طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوقف فوري للحرب على العراق التي وصفها بأنها أكبر أزمة بعد الحرب الباردة، محذراً من أنها تهدد "أسس الاستقرار العالمي". وشدد على أن سياسة بلاده ليست "رهينة" مصالح اقتصادية، فيما تحدث وزير خارجيته ايغور ايفانوف عن "أخطر كارثة انسانية" يواجهها العراق والمنطقة. وأشار كبار الخبراء الروس الى احتمال استخدام السلاح النووي وتقسيم العراق "وفق النموذج الكوري"، فما اعتبر رئيس لجنة الدفاع في البرلمان الروسي ان "خطر الحرب العالمية قد يصبح أمراً واقعاً". وأكد بوتين ان الوقف الفوري للعمليات العسكرية واستئناف الجهود الرامية الى تحقيق تسوية سياسية يشكلان "الحل الصائب الوحيد" للمشكلة العراقية. وأضاف خلال لقائه قادة الكتل البرلمانية ان الحرب تكتسب طابعاً "أكثر ضراوة وأطول زمناً"، وذكر ان أعداد الضحايا "تتزايد كل ساعة" ويسقط مدنيون وجنود اميركيون وبريطانيون وعراقيون. واعتبر ان هذه أكبر "أزمة فادحة الوطأة" يشهدها العالم منذ انتهاء الحرب الباردة، واصفاً إياها بأنها "خطر يهز أسس الاستقرار العالمي والقانون الدولي". وأشار الى ان تفادي "الكارثة الانسانية المحدقة" صار في مقدم مهمات المجتمع الدولي. وفي رد غير مباشر على الليبراليين في روسيا الذين يحذرون موسكو من أن معارضتها الحرب ستدفع الولاياتالمتحدة الى حجب المساعدات عنها، قال بوتين ان الموقف من العراق ليس رهينة "عوامل ومنافع اقتصادية". وزاد ان "ارتكاب اخطاء في التقويم السياسي سيجعلنا نفقد الاقتصاد ايضاً". الى ذلك، قال وزير الخارجية الروسي اثناء مقابلته رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ان النقاشات الأخيرة في مجلس الأمن أظهرت ان الغالبية الساحقة من دول العالم تعارض الحرب. وأضاف ان روسيا ترى ان من الضروري مواصلة الجهود لوقف الحرب التي "لا تجلب شيئاً سوى المآسي والويلات والاضطراب". وخلال لقائه وكيل وزارة الخارجية الهندية أمس، قال ايفانوف ان على واشنطن ولندن الاصغاء الى تحذيرات "يونيسيف" التي أكدت ان الحرب إذا استمرت سيتعرض العراق ل"أخطر كارثة انسانية". وحذر الجنرال اندريه نيكولايف رئيس لجنة الدفاع في البرلمان الروسي من "فوضى عالمية" قد تترتب على الحرب التي "تؤثر في مصالح العالم كله". وزاد ان "خطر الحرب العالمية قد يصبح أمراً واقعاً"، منبهاً الولاياتالمتحدة الى أن المحيطين الهادئ والأطلسي لن يجعلاها هذه المرة في منأى عن العواقب، كما حصل في حروب سابقة. وتتزايد المخاوف في روسيا من احتمال استخدام أسلحة غير تقليدية. إذ أشار نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما النواب الجنرال نيكولاي بيزبورودوف الى معلومات عن نقل أسلحة نووية الى الكويت. ولم يستبعد أن تستخدمها أميركا في حال "افتعلت" هجوماً كيماوياً عراقياً على قواتها. وحذر من أن مثل هذا التطور سيكون "نهاية" للأمم المتحدة، ويطلق انتشار الأسلحة النووية في العالم. وأوضح الفريق أول ليونيد ايفاشوف ان قوات الاحتلال الأميركي - البريطاني اذا اخفقت في تغيير التوجه العام للعمليات وجعله لمصلحتها، قد تتخلى عن خطة مهاجمة بغداد، وتعمد الى تصفية جيوب المقاومة في الجنوب، لفصل مناطقه الغنية بالنفط عن السلطة المركزية وتنصيب حكومة موالية لواشنطن هناك، مع الاستمرار في قصف بغداد ومحاولات "خنقها" اقتصادياً. وذكر أن هذا الأمر سيكون تقسيماً فعلياً للعراق، تماماً كما فعل الأميركيون في كوريا قبل خمسين سنة. التفرد الأميركي وموازنة الجيش الألماني في غضون ذلك، جددت الحكومة الألمانية أمس دعوتها الى انهاء الحرب على العراق بسرعة، وقال وزير الدفاع بيتر شتروك ان "التقديرات التي اعطاها بعض الأصدقاء الاميركيين قبل بدء الحرب لم تتماثل كما يبدو مع الوقائع". وأيدت رئيسة الكتلة النيابية لحزب الخضر كريستا زاغر خطط المستشار غيرهارد شرودر لتقوية السياسة الدفاعية الأوروبية، على خلفية معاني الأزمة العراقية. وقالت في حديث الى صحيفة "برلينر تسايتونغ" ان الأمر "يهدف الى منع الولاياتالمتحدة مستقبلاً من التفرد بقراراتها، كما تفعل الآن في العراق". وعكس رأي عدد من أعضاء قيادة حزبها، أيدت مسؤولة حزب الخضر في البرلمان الاتحادي رفع موازنة الجيش الألماني. واعتبر الرئيس السابق ريتشارد فون فايتسكر ان "الحرب انتهاك صارخ للقانون الدولي الذي وضعته الأممالمتحدة بمشاركة الولاياتالمتحدة". وشدد وزير الخارجية الألماني السابق هانس ديتريش غينشر على دور الأممالمتحدة، داعياً الى "ان تلعب دوراً قيادياً في العراق بعد الحرب، لإعادة بناء مؤسساته السياسية". ودعا الأوروبيين الى "اقناع الولاياتالمتحدة بامكان ضمان السلام والاستقرار في العالم، ليس عن طريق نظام دولي بقوة السلاح، وانما عبر نظام دولي يتساوى فيه كل الدول".