بررت ليبيا امس قرارها التنازل عن ترسانتها من أسلحة الدمار الشامل بالحاجة الى تنمية اقتصادها ورفع مستوى معيشة المواطنين. وقال شكري غانم امين اللجنة الشعبية العامة رئيس الوزراء ان التقدم الاقتصادي اكثر اهمية من الأسلحة. في المقابل، اعتبرت مصادر بريطانية واميركية ان الجدية التي أظهرها "التحالف" حيال نظام صدام حسين دفعت العقيد معمر القذافي الى اتخاذ قرار نهائي بكشف برامج الأسلحة المحظورة. واكدت ان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لعب دوراً حاسماً في التقاط الفرصة وانضاج الصفقة. ونقلت "رويترز" عن ديبلوماسي غربي في فيينا ان ليبيا ابلغت الأممالمتحدة استعدادها لفتح منشآتها الذرية لعمليات التفتيش المفاجئة في اتفاق يتجاوز المتطلبات الاساسية لمعاهدة حظر الانتشار النووي. ولاحظ خبراء ان عمليات التفتيش تستدعي قيام ليبيا بتوقيع بعض الاتفاقات ما يؤخر بدء التفتيش لفترة اسابيع. وقالت مصادر في العاصمة البريطانية ان تعاون ليبيا في موضوع مكافحة الارهاب سهل التقدم في الملفات الاخرى. واشارت الى ان طرابلس قدمت معلومات عن عناصر من "القاعدة". وفي تفسير رسمي ل"المفاجأة" الليبية قال وزير الدفاع البريطاني جيف هون امس: "أظهرنا الجدية بعد عدم تعاون صدام حسين مع الأممالمتحدة وأتمنى ان تكون ليبيا ودول اخرى قد استوعبت الدرس". وكشف أمس ان بلير أجرى أول مكالمة هاتفية له مع القذافي الخميس الماضي في محاولة لتشجيعه على اعلان تنازله عن أسلحة الدمار الشامل ونبذ أي طموح لتطويرها، وذلك في ختام بضعة أشهر من الديبلوماسية الصامتة والزيارات السرية التي قام بها عدد من خبراء الأسلحة البريطانيين والأميركيين. راجع ص6 وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن بلير تحدث مع القذافي، عبر مترجم خاص، وحثه على الاستجابة لمطالب لندنوواشنطن. وذكرت أن مستشار بلير للأمن القومي السير نايجل شينولد، ومستشارة الرئيس الأميركي للأمن القومي كوندوليزا رايس انهمكا في مفاوضات مركزة طوال الأيام التي سبقت إعلان التنازل الليبي عن الأسلحة مع فريق ليبي برئاسة موسى كوسى مسؤول الاستخبارات وآخرين. فيما كان وزير الخارجية الأميركي كولن باول خلال فترة وجوده الأسبوع الماضي في المستشفى على اتصال مستمر مع نظيره البريطاني جاك سترو في هذا الشأن. وذكرت أن أطرافاً ديبلوماسية دولية وعربية أخرى ساهمت في هذه المفاوضات بينها السفير السعودي لدى واشنطن الأمير بندر بن سلطان ورئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا اللذان لعبا في الماضي دوراً رئيسياً في إنهاء مشكلة لوكربي. ونقلت عن ديبلوماسيين أن واشنطنولندن لاحظتا أن القذافي أبدى رغبة جدية في التفاوض لدرجة أنه عرض جوائز مالية تصل إلى مئة مليون دولار لمن يقنع بوش بإنهاء العقوبات المفروضة على ليبيا. ونقلت عن مسؤول أميركي قوله أن فريق المفتشين الذي زار ليبيا "تمكن من دخول عشرة مواقع، من ضمنها موقع لتخصيب اليورانيوم". وأوضح المسؤول ذاته أن "ليبيا لم تشتر معدات لانتاج أسلحة نووية، لكنها كانت على وشك أن تنتج هي بنفسها هذه المعدات". وأشارت إلى أن المسؤولين في واشنطنولندن يحاولون توفير إجابة على سؤال حول هوية البلد الذي زوّد ليبيا بالأجهزة التي تستعمل في تخصيب اليورانيوم. وقالت أن الخبراء البريطانيين عثروا في المواقع التي زاروها في ليبيا على كميات كبيرة من العناصر الكيماوية والقنابل التي أعدت لملئها بها. وقال مسؤولون أميركيون للصحيفة أن مخاوف تنتاب إدارة الرئيس جورج بوش وحكومة بلير من تراجع القذافي عن إعلان التنازل عن الأسلحة، خصوصاً وأنه فعل ذلك في الماضي بعدما أوفد عام 2001 مبعوثين خاصين إلى أوروبا واعداً بالتنازل عن أسلحته الكيماوية والسماح للمفتشين الدوليين بزيارة ليبيا.