لعقود طويلة ظلت الدبلوماسية السعودية محط اهتمام العديد من الدول العربية والغربية، وعلى الرغم من مرور منطقة الشرق الأوسط بالعديد من الصراعات والتوترات التي تسبّبت في اندلاع صراعات عسكرية بسبب حماقة بعض دول المنطقة التي سعت لفرض هيمنتها السياسية على دول الخليج؛ إلا أن القيادة السعودية حرصت دوماً على اتباع سياسة التوازنات خلال كافة تعاملاتها مع الدول العربية والغربية على حد سواء، ومن المؤكد أن هذه السياسة ساهمت في أن تتبوأ المملكة العربية السعودية مكانتها المميزة وتصبح محل تقدير وثقة المجتمع الدولي. لقد سبق وذكرت في مقالات عديدة -من خلال زاويتي بصحيفة عكاظ- أن أحد أهم مؤشرات القوة السياسية لأي دولة هي قوتها الاقتصادية، فالنمو الاقتصادي لأي دولة يمنح الثقة والمصداقية في سياسة الدولة داخلياً وخارجياً، كما أن المؤشر الأمني دليل لا يحتمل الشك في نجاح الدولة في إدارة شؤونها الداخلية بكفاءة واقتدار، وهذا المؤشر هو من يساهم بدوره في تعزيز القوة الاقتصادية للدولة من خلال جذب رؤوس الأموال الأجنبية. من المؤكد أن الصراعات العديدة التي شهدتها المنطقة والعالم أجمع خلال العامين الماضيين كان من الممكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة (لا قدر الله)، ولعل أهم هذه الصراعات هي الحرب الروسية-الأوكرانية التي دخلت الآن عامها الثالث، ولا شك أن أي حرب تستمر لفترة زمنية طويلة مرشحة لأن تتفاقم على نحو مأساوي، كما أن ذلك قد يؤدي إلى انخراط أطراف أخرى في الحرب، وهو ما صرح به نائب الرئيس الأمريكي مؤخراً بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية قد ترسل قوات عسكرية إلى أوكرانيا. الحرب المندلعة بين روسياوأوكرانيا ليست مجرد حرب بين هاتين الدولتين فقط، فهناك دول أخرى عظمى كبريطانيا والولاياتالمتحدة تقدم الدعم العسكري لأوكرانيا، وهو ما مكّنها من الصمود خلال السنتين الماضيتين، ومن المؤكد أن حل هذه الأزمة قد يتطلب تدخل وسطاء يحظون بثقة المجتمع الدولي، والأهم من ذلك أن يحظوا بثقة كافة أطراف الصراع، فأطراف النزاع لا يمكن أن تقبل بأي حال بوساطة وسيط لا يتّسم بالشفافية والحياد، والثقة في الوسيط لا تقتصر على ثقة الأطراف المتنازعة بالدولة نفسها فقط، بل تشترط الثقة في قائدها الذي ينبغي أن يمتلك القدرة على تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف المتنازعة. أخبار ذات صلة
استغراق الزمن أو إدارة الوقت مصافحة السلام في أرض القرار من المؤكد أن أطراف أي نزاع لا ترضى باللجوء إلى وسيط لا يتمتع بمصداقية وسط شعبه أولاً، فالقائد الذي يفشل في إدارة دولته داخلياً لا يمكنه أن يحظى بثقة المجتمع الدولي، وبالتالي لا يمكنه أن يقوم بدور الوسيط؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وهناك دول كثيرة عربية وغربية عرضت القيام بدور الوسيط بين الرئيس بوتين والرئيس ترمب، غير أنه من الواضح أن الرئيسين بوتين وترمب يفضلان عقد القمة بينهما على أراضي المملكة العربية السعودية، وبوساطة ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان، ولقد بدأ بالفعل التحضير لهذه القمة من خلال عقد عدد من الاجتماعات التمهيدية بين وزراء خارجية الدولتين ولقائهما بولي العهد، ومن المؤكد أن هذا الحدث لن تغيب تغطيته عن أي منصة أخبار محلية أو عالمية، فشعوب العالم أجمع تترقب بفارغ الصبر انعقاد هذه القمة المتوقع لها أن تنزع فتيل حرب عالمية متوقعة، ولا شك أن انعقادها في السعودية يزيد من ثقة المجتمع الدولي وشعوب العالم ببلدنا كواحة للسياحة والاستثمار. لا شك أن انعقاد القمة الأمريكية-الروسية في الرياض يعني أن القيادة السعودية تمكّنت بالفعل من تحقيق درجة عالية من الأمن داخلياً، ما مكّنها من استقبال الوفود العالمية التي لا يمكن أن تتوافد على دولة غير مستقرة داخلياً، كما أن تصريح الرئيس ترمب قبل أسابيع برغبته في ضخ مزيد من الاستثمارات السعودية في الولاياتالمتحدة دليل على المكانة الاقتصادية التي تحظى بها المملكة، فلا يمكن أن يتوافد زعماء كبرى دول العالم مثل فرنسا وبريطانيا والصين والولاياتالمتحدة على دولة تترنح اقتصاديًا، أو يطلبوا منها ضخ استثمارات في دولهم. تسعى بعض الأقلام المأجورة لتشويه كافة الإنجازات السعودية التي تحققت منذ تولي الأمير الشاب محمد بن سلمان ولاية العهد وطرح رؤية 2030، ولعل توجيه ولي العهد قبل أيام بتأسيس إدارة للأمن المجتمعي ومكافحة الاتجار بالأشخاص لدليل على اهتمام ولي العهد بالقيم المجتمعية كمؤشر لنجاح بقية مؤشرات التنمية التي تحققت خلال السنوات الماضية، ومن المؤكد أن المؤشرات الكثيرة التي رافقت مسيرة الإنجاز التنموي لولي العهد يصعب سردها في حيز محدود، غير أن العناوين الرئيسية التي تتصدر منصات الأخبار العالمية تكفي لأن يعلم كل مواطن سعودي بأن بلاده تسير على الطريق الصحيح، وأن ما يتم نشره في بعض وسائل التواصل الاجتماعي أو ببعض منصات الأخبار المشبوهة ما هو إلا أقلام مسمومة ليس لها من هدف إلا زعزعة الثقة بين المواطن وولي الأمر.