على رغم تأكيد "الاتحاد الوطني لطلبة العراق" - المنظمة الطالبية الوحيدة التي يحق لها العمل بين طلاب المراحل المتوسطة والاعدادية والجامعية - على ان "الجدار الحر" ممارسة ديموقراطية يتمكن من خلالها طلاب الجامعات العراقية التعبير عن آرائهم وقضاياهم الدراسية والمهنية والفكرية والأدبية الا ان "الجدران الحرة" ظلت فارغة عموماً ولم يتقدم الكثير من الطلاب لكتابة تعليقات كانت غالباً ما تتعلق بمشكلات دراسية مع ادارة الجامعة أو اجراءات يتخذها بعض الاساتذة يرى فيها الطلاب عائقاً أمامهم. نكوص طلاب الجامعات العراقية عن "جوارهم الحر" عائد لأسباب كثيرة منها عدم ايمانهم بالحلول التي يوفرها "الاتحاد الوطني لطلبة العراق" أو عمداء الكليات، وبعضها عائد للخوف من اجراءات تتخذ بحق من يكتب على "الجدار الحر" وهو ما ينوه اليه رئيس اللجنة الاتحادية في كلية الآداب في جامعة بغداد عمار كامل عباس الذي يصرح لصحيفة "الثورة" العراقية فيقول: "اغلب الطلاب لديه رادع قوي يمنعه من كتابة مشكلته لأنه يعتقد ان ذلك سينعكس عليه سلباً". وإذ يقارب الطلاب مواضيع من نوع التمييز الذي يتعرض اليه بعضهم في دراسة مادة معينة أو ابعادهم عن لائحة المقبولين بالدراسات العليا أو الحال الرديء للاقسام الداخلية التي تؤوي طلاب المدن البعيدة من مركز الجامعة فإن ذلك بحسب رئيس "الاتحاد الوطني" في كلية التربية في جامعة بغداد عطا الله الخزرجي استفتاء على ان "الجدار الحر حال حضارية مهمة مثيل لها في الدول المجاورة" مؤكداً "ان عرض القضايا الطالبية على "الجدار الحر" حسم "أموراً كثيرة وفق العدل والانصاف". من جهتها تقول ادارات الجامعات العراقية انها تعنى بما يطرحه الطلاب على "الجدار الحر" حتى وان كانت الشكوى لا تحمل اسماً يدل على صاحبها وهو ما يشير اليه عميد كلية الآداب في جامعة بغداد الدكتور يوسف يحيى بقوله: "الجدار الحر هو مكرمة من القائد لابداء وجهات النظر في شكل متزن، فالملاحظات الايجابية يتم التنويه عنها. أما الملاحظات السلبية فيتم التقصي عنها حتى وان لم يذكر الاسم من قبل الطالب المتضرر. فنواجه المشتكى عليه ونطرح امامه المشكلة ونتخذ بحقه الاجراء المناسب في حال كونه مقصراً ولو تأكدنا من صدقية الشكوى فإن معرفة الاسم تبقى ضرورية عند العمادة و"الاتحاد الوطني" مع حق الطالب في اخفاء اسمه لضمان عدم اضمار السوء له". ويلجأ طلاب الجامعات العراقية الى توجيه شكاواهم الى عدي صدام حسين بوصفه رئيس "الاتحاد الوطني لطلبة العراق" ولضمان أكبر قدر من الاهتمام بما يطرحون من قضايا، فالخطاب الموجه الى النجل الاكبر للرئيس العراقي يلزم الجميع اهتماماً استثنائياً ولو عرف عدي بقضية كانت عرضت عليه واخفاها عنه طرف أو جهة فلها الويل والثبور. وفي هذا الصدد تعرض صحيفة "صوت الطلبة" الأسبوعية في صفحتها الثانية عادة ردود جهات حكومية ووزارات على قضايا كان الطلاب كتبوها على "الجدار الحر" مناشدين عدي التدخل لحلها وانصافهم فيها. ويختار طلاب الجامعات أوصاف "حضرة الاستاذ الفاضل" و"مقام السيد رئىس الاتحاد الوطني لطلبة العراق" و"الاستاذ الفاضل رئيس اللجنة الأولمبية" و"الدكتور الفاضل" حين يكتبون قضايا تتعلق بيوميات الحياة الدراسية في الجامعات وحتى تعليقات سياسية واخرى خاصة تتعلق بحال عدي ومنها كتابات التهاني بسلامته السنوية لنجاته من محاولة اغتياله التي تعرض لها في أواخر عام 1996. واللافت ان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حين ترد على شكاوى الطلاب تخاطب "الاتحاد الوطني لطلبة العراق" محاولة نفي وجود ما يبرر الشكوى وان صاحبها غالباً ما يكون "غير واعٍ" للقرارات الرسمية أو انه ينطلق من "مؤشرات شخصية ضيقة" على رغم تأكيدها انها "تحترم ما يكتب على الجدار الحر تعميقاً لممارسات الديموقراطية وقيمها"، الا ان "الاتحاد الوطني" غالباً ما يوجه النقد الحاد لأجهزة الوزارة متهماً اياها بضيق الأفق وانها لا تؤمن بالحوار الديموقراطي. اساتذة الجامعات الذين تستهدفهم معظم كتابات الطلاب على "الجدار الحر" يحاولون الخروج من محنة السؤال التي قد يتعرضون لها أمام أجهزة عدي صدام حسين الطالبية فيقولون ان "بعض الأساتذة يخلط بين مشاكله الشخصية وطريقة تعامله مع الطلاب فيشدد حزمه معهم ما ينعكس سلباً على نتائج الامتحانات الفصلية أو النهائية" مؤكدين انهم يتقبلون شكوى الطلاب ضدهم فتقول الاستاذة في كلية الآداب: "لا أمانع من ان يشتكي أي طالب ضدي فقد أكون اخطأت بحقه ولعلي لم أقصد ذلك. ومن الجيد ان ينبه الانسان الى خطئه ومن المحتمل ان يكون الطالب قد حمّل الأمر اكثر مما يستحق فالكثير من الطلاب يأخذون الأمور بحساسية كبيرة". هناك من الطلاب في الجامعات العراقية من يشكو "ابتزاز الاساتذة" مؤكدين ان بعض الأساتذة يتشدد في درجات النجاح لكل من لا يدفع مالاً من الطلاب. وهذا رأي يفتح ملفاً ما زال من ابرز ملفات التعليم الجامعي في العراق حالياً وهو ملف الأجور المنخفضة لأساتذة الجامعات والتي تتراوح من 10 الى 15 الف دينار 5-5.7 دولار" شهرياً.