تعددت المنظمات والرابطات والاتحادات الطالبية في الكليات والمعاهد العراقية، وتنوعت اهدافها وتوجهاتها الفكرية. بعضها اخذ يصدر قرارات بمنع تداول المنشورات او المطبوعات داخل الحرم الجامعي، أو يحرّم العمل السياسي فيها. بعضها الآخر ذو توجه ديني وهي المنظمات الاكثر رواجاً وشعبية بين اوساط الطلبة، اضافة الى منظمات ذات توجه علماني معتدل، يشجع على توفير مناخ الحرية والديموقراطية للطالب كي يصبح متاحاً له ممارسة اي نشاط، سياسياً كان ام ثقافياً، شرط الا يؤثر في تحصيله العلمي. وكان عدد من طلبة الجامعات العراقية احتج على القرار الذي اصدره "اتحاد طلبة العراق الموقت" الذي فرض حصول موافقته المسبقة على اي منشور او ملصق يوزع في الجامعات العراقية، مهما كان نوع المنشور. وقرر الاتحاد "تنبيه" الطالب الذي لا يلتزم بهذه الامور وفرض غرامة مالية بحق من يكرر المخالفة. واعتبر الطلبة هذا القرار "تجاوزاً للديموقراطية والحرية في العراق الجديد بعد ان زال الخوف والارهاب من صدور الطلبة بسقوط النظام السابق". ويرى الطالب في قسم علوم الحياة في كلية العلوم في جامعة بغداد حسين كاظم، ان "القرار يعبر عن نهج بيروقراطي ويحد من الحرية التي يجب ان يتمتع بها الطلبة داخل الحرم الجامعي بعد ان ولى العهد البائد، ويجب ان يترك الطالب على حريته في ممارسة الأنشطة السياسية والإجتماعية والثقافية". وكانت المنظمة الطالبية في عهد صدام تقول إنها ترعى الممارسة الديموقراطية، عبر "الجدار الحر" وهو مساحة مخصصة ليكتب عليها الطلبة في الجامعات ما يرونه من تجاوزات على حقوقهم وافكارهم. غير ان اللافت في الامر ان هذه المساحة تحولت أخيراً الى مكان لكتابة التهاني الى صدام ونجله عدي الذي كان رئيس "الإتحاد الوطني لطلبة العراق" بمناسبة عيد ميلاد الأول وسلامة الثاني من محاولة اغتياله. وترى بعض الاوساط الطالبية اهمية الإنسجام بين حق التعبير وممارسة المعتقد داخل الجامعة، والتحصيل الإكاديمي. ويقول الطالب في كلية الهندسة في جامعة بغداد مصطفى عمر: "من المهم جداً ان يختلط العمل السياسي بالهدف الاساسي الذي يسعى من اجله جميع الطلبة وهو التحصيل العلمي. واعتقد أن العمل السياسي داخل الحرم الجامعي يجب ان يكون على نطاق ضيق، ولكن في الوقت نفسه من دون مصادرة حقوق الآخرين". ويؤكد الطلبة على اختلاف توجهاتهم الفكرية حق التعاطي في السياسة داخل الحرم الجامعي. ويقول اياد جبار، وهو طالب في كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد: "العمل السياسي مهم لكل فرد من افراد المجتمع، فممارسته تتيح للأشخاص معرفة ما يدور حولهم، واين موقعهم من حركة العالم، إضافة الى ان الطلبة هم الشريحة الاكثر حماسة لممارسة العمل السياسي، ونحن ضد اي قرار يصدره اي اتحاد او منظمة او رابطة او حتى الوزارة، ويصادر حقوق الطلبة في ممارسة ما يرغبون من نشاطات داخل الحرم الجامعي او خارجه". اما اساتذة الجامعات العراقية فغالبيتهم لم تكن مؤيدة لممارسة العمل السياسي داخل الحرم الجامعي، ويطالبون ب"نقاء" الدرس الأكاديمي وابعاده من التأثيرات السياسية والفكرية. ويقول استاذ علم النفس في كلية الآداب في جامعة بغداد كامل الزبيدي: "لا يمكن ان يجمع الطالب بين العلم والعمل السياسي داخل الحرم الجامعي". ويضيف: "نحن لا نقيد الطلبة او نفرض عليهم عدم ممارسة العمل السياسي ولكن يجب ان يكون تعبيرهم الفكري بعيداً من الحرم الجامعي". ويلفت الى ان "الطالب العراقي يتمتع اليوم بحرية ممارسة السياسة على عكس ما كان عليه الوضع في عهد النظام البائد، غير ان هذه الحرية ليست بالضرورة مبرراً لإنهاء تقاليد ثابتة منها قدسية العلم والمعرفة داخل الجامعة". والمفارقة في حال استاذ الإعلام في جامعة بغداد الدكتور علي الشمري انه مصر على ابعاد السياسة عن الجامعة، فيما كان الى حين قريب يطبق في مفردات درسه الجامعي مفاهيم "البعث" المنحل وافكار "القائد الضرورة"، لا سيما ان الدراسة في كلية الإعلام كانت حكراً على من يزكيهم الحزب، وممن لا يشك في ولائهم. ويقول الشمري: "من الضروري عدم الخلط بين العمل السياسي والعلم في الكليات من قبل الطلبة لأن ذلك يخلق ازدواجية خطرة في علاقات الطلبة فيما بينهم، إضافة الى علاقة الطالب بالاستاذ داخل الحرم الجامعي. فللطالب الحق في ممارسة اي نشاط داخل الحرم الجامعي او خارجه شرط الا يؤثر هذا النشاط في الرسالة العلمية". وتؤكد الأوساط الحكومية العراقية ممثلة بوزارة التعليم حق الطلبة ممارسة معتقداتهم السياسية والتعبير عنها داخل الحرم الجامعي. ويقول رئيس جهاز الإشراف والتطوير في وزارة التعليم العالي والمسؤول عن اتحادات الطلبة في الجامعات الدكتور عبدالرحمن حامد الحسيني، إن "هناك نحو 33 رابطة ومنظمة طالبية، وهو مؤشر ايجابي على اعطاء الحرية للطلبة في تكوين تجمعات مهنية وفكرية وثقافية"، مشيراً الى وجود "اتحادات ذات طابع ديني صرف واخرى ذات طابع علماني ولم تمنع الوزارة احداً من مزاولة نشاطه حتى هذه اللحظة، وذلك في أفق اجراء انتخابات شاملة لتأسيس اتحاد طلبة موحد يضم كل طلبة العراق ويكون منتخباً من قبلهم".