عاد مدير "مركز ابن خلدون" الدكتور سعد الدين إبراهيم الى دائرة الجدل السياسي في مصر، لكن مجرداً من أسلحة عدة كانت ساندته في محنته السابقة إبان محاكمته وإدانته، قبل تبرئته نهائياً أمام محكمة النقض. ويواجه ابراهيم محنة "أزمة المنحة" التي يبحث الكونغرس في اعتمادها لدعم نشاط مركزه، وتردد أنها ستكون خصماً من تلك المساعدات المقررة سنوياً لمصر، لتخرج المشكلة من دوائر صانعي القرار والنخبة الى الرأي العام الذي زاد اهتمامه أخيراً بملف المعونة الأميركية بعدما تعالت الأصوات ضجراً من كثرة الضغوط التي تمارسها الولاياتالمتحدة على مصر في هذا الشأن. ويفسر حرج الموقف اتساع نطاق الاستقالات من مجلس أمناء المركز وتجاوزها اسماء الدكتور مصطفى الفقي والدكتور احمد كمال ابو المجد والدكتور عبدالمنعم سعيد، الى رئيس لجنة التعليم في البرلمان الدكتور حسام بدراوي ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد منير فخري عبدالنور، الذين انضموا الى قافلة الاستقالات بعدما دافعوا عن نزاهة مواقف إبراهيم وأفكاره قبل عامين أمام القضاء. وأرجع هؤلاء قرارهم ليس الى تلقي ابراهيم منحة من الولاياتالمتحدة وانما الى تصاعد خطابه المطالب اميركا باستخدام المعونة المقدمة سنوياً لمصر في الضغط عليها من أجل تحقيق ما يراه إصلاحاً سياسياً وتغييراً للأوضاع الداخلية، كما قال الفقي الذي اعتبر أيضاً ان هذا التطور يمثل دعوة الى التدخل في الشؤون الداخلية وهو ما يرفضه المصريون. وإذا كان بعضهم اكتفى بالاحتجاج السياسي عبر الاستقالات، إلا أن بعضهم الآخر ذهب الى القضاء مطالباً بمحاكمة ابراهيم عبر بلاغ قدمه رئيس تحرير صحيفة "الاسبوع" مصطفى بكري الذي اتهمه ب"تحريض دولة أجنبية على تغيير نظام الحكم في مصر ولو بالقوة"، وذلك في إجراء غير مسبوق. ووسط هذا الاجراء تلقى ابراهيم مساندة غير مباشرة في رسالة وجهها سفير مصر لدى واشنطن السيد أشرف فهمي الى الكاتب سلامة أحمد سلامة في صحيفة "الاهرام" نفى فيها وجود نية أو قرار أميركي بتخصيص مليوني دولار لدعم نشاط "مركز ابن خلدون" خصماً من المعونة المقدمة الى مصر، وإنما، كما قال، خصماً من الموازنة المقررة للمساعدات الخارجية الاميركية. لكن هذه المساندة الرسمية لمدير "مركز ابن خلدون" وإن كانت اقتصرت على ابرائه من تهمة اقتطاع أموال لنفسه من المخصصات الممنوحة للدولة المصرية، فإنها لم تنجح في ابرائه من مشكلته الحقيقية مع الرأي العام والمتمثلة في دعوته الى استخدام المعونة سلاحاً سياسياً والربط بينها وبين القضايا الداخلية.