لندن، موسكو، واشنطن، كوبنهاغن - "الحياة" وجهت بغداد أمس ضربة ديبلوماسية جديدة الى الجهود الأميركية - البريطانية لحشد التأييد الداخلي والخارجي لشن حرب على العراق، فبعد ساعات قليلة من عرض رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وثيقة امام مجلس العموم البرلمان لإثبات ضلوع العراق في انتاج أسلحة دمار شامل، أعلن المستشار في الديوان الرئاسي العراقي عامر السعدي في مؤتمر صحافي استعداد بلاده لاستقبال المفتشين الدوليين وتمكينهم من زيارة أي مكان يريدونه، داعياً بلير الى إحالة ملفه على اللجنة الدولية للتفتيش. ورحبت الولاياتالمتحدة بالوثيقة البريطانية واعتبرت ما جاء فيها "يثير الرعب"، وقال الرئيس جورج بوش انه معجب برغبة بلير في "قول الحقيقة"، وبرر عدم وجود أدلة ملموسة في الوثيقة بأن رئيس الوزراء البريطاني: "لا يريد كشف مصادر المعلومات الحساسة". وشكك خبراء أسلحة معروفون بصدقية ما عرضه بلير واعتبروه مجرد تنظيم لمعلومات قديمة. وأعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك ان اثبات امتلاك العراق أسلحة دمار يعود الى المفتشين الدوليين وحدهم. ووصل مساء إلى لندن المستشار الالماني غيرهارد شرودر في زيارة رسمية للبحث في الملف العراقي. وأكدت الوثيقة البريطانية المؤلفة من 50 صفحة ونشرت قبل ثلاث ساعات من مناقشة البرلمان البريطاني الموقف من الحرب على العراق، أن باستطاعة بغداد انتاج سلاح نووي خلال عام او عامين، اذا تمكنت من الحصول على مواد انشطارية من الخارج، وخلال خمس سنوات من دون مساعدة. وأوضحت أن بغداد حاولت الحصول من افريقيا على كميات كبيرة من اليورانيوم لا يبررها اي برنامج نووي مدني. واعتبرت أن بعض اسلحة العراق البيولوجية والكيماوية يمكن اعداده خلال 45 دقيقة. وأن العراق اقام موقع تجارب جديداً لانتاج صواريخ يزيد مداها عن الف كيلومتر يمكن ان تكون جاهزة للاستخدام خلال خمس سنوات، وأن هذه الصواريخ قادرة على ضرب السعودية وايران واسرائيل والمنشآت العسكرية البريطانية في قبرص او بعض الدول الاعضاء في حلف شمال الاطلسي مثل اليونان وتركيا. وأوضحت أن العراق مول برنامجه العسكري جزئياً بعائدات مقايضة وتهريب عملات في زيادة مستمرة منذ 1998 وبلغت حوالى 3 بلايين دولار العام الماضي. وسارعت واشنطن الى تأييد الملف، وأعلن الرئيس بوش انه معجب برغبة بلير في "قول الحقيقة حيال العراق. انه مستمر في السعي لاثبات ان صدام حسين تهديد للسلام ... وانا ايضا". وعلق على اسئلة عن عدم وجود ادلة ملموسة كافية في الوثيقة البريطانية بقوله إن بلير "لم يقدم عناصر محددة لأنه لا يريد كشف مصادر المعلومات الحساسة وطرق الحصول عليها". ووصف الناطق باسم البيت الابيض آري فلايشر الملف بأنه "يثير الخوف"، خصوصا تأكيده ان "هناك نافذة من 45 دقيقة امام العراق كي يستعمل اسلحة بيولوجية وكيماوية". وقال المستشار في ديوان الرئاسة العراقية عامر السعدي أن المفتشين الدوليين "يستطيعون الوصول الى كل المواقع التي يريدون زيارتها بما في ذلك تلك التي اشار اليها تقرير بلير". وتجمع امس متظاهرون قرب مبنى البرلمان البريطاني اثناء مناقشة موضوع العراق ورددوا هتافات منها "أعطوا السلام فرصة". واعتبر النائب العمالي المعارض لضرب العراق جورج غالاواي إن الملف "من نسج خيال اجهزة الاستخبارات البريطانية". وفي موسكو، أكد وزير الخارجية الأميركي كولن باول ان واشنطن "ستأخذ في الاعتبار مصالح روسيا الاقتصادية في العراق". وقال ان العلاقات الاميركية - الروسية وصلت الى مستوى يمكّن الطرفين من تجاوز أي خلافات أو عقبات تعترضهما. واعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف في مدريد موافقته على "إمكان استخدام القوة، ولكن قطعاً يجب أن تسبق هذا الحل مشاورات دولية وأن يحظى باجماع في مجلس الامن والاسرة الدولية".