رمضان في اليمن ذو نكهة خاصة... نهاره سكون وصمت وخمول، وليله صخب وحلوى وسهر وقات. فاليمنيون يتفننون في الاستمتاع بهذا الشهر الذي ينتظرونه طوال العام. ويتحول الليل الرمضاني في اليمن إلى سيمفونية صاخبة بحركة التسوق والتجول في الشوارع، ويقضي معظم اليمنيين ليلهم في تخزين القات الذي يتضاعف استهلاكه في رمضان ثلاثة أضعاف الكميات المستهلكة في الأوقات العادية. ومع بداية رمضان تشهد المدن اليمنية حالة إنقلاب في الأمزجة والطقوس، ولا مفر أمام الشباب من تدبر أمرهم في استغلال الوقت بحسب اتجاهاتهم ورغباتهم. قطاع واسع من الشباب يحبذ البقاء في المساجد وتلاوة القرآن والمواظبة على صلاة التراويح وهؤلاء يرفضون تماماً الاهتمام ببرامج التلفزيون ومتابعة المسلسلات أو حتى المشاركة في جلسات السمر الرمضانية. اما البعض الآخر فيفضل النوم والاسترخاء في المنزل حتى آذان المغرب فيبدأ مشوار مضغ القات في جلسات تضم الأصدقاء والجيران حتى اقتراب وقت السحور. بعض الشباب والفتيات يرتادون المقاهي والمطاعم الراقية في شارع جدة في صنعاء للتسلية والترفيه، وبعضهم يكتفي بالتجول في هذا الشارع، وهناك من يفضل الذهاب الى مقاهي الإنترنت في الشارع الدائري بعد صلاة العشاء، فيما يتجمع آخرون في ميدان التحرير في وسط العاصمة للعب كرة القدم أثناء الليل. وهناك من يذهب الى الكازينوات لتدخين الشيشة مع الزملاء والأصدقاء، أو يذهبون الى المراكز والنوادي الرياضية لممارسة رياضات التنس وكرة السلة والكرة الطائرة والبلياردو، وفي كثير من الأحيان تجد الشباب القاطنين في حارة واحدة قد نصبوا شبكة وأقاموا ملعباً للتنس أو لكرة القدم لممارسة هوايتهم الرمضانية. ويقول علي محمد الفرح 23 عاماً طالب في كلية الهندسة في جامعة صنعاء إنه يذهب الى عمله بعد انتهاء دوام الجامعة ثم ينهي دروسه في السكن الجامعي بعد صلاة العصر والمغرب. ويتناول علي القات بعد صلاة العشاء أثناء فترة العمل، خصوصاً اذا كان يتطلب مجهوداً. ويضيف أن الشباب يخرجون للتنزه والترويح عن أنفسهم في ليل رمضان بدءاً من الساعة الثامنة مساء وحتى الواحدة ليلاً، وبعض الشباب يسهر لساعات أطول في المقاهي والمطاعم. وبعضهم يذهب الى محلات الإنترنت للدخول الى مواقع الشات من طريق الستالايت، وهي تجلب مواقع محظورة بعيدة من سيطرة الجهات المعنية. وتقام في رمضان مهرجانات رياضية تمارس فيها ألعاب التنس والشطرنج والكرة الطائرة وذلك في المراكز الرياضية في جامعة صنعاء ، والنوادي الصغيرة، والحارات أيضاً، ويشارك فيها طلاب وطالبات المدارس والجامعات. أما جلسات التفرطة النسائية التي تجمع الفتيات والنساء للسمر وتبادل الأحاديث وتناول القات وتدخين المداعة الشيشة فتبدأ في رمضان في العاشرة مساء وتمتد حتى الواحدة ليلاً. وتقول فاطمة 17 عاماً إن مشاركتها اليومية في هذه المجالس لا تسلم من انتقادات الأقارب، على رغم من أنها تعلمت التخزين والذهاب إلى المقيل من أمها وأبيها. وتضيف أنها تقيم جلساتها مع صديقاتها ثلاث مرات فقط في الأسبوع ما لم تكن هناك "خيانة" من أعضاء المجلس. وتعتقد سميرة السامعي، طالبة جامعية، التي تحرص على أن تحضر مثل هذه المجالس، بأن النساء اللاتي تجمعها بهن مجالس القات مثقفات ومستنيرات، فيتبادلن المعارف الثقافية. ويشير عاصم فيصل 22 عاماً، صاحب محل انترنت، الى الإقبال المتزايد للشباب على مقاهي الإنترنت في رمضان منذ صلاة العصر وحتى قبل صلاة المغرب، وبعد الإفطار للدخول الى مواقع الدردشة، أما الفتيات فيذهبن الى هذه المقاهي أثناء الليل. ويؤكد عاصم أن قرار وزارة المواصلات في اليمن بإزالة الحواجز بين أجهزة الكومبيوتر، وأن تكون الشاشات باتجاه الخارج أثّر على إقبال الشباب لفترة محدودة فقط وأصبح الأمر عادياً بعد ذلك. وترى حنان محمد 21 عاماً، وهي طالبة في قسم برمجة الكومبيوتر في أحد المعاهد الخاصة، أن الزيارات الأسرية والاجتماعية وخروج النساء الى الأسواق للتبضع تكثر في رمضان أكثر من أي شهر آخر، منذ التاسعة مساء، وبعض الفتيات تعودن تدخين الشيشة وبخاصة في هذا الشهر . وتقول إنها تذهب دائماً الى مقهى الإنترنت منذ العاشرة مساء وحتى الثانية عشرة ليلاً، لأنه مجال عملها على رغم أن لديها جهازاً موصولاً بالشبكة في منزلها. ويذهب محمد أبو بكر، 18 عاماً، طالب في معهد خاص للغة الإنكليزية، الى شارع جمال في صنعاء للتجول، ويتناول القات إما في المنزل وإما في الاستراحة وهي مكان يتجمع فيه الأصدقاء والأصحاب. ويهوى محمد لعبة البلاي ستيشن، وتدخين الشيشة في رمضان. ويشترك عمر سعيد، 18 عاماً، طالب، في مسابقات كرة القدم الرمضانية، ويخرج يومياً مع زملائه للتنزه بعد صلاة العشاء. ويسهر عبد القادر أمين، 17 عاماً، طالب من الصومال، لساعات طويلة حتى صلاة الفجر، ويتناول القات يوم الخميس فقط، ولكنه يلعب البلياردو ويدخن الشيشة ويتجول في الأسواق دائماً في شهر رمضان.