حسم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الجدل حول موقف بلاده ازاء الحرب على العراق وقال ان موسكو لاتريد لاسباب سياسية واقتصادية الهزيمة للولايات المتحدةالامريكية فى حربها ضد العراق. وجاء تصريح بوتين الذي بثه موقع وزارة الخارجية الروسية فى /الانترنت/ ونقلته وكالات الانباء الروسية امس انه لن يسمح بان تتورط بلاده فى النزاع في العراق لان واشنطن تعتبر شريكا تجاريا اساسيا لروسيا بمثابة صب ماء بارد على رؤوس البرلمانيين والسياسيين الذين غلبت عليهم العواطف. وشكلت هذه التصريحات خيبة امل كذلك بالنسبة للخبراء فى الشؤون الروسية الذين حاولوا تحميل الموقف الروسى اكثر من طاقته. وابرز بوتين المنحى الواقعى فى تفكير القيادة الروسية عندما اشار الى المصالح الاقتصادية الناجمة عن التعاون مع واشنطن معيدا الى الاذهان ان احتياطى البنك المركزى الروسى من العملات الصعبة يبلغ 55 مليار دولار وان حجم التبادل التجارى مع امريكا يعادل 10 مليارات دولار سنويا وان هبوط اسعار الدولار ستوثر سلبا على الاقتصاد الروسي. وخاطب بوتين مصالح المواطنين الروس المعيشية قائلا ان هبوط اسعار الدولار سيوثر سلبا على مدخراتهم من العملة الصعبة. وحرص على ابراز مجالات التعاون الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدةالامريكية مشيرا الى ان روسياوامريكا تعتبران اكبر قوتين نوويتين يجب عليهما العمل للحيلولة دون انتشار اسلحة الدمار الجماعى ووسائل نقله. وطمأن بوتين واشنطن بان الكرملين سيعمل على ضمان التصديق على معاهدة تصفية الاسلحة الهجومية الاستراتيجية التى وقعها الجانبان العام الماضى والتى كان الكونغرس الامريكى قد قام من جانبه بالتصديق عليها فى وقت سابق. والاكثر من ذلك حرص بوتين على افهام الجميع ان اهتمامه بمكافحة الارهاب الدولى بما فى ذلك فى شمال القوقاز اهم من الموقف ازاء الحرب على العراق. ولاحظ المراقبون السياسيون ان الموقف الروسى الذى طرح خلال المباحثات التى اجراها وزير الخارجية ايغور ايفانوف مع نظيره الامريكى كولن باول فى بروكسل امس خلا من الاشارة الى مصير النظام العراقى الحالى وتركز على ثلاث نقاط اولاها العمل على انهاء الحرب باسرع ما يمكن وثانيها تقليل الخسائر البشرية الى ابعد مدى واخيرا العودة بالمسألة العراقية الى اطار التسوية السياسية. ويعتقد المراقبون السياسيون ان روسيا وبالرغم من معارضتها المعلنة للحرب ورفضها لتغيير الانظمة السياسية بالقوة الا انها مهتمة كثيرا بالمشاركة فى رسم الخريطة السياسية للعراق فى مرحلة ما بعد الحرب. ولم تخف روسيا فى اى من المراحل اهتمامها كذلك بحماية مصالحها الاقتصادية وبخاصة النفطية فى العراق / وستبذل وفقا لما قاله وزير خارجيتها/ اقصى جهودها لحماية هذه المصالح. ومع ذلك من الخطأ الاعتقاد ان المصالح الاقتصادية الروسية كانت السبب الوحيد لمعارضة الحرب ضد العراق حيث لم يخف المسؤولون الروس وبخاصة العسكريون قلقهم ازاء مستقبل منظومة الامن والاستقرار الاستراتيجى فى العالم فى ظل الجنوح الامريكى لاستخدام القوة. واعرب وزير الدفاع الروسى سيرغى ايفانوف فى حديث ادلى به مؤخرا لصحيفة كمسمولسكيا برافدا بصراحة عن هذه المخاوف بالقول ان صدام ليس اخا لنا ولا صديقا ولكننا نخشى ان تشكل الحرب ضد العراق سابقة فى العلاقات الدولية تدفعنا للتساؤل من سيكون التالى. وساهمت وسائل الاعلام الروسية الى حد بعيد فى تخفيف حدة العداء لامريكا التى برزت لدى الرأى العام الروسي في اول ايام الحرب على العراق من خلال تركيزها على وجهات النظر القائلة بان الحرب على العراق ليست حربنا وان المصالح الروسية تكمن فى الرهان على امريكا. وبالرغم من لجوء بعض القنوات التلفزيونية الروسية الى تسمية قوات التحالف فى العراق بانها قوات احتلال فانها افردت حيزا واسعا للحرب على العراق ونقلت وقائع مباشرة لهذه الحرب من قبل مراسليها الذين انتشروا بكثرة غير مسبوقة فى الكويتوالعراق والاردن وقطر وواشنطن ولندن.