكيد "قيمه" الدينية، البالية والظلامية، ورؤيته الخلاصية، وطموحه الاصولي لاقامة نظام حكم ديني على نمط "طالبان" في ارجاء العالم الاسلامي. لكنها لم تكن القيم السائدة للجمهور الذي كان يوجه اليه نداءه. فالصدى الذي احدثه العمل الكارثي الشنيع الذي ارتكبه يرجع بشكل اساسي الى اسباب سياسية، عملية تماماً ومعاصرة تماماً، تمثل فلسطين قطعاً السبب الرئيسي بينها. ولهذه الاسباب وحدها شعر بعض الناس، ممن كانوا سينظرون اليه بعدم اكتراث كمتعصب مخبول، بشيء من الارتياح للخراب والرعب الذي احدثه اتباعه الانتحاريون. وكان الرجل نفسه على قدر من الدهاء يكفي لأن يدرك ذلك. وفي كلمة وجهها الى العرب والمسلمين لم يعالج بتفصيل عقائده ومعتقداته، او يسهب كثيراً في ما وصفه ب"هذه الحرب الحاسمة بين الايمان والكفر في العالم"، بل عدد المظالم والاضطهاد التي كان العرب والمسلمون، سواءً كانوا علمانيين او اتقياء، يشعرون بانهم تعرضوا لها في العصور الحديثة على ايدي الغرب. ولفت، اولاً وقبل كل شيء، الى ان "الدبابات الاسرائيلية تعيث فساداً في فلسطين - في جنين ورام الله ورفح وبيت جالا واجزاء اخرى من بلاد الاسلام، لكن لا أحد يرفع صوته او يرف له جفن احتجاجاً". كان خطاباً ديماغوجياً بلا استحياء. لكنه اذ ربط قضيته بفلسطين لم يكن يفعل، مثل صدام حسين قبله، سوى ما يفعله اي سياسي، وهو ان يستغل القضية المتاحة الاكثر نفعاً وإثارة للمشاعر. وبالنسبة الى العرب والمسلمين، تمثل حتمية مثل هذا "الترابط" والانحياز الاميركي الذي يجعله ممكناً، واقعاً جلياً واساسياً - حتى اذا أقروا في الوقت نفسه، كما يفعل كثيرون من صنّاع الرأي لديهم، بان الامراض في مجتمعاتهم هي جزء من هذا الواقع ايضاً. وهم يرون ان وضوح المسألة الى هذا الحد يفسر لماذا يبدو "الجانب الآخر"، اسرائيل واميركا، غير مدرك لها الى هذا الحد. كان الاسرائيليون، بالطبع، في المقدمة في قصر النظر هذا. اذ كان متوقعاً، على سبيل المثال، ان يؤكد زلمان شوفال سفير اسرائيل لدى واشنطن انه لا يوجد، حسب رأيه، "اي صلة اطلاقاً" بين الارهاب الاصولي و"الاحتلال الاسرائيلي". بعض الاميركيين، على الاقل، يخالفونه الرأي. وهم، مثل بول فيندلي، ادركوا الصلة بالفعل. هكذا، في استطلاع للرأي اجرته مجلة "نيوزويك" بعد 11 ايلول بوقت قصير، قال 58 في المئة ان صلات اميركا باسرائيل وسياساتها تجاه الفلسطينيين كانت "دافعاً اساسياً وراء الاعتداءات على نيويوركوواشنطن"، وانه ينبغي للولايات المتحدة ان "تدرس تغيير سياساتها الشرق اوسطية للحد من رد فعل العنيف ضدها". وبدا هذا مؤشراً الى ان الطبقات السياسية في اميركا - الادارة والكونغرس ووسائط الاعلام - كانت في تعارض مع نسبة كبيرة، ومتزايدة على الارجح، من الجمهور العام الذي يُفترض انها تمثله او تنطق باسمه، او على الاقل انها كذلك عندما يتمكن هذا الجمهور، من دون مساعدة تذكر منها، ان يقيّم الحقائق الفعلية التي هي موضع نقاش. قال روبرت فيسك، مراسل صحيفة "اندبندنت" في الشرق الاوسط الذي يُعرف بنقده الصريح للسياسات الاميركية في المنطقة وللصحف المسايرة التي تؤيدها، عن اول جولة محاضرات له في اميركا بعد 11 ايلول، ان "ما اذهلني هو الادراك الغاضب المتزايد وسط الاميركيين بانه كُذب عليهم وخُدعوا. وللمرة الاولى، لم تكن محاضراتي هي التي اثارت اعتراضاتهم، بل المحاضرات التي تلقوها من رئيسهم والمحاضرات التي قرأوها في صحافتهم عن "الحرب على الارهاب" التي تشنها اسرائيل والحاجة دائماً الى تأييد ما يقوله ويفعله الحليف الشرق اوسطي لاميركا من دون تحفظ". لكن المؤسسة الحاكمة في اميركا، اياً كان ما يحتمل ان يفكر به الجمهور، رفضت - مثل السفير السابق شوفال - ان ترى الصلة. وكان احد تجليات ذلك، في اكثر اشكاله تعصباً واهانة، الطريقة التي تصرف بها رئيس بلدية نيويورك رودولف جولياني مع رجل الاعمال السعودي البليونير الوليد بن طلال. فقد وقف الاثنان جنباً الى جنب عند أَطلال البرجين التوأمين "غراوند زيرو"، وهناك سلّم الامير رئيس البلدية شيكاً ب10 ملايين دولار كتبرع للمدينة المنكوبة، وتسلّمه رئيس البلدية منه بلطف. لكن الامير اصدر عند مغادرته بلاغاً صحافياً حض فيه اميركا على ان "تعالج بعض القضايا التي ادت الى اعتداء اجرامي كهذا"، موضحاً انه "ينبغي ان تتبنى موقفاً اكثر توازناً تجاه القضية الفلسطينية". وقال ان الاممالمتحدة أقرّت على مدى عقود قرارات تطالب بانسحاب اسرائيل من الضفة الغربية وغزة، لكنَّ "ذبحَ اشقائنا الفلسطينيين يتواصل على ايدي الاسرائيليين في الوقت الذي يدير فيه العالم رأسه". وعندذاك، اعلن رئيس البلدية الغاضب بتفاخر انه سيعيد شيك الامير. في غضون ذلك، واصلت وسائل الاعلام القاء المحاضرات، ليس على حكومتها ولا على اسرائيل، بل على العرب والمسلمين بشأن ضرورة ان يرتبوا بيتهم. ويكاد المرء يعجز عن العثور على اي بحث جدي او منهجي عن، او تعليق بشأن، حقيقة ان هناك مسؤولية اخرى، اميركية، عما حدث في ذلك اليوم الخطير، والحاجة بالتالي الى ترتيب بيت اميركا ايضاً، وهي حقيقة بدت واضحة تماماً لبقية العالم. وكانت الحقيقة المؤسفة هي انه، الى الحد الذي كانت فيه الاسباب الاساسية اميركية، لم يكن هناك تقريباً اي ميل للبحث عنها. ولماذا ينبغي ان تكون هناك مثل هذه الاسباب إن لم تكن موجودة اصلاً على اية حال، كما زعمت المؤسسة الحاكمة في اميركا؟ اذا كانت، بمعنى آخر، "قيم" اميركا وحدها هي التي اُستهدفت. لكن كان الأمر كذلك؟ جيمس ابو رزق، عضو الكونغرس السابق من اصل لبناني، احد الاميركيين البارزين الآخرين، مثل بول فيندلي، الذين لا يعتقدون ذلك. وقال ان "اي شخص يعرف احداً في العالم العربي سيخبرك انهم يحبون حرياتنا". قد لا يكون في هذا كثير من المبالغة. فباستثناء بن لادن وزمرته المتطرفة، لا يبدو ان لدى معظم العرب والمسلمين اي خلاف جدي مع قيم اميركا. وما لا شك فيه، على الاقل، هو ان ما يعتبرونه انحرافات عن هذه القيم، والسياسات التي تؤدي اليها هذه الانحرافات، هو الذي يعترضون عليه وليس القيم ذاتها. فالسعودية، التي أتى منها خمسة عشر من منفذي الهجمات الانتحارية في 11 ايلول سبتمبر، يُفترض انها معقل الحركة المؤيدة لبن لادن. ومع ذلك، عندما سُئل السعوديون عما يستند اليه، بشكل محدد، موقفهم من الولاياتالمتحدة - قيمها او سياساتها - قال 86 في المئة انه الثاني واعتبر 6 في المئة فقط انه الاول. هل اسرائيل مصدر قوة استراتيجي لاميركا .. ؟ بين الدول كما بين الافراد، تشكل الصداقة وما تمليه من التزامات حيزآً تهيمن عليه، على نحو يمكن تفهمه، الاحكام الذاتية. لكن اذا نظرنا الى الأمر بموضوعية نرى ان الصداقة هي في الغالب شيء ومنفعة الصديق شيء آخر تماماً. وكون اميركا لا تكتفي بات تجمّد موضوعيتها بل ان تسحقها بقدميها يمثل واحداً من اعظم انتصارات اسرائيل و"اصدقاء اسرائيل" في اميركا. فالأمر لا يقتصر، حسب هؤلاء، على عدم وجود اي تناقض بين التزام اميركا الاخلاقي تجاه اسرائيل ومصالحها القومية العليا، بل انهم لا يملكون نصيراً او مدافعاً اكبر من اسرائيل بالذات. برز "التحالف الاستراتيجي" بشكل متكامل للمرة الاولى، واُعلن رسمياً، في مطلع الثمانينات. لكن الفكرة كانت موجودة منذ وقت طويل. فكما فتش الصهاينة، في البدايات الاولى، عن اسبابٍ عملية ومتينة تجعل بريطانيا، وهي في عز قوتها الامبراطورية، ترى ان في مصلحتها ان ترعى قضيتهم، وتوصلوا الى الاقتراح القائل بان وجوداً لليهود في فلسطين سيساعد على حماية الشريان الحيوي لامبراطوريتها، قناة السويس، بدا من المعقول تماماً ان يقنعوا القوة العظمى الوحيدة في العالم اليوم بان ما يشدها الى الدولة العبرية ليس مشاعر ود واحترام متبادل فحسب، بل ايضاً، على الصعيد السياسي الفعلي، استثمار جيد حقاً. وفي عهد الرئيس ريغان، الذي كانت ادارته، حتى ذلك الحين، الأشد تأييداً لاسرائيل، شرعت اميركا بابرام اتفاقات "استراتيجية" مع حليفتها، واخذ "اللوبي" يطري بافراط الخدمات التي قدمتها اسرائيل بالفعل، وما ستقدمه في المستقبل. كانت اولى هذه الخدمات، واكثرها ثباتاً، مستمدة كما يُزْعَم من طبيعة اسرائيل بالذات كديموقراطية نموذجية على النمط الغربي في منطقة تفتقر الى شيء كهذا. كما انها، بدورها هذا، تمثل متراساً قوياً ضد ايديولوجيات مثل الشيوعية والنزعة القومية العربية المتطرفة، ثم الاصولية الاسلامية التي التي جاءت في اعقابهما. لقد كانت "الجندرمة" الاقليمية لاميركا التي تؤدي، عبر الردع او التدخل المباشر، مهمات مثل لجم سورية "المتطرفة" المدعومة من الاتحاد السوفياتي، او انقاذ النظام الملكي الموالي للغرب في الاردن من الاطاحة به على ايدي فلسطينيين مدعومين من سورية في حرب "ايلول الاسود" الاهلية في 1970. وفي 1981، دمّرت اسرائيل مفاعل "اوزيراك" تموز الذي كان العنصر الاساسي في برنامج صدام حسين للتسلح النووي. ولو انها لم تفعل ذلك لكان من المحتمل ان تواجه الولاياتالمتحدة وحلفاؤها عراقاً ذا ترسانة نووية عندما طردوه من الكويت في حرب الخليج في 1991. وعلى جبهة اوسع، شكلت اسرائيل قناة لايصال الاسلحة الاميركية الى انظمة وحركات بغيضة، مثل الطغمة الحاكمة في السلفادور او "الكونترا" في نيكاراغوا، كان من المحرج تماماً للولايات المتحدة ان تمدّها علناً او بشكل مباشر. وفي المجال التقني، وفّرت اسرائيل ميدان اختبار مفيد جداً للاسلحة الاميركية، ولتطويرها وتكييفها باشكال افادت منها عندئذ اميركا بالذات. .. ام هي اكثر الاعباء كلفة؟ ومع ذلك، هل توجد سفسطة او مغالطة اكبر مما يلي: انه ينبغي للولايات المتحدة ان ترفع اسرائيل الى مصاف نصير لمصالحها في الوقت الذي تمثل فيه اسرائيل اكبر سبب منفرد لكل المخاطر التي تعرضت لها هذه المصالح؟ فهذه هي، في الواقع، حقيقة الأمر. لا توجد اية أدلة تاريخية تشير الى ان الفلسطينيين او العرب، او المسلمين عموماً، كانوا اطلاقاً اكثر عداءً بشكل متأصل ل"القيم" الاميركية او، تبعاً لذلك، لاهداف اميركا الوطنية، من اي شعوب او ديانات اخرى على الارض. بل ان العرب كانوا في الأزمنة المعاصرة، في البداية على الاقل، اكثر ميلاً الى الاميركيين من كثيرين غيرهم. فقد اشاع الرئيس ويلسون و"النقاط الاربع عشرة" التي اعلنها، إِثر الحرب العالمية الاولى، بما تضمنته من دعوة الى "تقرير المصير" و"العدالة" و"التعامل المنصف" لكل الشعوب، الضعيفة الى جانب القوية، ووضع حد ل"القوة" و"العدوان الأناني"، الأمل لديها في ان تصبح اميركا ثقلاً مضاداً لمخططات القوى الاستعمارية الاوروبية التقليدية. في الحقيقة، كان لابد لاسرائيل ان تكون عبئاً استراتيجياً - لا مصدر قوة - لأي قوة خارجية، وليس لاميركا وحدها التي لاحظ العرب انها تدعمها وتشجعها. كان هذا شيئاً ادركته الولاياتالمتحدة، او على الاقل اجهزتها المتخصصة مثل وزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية "سي آي أي" والبنتاغون، بما تمتلكه من ادراك مهني للحقائق على الارض، منذ البداية. في 1947، عندما كان الرئيس ترومان، في حماسته لكسب اصوات اليهود اعلن تأييده للصهيونية، كانت "سي آي أي" تشير في تقاريرها الى ان القيادة الصهيونية "تسعى لتحقيق الاهداف من دون تقدير للنتائج"، وبذلك "لا تعرّض الى الخطر اليهود في فلسطين وحدهم، بل ايضاً المصالح الاستراتيجية للقوى الغربية في الشرق الادنى والمتوسط، لان العرب الآن يربطون الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة بالصهيونية". وكلما اصبحت اسرائيل اكثر نفوذاً، في واشنطن كما في فلسطين بالذات، كلما قل الانصات لخبراء السياسة الخارجية والاستخبارات، وكلما جازفوا بادراجهم ضمن ذلك الصنف الفاشل والمزدرى: "المستعربون". لم يكن هناك ابداً اي اساس جدي لاعتبار اسرائيل مصدر قوة استراتيجياً. فلو ان العرب ارادوا التعرف الى الديموقراطية لكانوا سيتوجهون بالأحرى الى اميركا بالذات كنموذج لهم بدلاً من اسرائيل التي كان انطباعهم الاساسي عنها، مهما بدت ديموقراطية لشعبها، هو انها مغتصب استعماري ومعتدٍ عسكري، ومصدر دائم للنزاع والاضطراب والاذلال، ومصدر أذى لحياتهم السياسية المحلية وعلاقاتهم الدولية، واستنزاف هائل لمواهبهم وطاقاتهم ومواردهم التي كان الافضل ان تُكرّس لغايات اخرى. وخلال الحرب الباردة، لم تفعل اسرائيل شيئاً لوقف تقدم الشيوعية، بل على العكس لم تؤد الاّ الى الى تعزيزها، لان البلدان العربية، بعدما يئست من الولاياتالمتحدة، توجهت الى الاتحاد السوفياتي للحصول على الاسلحة والاسناد الديبلوماسي والمساعدات الاقتصادية التي كان معظمهم يفضل الحصول عليها من الغرب. وبدلاً من تقديم اي مساعدة استراتيجية خلال "عاصفة الصحراء"، حرب تحرير الكويت، كان على الاميركيين ان يتوسلوا اليها كي لا تشارك - خوفاً من ان اقل تلميح الى مشاركة اسرائيل سيدمّر الائتلاف العربي الذي تشكل ضد العراق - ويكافئوها بعدئذ لقاء ذلك بمساعدات عسكرية واقتصادية بلغت قيمتها 1650 مليون دولار.