أكد عاملون في قطاعي الاعلان والتسويق في الرياض تأثر السوق بشدة بسبب الحرب على العراق اثر وقف مجموعة من العملاء حملات اعلانية في انتظار "انقشاع السحابة" او "وضوح الرؤية" في المنطقة كما قالوا. وعزا معظم العاملين في هذا القطاع توقف الشركات عن الاعلان في التلفزيون والصحف الى ان المتلقين "انشغلوا جداً بمتابعة احداث الحرب وتطوراتها ولا يمكن انفاق ملايين الدولارات على اعلانات لا تؤدي اغراضها الترويجية والتسويقية". وقال المدير التنفيذي في مؤسسة "ماسم للاستشارات الاعلامية والاعلانية" بهاء الدين صوالحة ل"الحياة" إن شركته رصدت من خلال تعاقدات الشركات السعودية او ممثلي الشركات الاجنبية مع الصحف والتلفزيونات انخفاضاً لا يقل عن 30 في المئة في احسن الاحوال، ووصل في بعض القطاعات الى 50 في المئة. 30 مليون دولار وقدر صوالحة قيمة خسائر شركات الاعلان بما يراوح بين 20 و30 مليون دولار. ولم يستطع تقدير قيمة خسائر الصحف والمجلات والقنوات الفضائية من جراء ايقاف او تأجيل الحملات الاعلانية المنتظمة. وأوضح ان الوسائل الاعلامية، التي يتم الاعلان فيها، عوضت بعض خسائرها من ارتفاع الطلب عليها خصوصا الصحف وقال: "اعتقد ان القنوات الفضائية ستُمنى بخسائر اكبر بسبب انفاقها مبالغ اضافية على المراسلين وتغطيات الحرب وشراء حقوق بث الصور والاحداث وهو انفاق غير محدد المدة اذ يرتبط بمدى استمرار الحرب". وتوقع صوالحة ان تنشأ مشكلة كبيرة في قطاع الاعلان اذا استمرت الحرب اكثر من ثلاثة شهور حيث سيقترب موسم الصيف الذي يشهد بشكل طبيعي ومن دون مؤثرات انخفاض حجم الاعلان الى اقل من النصف "الامر الذي يعني انها ستكون سنة كبيسة ومليئة بالخسائر لشركات الاعلان في واحدة من اقوى الاسواق الاستهلاكية وأكثرها نمواً في المنطقة". وتوقع عاملون في شركات المنتجات الاستهلاكية ان تعود الوتيرة الاعلانية الى سابق عهدها بعد نحو شهر من الآن وهي المدة المتوقعة لانتهاء الحرب او على الاقل "اعتياد الناس وعودتهم الى حياتهم الطبيعية وهذا امر مجرب في ازمات سابقة". ويلحظ المراقب للصحف السعودية، التي اشتهرت بمساحات الاعلان الواسعة، انها خصصت صفحات كثيرة اضافية لتغطية احداث الحرب ونشر الصور الخاصة بها ما عوض عليها المساحات التي شغرت نتيجة ايقاف الاعلانات الكبيرة وعوض بعض القنوات الفضائية العربية الفواصل الاعلانية بالاعلانات الترويجية للبرامج الحربية او البرامج المعتادة. خسائر الشركات ومعلوم ان شركات ووكالات الاعلان تتقاضى عمولات ونسباً تراوح بين 7 و10 في المئة من حجم الحملات الاعلانية في مقابل ادارتها وعمل التصاميم اللازمة لها وجدولة مواعيدها وتقديم الافكار الابداعية والخلاقة. هجرة المبدعين وفيما تحفظت وكالات اعلانية في الرياض على التعليق قال مصدر في احدى شركات الاعلان "اننا نواجه مشكلة اخرى صغيرة تتمثل في سفر عدد لا بأس به من المصممين المحترفين خصوصاً من الجنسيات الاوروبية والاميركية وهم اخذوا اجازات مفتوحة وبعضهم قرر عدم العودة مجدداً الى الخليج أو السعودية". وأكد المصدر نفسه، الذي طلب عدم ذكر اسمه، ان اعلانات الشوارع في اللوحات الالكترونية ولوحات "الموبي" هي الناجي الوحيد تقريباً خلال فترة الحرب اذ لا يزال الناس يتحركون في الشوارع بكثرة ولا تزال العاصمة الرياض مكتظة بسكانها الذين يراوحون بين 4 و4.5 مليون نسمة كما انه أكد أن الاعلانات على مواقع الانترنت الخاصة بالمنتديات والحوارات لا تزال محافظة على معدلاتها وان تأثرت المواقع الترفيهية أو مواقع الزواج على الشبكة بسبب ضعف الاقبال عليها هذه الايام. وتتفاوت تقديرات حجم السوق الاعلانية السعودية، التي تجاوزت العام قبل الماضي 400 مليون دولار فيما اقتربت العام الماضي من حاجز 500 مليون دولار، باحتساب اعلانات الشركات على الانترنت ودخول شركتين لاعلانات الشوارع على الشاشات الالكترونية لكن السنة الجارية، وتبعا لتطورات الحرب، قد تغير من ارقام النمو في هذه السوق وفقاً لرأي العاملين فيها. ويُعد الانفاق الاعلاني في السعودية الاول على مستوى العالم العربي، ودول الخليج، وهذه الاخيرة يبلغ حجم الانفاق الاعلاني فيها ما يزيد على 1.4 بليون دولار وفقا لاحصاءات رسمية. ويذهب 40 في المئة من الاعلان في الخليج للتلفزيون وفقاً للمؤسسة العربية للبحوث والدراسات "بارك" دراسة عام 2001 وتستحوذ الصحف على 38 في المئة، والمجلات على 17 في المئة. وتختلف السعودية عن باقي دول الخليج في توزيع الحصص الاعلانية التي تقع الصحف في مقدمها كما ان في السعودية موسمين كبيرين للاعلان هما شهر رمضان وموسم الحج، اللذان يشكلان وحدهما اكثر من 40 في المئة من حجم الاعلان الكلي في البلاد.